تهويد الأقصى.. والصمت المريب


علي بن بدر البوسعيدي
تمر علينا هذه الأيام الذكرى الـ 47 لإحراق المسجد الأقصى، وحال الأرض السليبة يراوح في مكانه، فمازال صمت العرب والمسلمين وكل الإنسانية على ممارسات العدو الصهيوني وهو ينكل يوميًا بأبناء الشعب الفلسطيني، مازال مطبقا، اللهم إلا من بعض القرارات وعبارات التنديد والشجب الضعيفة، التي لا تساوي الحبر الذي كتب بها.. ومازال مسلسل التشريد ومشاهد آلة القتل الإسرائيلية وهي تحصد أرواح الفلسطينيين تتكرر يوميا؛ ودون أن نحرك أدنى ساكن.
 نصحو كل يوم ونحن نتساءل عن موعد تحرير الأرض السليبة.. نتساءل عن ردود الفعل العربية والإسلاميّة، ودور المنظمات الإسلامية التي قامت من أجل القدس.. نتساءل عن الصمت العالمي المريب إزاء مضي الكيان الصهيوني في غيّه بتنفيذ مخططاته لتهويد مدينة القدس، ومحاولاته الدائمة لإزالة المسجد الأقصى، وغطرسته المتكررة تعبث في كل شيء، المقدسات.. التاريخ.. الجغرافيا.. الأرض؛ فالمستوطنات الإسرائيلية تنشأ نهارا جهارا، والأراضي تؤخذ عنوة من أصحابها الفلسطينيين تحت ذريعة المصادرة مرة؛ والتآمر على أمن إسرائيل أحايين أخرى..
للأسف الشديد تناسينا فلسطين العروبة، وبيت المقدس، ولم تعد القضيّة الفلسطينية في عالم اليوم قضيّة العرب المركزية الأولى، فقد انشغل العرب – بفعل فاعل- بصراعاتهم الداخلية، كما هو حادث الآن في سوريا والعراق واليمن السعيد؛ بل حتى الدول التي كانت مستقرة وآمنة تمّ شغلها بالصراعات الحزبية أو الطائفية أو بعبع الإرهاب؛ فكل الجيوب الملتهبة في الشرق الأوسط لا سيما نزاعات الوطن العربي تفضي إلى نتيجة واحدة تصب في مصلحة إسرائيل التي صرح أحد مسؤوليها قائلا: "إنّ ما يحدث في سوريا والعراق ولبنان من اضطرابات وفوضى هو من مصلحة إسرائيل" والتي بطبيعة الحال يهمها جدًا أن يضعف سلاح المقاومة والممانعة العربية، وأن يتم تفتيت أي قوة عربية أو دولة عربية تهدد وجود تل أبيب حاليًا أو مستقبلا؛ حتى تخلو الساحة تمامًا للانقضاض على ما تبقى من الأقصى، وتهويده تمامًا، وكأنّه لم يكن يومًا قبلة المسلمين الأولى قبل الأمر الإلهي بالتوجه شطر الكعبة المُشرفة.
إنّ السكوت الأخرس على الجرائم المقترفة بحق إخوتنا في فلسطين يعتبر وصمة عار في جبين الأمة العربية والإسلامية، ولن يتم محو ذلك العار بالخطب الجوفاء والهتافات الحماسية بل بالانتفاض، والمقاومة، والعمل لتحرير الأرض، فالأمّة العربية مازالت بكرا ولودا، وتاريخها وفتوحاتها الحضارية كفيلة بالنهوض بها من غفوتها العميقة، والأهم من ذلك كله أنّها تمتلك موارد بشريّة واقتصادية تستطيع بها إركاع أعتى الجبابرة والطغاة.