الأزمة اليمنية.. وطول الأمد

 

على بن بدر البوسعيدي

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يطول أمد الأزمة اليمنية لأكثر من خمس سنوات؛ حيث بدأت الأزمة تلوح في أفق أرض حضارة سبأ بعد اندلاع ثورة الشباب اليمني ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي ترك السلطة في أوائل عام 2012 كجزء من اتفاق بوساطة بين السلطة الحاكمة، وجماعات المعارضة، بقيادة نائبه حينها عبد ربه منصور هادي؛ وإلى الآن مازالت الأزمة تراوح مكانها، لاسيما وأنّ قوات "التحالف" برئاسة المملكة العربية السعودية لم تحرز تقدمًا ملموسا يفضي إلى انقشاع الأزمة؛ مع العلم أنها - أي التحالف- كانت تضع في حسبانها أنّ المدة لن تتجاوز أشهرًا معدودة، لتطول المدة، وتصبح القضية شائكة، ويمتد أثرها على دول الجوار الإقليمي والشرق الأوسط كله..

إنّ أكثر ما يوجع في حروبنا العربية أنّ القتال فيها لا يدور بين أبناء الوطن وعدو قادم من الخارج؛ بل يدور رحاها بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد واللسان العربي الواحد.. ولعل هذا نتاج لما أصاب الأمة من اختلاف وشقاق ووهن.

كنا نضع آمالا عريضة على مباحثات الكويت والتي بادرت مشكورة في جمع أطراف الصراع على طاولة واحدة بعد فشل مباحثات جنيف، ومازلنا نأمل في أن تنجح خارطة الحل الأخيرة التي أعلن عنها "جون كيري" بعد الاتفاق بين وزراء خارجية دول الخليج العربي وأمريكا وبريطانيا، وأن تراوح الأزمة خانة الجمود والتعنت بتقديم الأطراف بعض التنازلات من أجل المصلحة الوطنية اليمنية، والحل السياسي الشامل؛ فاستمرار الحرب يستنزف مقدرات اليمن السعيد البشرية والمادية والطبيعية..

لقد بذلت السلطنة ومازالت جهودا مقدرة في رأب الصدع بين الأطراف اليمنية، وتسعى بفضل حياديّتها ودبلوماسيتها الحكيمة وعلى رأسها صاحب الجلالة – أيده الله-؛ لحث الأطراف على الجلوس إلى طاولة الحوار بصورة جدية، فمن حق إخوتنا والشعب اليمني الشقيق أن ينعم بالسلام والطمأنينة، وأن يقرر مصير مستقبله وفق رؤى تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

ولأنّ إ رادة الشعوب هي ما تنتصر دومًا فستفرض إرادة اليمنيين السلام، وستغدو الوحدة اليمنية واقعًا معاشًا؛ فقط على الأطراف المتنافرة أن تتحلى بروح المسؤولية الوطنية، وألا تكون مخلب قط يمزق جسد الداخل اليمني، وأن تسعى جاهدة لوقف الحرب الطاحنة، والخروج بالبلاد إلى بر السلام والأمان، واستعادة اليمن السعيد لمجده وحضارته الضاربة في القدم.