طالب المقبالي
يكثر الحديث في فصل الصيف عن السفر إلى الخارج للسياحة. فهل السفر هو الهروب من هجير الصيف؟ أم من هجير الأسرة؟
نعم الهروب من أحد الهجيرين أو الهجيرين معاً؛ لأنّ الغالبية من الناس تسافر بدون العائلة، فهل يجوز أن ننعم بالأجواء الباردة، ونهنأ بملذات الحياة دون زوجاتنا وأطفالنا الذين نتركهم يكتوون بنار الصيف الحارقة؟ في حين نستمتع بالأجواء الباردة والنعيم في الخارج؟
البعض يبرر سفره دون أسرته بسبب الأعباء المالية، في حين ينفق أضعاف أضعاف ما ينفقه لو كانت زوجته أو طفل من أطفاله معه حين يسافر.
نعم وأقولها بكل صراحة، فـ"البعض" ولا أعمم هذا الكلام على الجميع بأن الواحد ينفق ما يزيد على 50 ريالا لوجبة غداء واحدة! عشرين ريالا قيمة الغداء له، وعشرين ريالا لرفيق آخر، وعشرة أو خمسة ريالات للنادلة التي قدمت الوجبة.
وفي المساء ينفق "البعض" عشرات بل مئات الريالات في أماكن الترفيه الليلية!.
ونعود إلى الزوجة والأطفال في البلاد، لقد ترك للزوجة خمسين ريالاً وإن زاد فمائة ريال هي جملة مصاريف الشهر الذي سيقضيه في منتجعه الملكي في الخارج.
هذا ملخص حوار صريح دار بيني وبين أحد محبي الأسفار دون الأسرة، فكانت بيني وبينه مكاشفة واعتراف بهذه الحقيقة لا تخلو من الجرأة، فهو يعرف أنني ربما أكتب مقالاً عن هذا الموضوع، لكنه متأكد أنني لن اذكر اسمه أو أشير إليه من قريب أو بعيد، ولذلك كان الحوار معه صريح وواقعي جدا.
وقد زادني معلومات أذهلتني حين قال نحن هناك في دولة من دول شرق آسيا نذهب جماعات ونشكل مجالس ونطلق عليها "مجلس الشيخ الفلاني" واللقب هنا سيكون على قبيلة ذلك الشخص، واستنتج من هذا التصرف الأرعن هو الاستهتار وعدم المبالاة من قبل شريحة من الشباب الذي نسي القيم والمبادئ عند سفره، وقد نسي أنه سفير بلاده في أي بلد يزورها، وأصحاب تلك البلد يقيِّمون أخلاقيات الشعوب بزوار تلك البلدان، فإذا ما كان التمثيل مشرفاً سيشار إلى بلده بأنه يتحلى شعبها بالطيبة والأدب والأخلاق النبيلة انطلاقا من مبادئ الإسلام.
تختلف السياحة وتتنوع، فمن هذه السياحة السياحة العلاجية وهي للاستشفاء في المستشفيات المتخصصة والمعروفة بتقدم الطب، ولهذا يلجأ الناس إليها بغيّة الاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال خاصة إن لم يحصل المريض على استفادة من العلاج في بلاده، أو بُعد المواعيد للعلاج، وهذا النوع ممن السياحات المحمودة والتي تعود بالفائدة.
وهناك السياحة الدينية، كزيارة الديار المقدسة لأداء فريضة الحج وأيضاً لأداء مناسك العمرة في غير مواسم الحج، وكذلك زيارة الأماكن المقدسة كالمسجد الأقصى في القدس وغيرها من الأماكن الدينية، وهذه أيضاً من السياحات التي تعود بالنفع على الإنسان.
والسياحة الثالثة وهي السياحة الترفيهية، وهذه من السياحات المطلوبة والتي يحتاجها كل فرد في العائلة إذا ما تمت وفق الأسس والمفاهيم في السياحة، فكل إنسان بحاجة إلى الاستجمام من باب التغير والترفيه عن النفس سواءً الزوجة أو الزوجة والأولاد، وحتى الوالدان فهما في أمس الحاجة إلى الترفيه عن النفس.
وهنا أشدد أنّ رب الأسرة يجب ألا يكون أنانياً فيذهب بنفسه للاستمتاع مع أصدقائه وزملاء عمله، وإن كانت سياحته محترمة وشريفة، إلا إذا أعطى أسرته نصيباً من رحلاته، كأن يذهب لاستكشاف الأماكن مع أصحابه وأخذ فكرة كافية عن الأماكن التي تصلح للسياحة الأسرية، فهذا لا بأس به ويعتبر تصرفا محمودا، وهذا ما يعمل به كثير من السيّاح في الخارج.