"عند و"ما"..

 

هلال بن سالم الزيدي

ثمَّة هاجس يدور في المعمعة.. فيقتفي أثر المطمعة، ليكون جسد إمِّعة، حتى يصل إلى مبتغاه فيجد نفسه وحيدًا ولا أحد معه.. لأنّه كان يعتمد على نظره دون مسمعه.. وبالتالي ستُصبح الحصيلة مُجرد جعجعة والطِّحنُ طار في الهواء ولم يستطع أن يجمعه.. وهنا نكتشف بأنَّ شيئاً خلف الأكمة، لأنّه لقي حتف نفسه دون أن نحتاج إلى تفسير أو ترجمة.. لذلك جاءت (عندما) تسعى من بين أكوام الأحداث لتبقى.. فكّونت أيقونة من النثر يُقرأُ ليرقى، أو ربما يمزّق وفي "المزابل" يُلقى.. ولكل تقديره بحسب نفسه وما تهوى.. إذاً هو هاجس ولا حديث يُفترى، ولا يُمكن أن يكون وحياً يوحى.. مُجرد اجتهاد يبحث عن مسار وبقعة بها يؤى. 

عندما يعترف (الإنسان) بالتقصير في حق وطنه أو مجتمعه أو مؤسسته أو منصبه أو مسؤوليته، فحقاً سترتفع مكانته، وتعلو هامته، وسيجد من يُساهم معه في حمل  العبء، وبالتالي سيبحث عن طرق لسد هذا التقصير، في المُقابل عندما يتجلى عنفوان التعصب للرأي في الشخصية الإنسانية فتلك علامة تغييب حقوق الآخرين عند المسؤول الذي جاء لمصلحة ذاتية وتغطية النقص الاجتماعي في شخصيته الذي يخالجه عندما يرى النجاح ولا يستطيع أن يفرق بين صالح وطالح.

***

عندما يكون المسؤول قابعاً في مكتبه لا يرى إلا المساحة الفارغة من الكأس فتلك مصيبة في نفسه، وعليه؛ فهو بحاجة إلى طبيب نفسي يعالجه من حب الذات التي لا تنتج إلا العراقيل لدى الطامحين إلى النجاح والاستقلالية، وفي الاتِّجاه المُقابل عندما يتّبع المسؤول سياسة الأبواب المفتوحة بالتأكيد ستُفتح هوامش ومتون الحوار.

***

عندما يقطع المسؤول الأكبر على المسؤول الأصغر هواء القرار لأبسط الأمور واتفهها فتلك عملية منظمة يمارس عليها سلطته ويفرض سيطرته التي تغتال أحلام الكثيرين من الذين لا يعرفهم ولا له معهم مصلحة.. وهنا نقول على النجاح السلام.. ولكن عندما تتكامل بنية اتخاذ القرار بحسب الانتماءات التخصصية فهنا بداية لفهم الرسالة وتحقيق الرؤية المرسومة.

***

عندما يغيب المنطق يرتفع الصراخ ويكثر المثرثرون فثمة فساد ينخر في جسد المؤسسة.. وعندما يُعزى النجاح لأصحاب (الإنحناءات)  فتلك استجداءات يتغنى بها (المسؤول) الفارغ من المعرفة بأصول المسؤولية، والنظرة لديه لا تتجاوز عتبة أنفه المزكمة بحب التبجيل لأنها غنية ببروتينات "الأنا".. وفي الاتجاه الآخر عندما يحضر المنطق ستكون الوجهة منطقية لأصحاب الفكر الواقعي بعيداً عن الغث الذي يبجل الشكل لا المضمون.

***

عندما يكثر المثرثرين فإنّ مُخاطبتهم تكون عبر إشباع نهم المعدة.. وهي إستراتيجية إسكات وتخدير لأبسط  الحقوق.. فهنا لا صوت يعلو فوق صوت المعدة.. والأذكياء (المرتزقة) هم من يطبقون هذه القاعدة... أما النقيض فيكون في حالة استقصاء لأنّه لا يستجدي بالثرثرة لينال حقه.

***

عندما يسبق الاسم لقبٌ من الألقاب الدنيوية فإنّ التغيير الجذري لشخصية اللقب واقع لا محالة.. (وهذا ليس في عموم القول) لأنّ الشخصية لم تستطع فعل شيء قبل اللقب إلا التسلق على أكتاف الآخرين... وبالتالي يكون اللقب سلماً يرتقي به صاحبه إلى اللا ممكن.. فكل شيء جائز له.. وكل قانون كاسر لأمواجه.. سبحان الله هذه هي قوة اللقب.. وهناك لقب تسامى في عطائه فكان بلورا ناصعاً يشع من العلم والعمل في كل الأنحاء فهي "فروقات بشرية".

***

عندما تموج الأفكار في بحر من ظلمات فإنّ قدرها ونتاجها سيكون حالكاً وتفوح منه رائحة النتانة.. وهذا حال يجتمع فيه ثُلة من أصحاب (صوت بلا فعل) وهم كثيرون في ساحة هذا الزمن ليقودوا زمام المبادرة، وتوزيع المؤن بالمصالح والمطامع.

***

عندما يشتكي المظلوم من مظلمة الظالم في (قاعة أو مجلس) يحضرها ويُديرها جمعٌ من الظّلام .. فلا جدوى ولا فائدة .. لأنَّ الرؤية منعدمة فالدائرة ستدور على المظلوم وتكون له مذلة.. فالشكوى لغير الله مذلة قول صادق وحقيقة تتجسد في كل بقعة.

***

عندما يكون الفرد رقيباً للآخر وواشياً به.. فتلك هي قمة الفشل التي يبني عليها المسؤول سيطرته على الآخرين.. وعندما يعشش الخوف والهلع فلا يستطيع المغلوب على أمره أن يفرق بين من معه؟ ومن ضده؟ فقط يحتسب ويصمت.

***

عندما تسند المطالب إلى لجنة .. فتأكد بأنّها بداية حبكة الرفض التي تبدأ خيوطها في التشكل وفق مقاييس ( ليس لنا صلاحية بالبت في الموضوع) فتذهب القضية أدراجها حتى يختفي أثرها ليكون الناتج "ممسوخا" لا فائدة منه.  

 

 

همسة :

قال الشاعر أحمد مطر:"يَدرجُ النَّملُ إلى الشُّغْلِ.. بِخُطْواتٍ دؤوبَة.. مُخلصَ النِّيةِ ..لا يَعملُ درءاً لعقابٍ أو لتحصيلِ مَثوبَة..جاهِداً يَحفرُ في صُمِّ الجَلاميدِ دُروبَهْ.. وَهْوَ يَبني بَيتَهُ شِبراً فَشِبراً فإذا لاحَ لَهُ نَقصٌ مضى يُصِلحُ في الحالِ عُيوبَهْ .. وَبصبرٍ يَجمعُ الزّادَ.. ولو زادَ عليه الثِّقْلُ ما أوهى وُثوبَهْ"

 

                      

abuzaidi2007@hotmail.com