الكرة في مضربكم .. فماذا حققتم؟

حمود بن علي الطوقي

في إطار تجاذب أطراف الحوار الذي يدور في المجالس تارة وفي شبكات التواصل الاجتماعي تارة أخرى وبصفتي صحفياً وإعلامياً أراقب الوضع المحليّ والإنجازات التي تحققت وكذلك الإخفاقات التي تصاحب الأحداث بشقيها الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما يملي علي قول الحق وهو أنَّ ما تحقق يدعو إلى الفخر، ولكن لا ينفي هذا أن هناك إخفاقات تدعو إلى التذمر ويجب الوقوف عندها ومحاسبة المُتسببين فيها.

وبالنظر إلى العام2011م، وما جرى فيه من تحولات وتغييرات

واعتصامات، فإنّه يعتبر منعطفاً مهماً في تاريخ السلطنة على مستوى السياسة الداخلية، ففيه انحاز مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد المُعظم - حفظه الله ورعاه - إلى الشعب، وأنصت إلى صوت التغيير الذي ينشدونه، وتعامل مع هذا الملف بصورة استثنائية، وكان ذلك أمرًا واضحًا للعيان، غير أننا في المُقابل ينبغي أن نطرح سؤالاً مُهماً، وهو ماذا قدَّمنا نحن المواطنين في مقابل تحقيق مولانا المعظم لرغباتنا وإنصاته لمطالباتنا؟

لقد تمّ تغيير التشكيلة الحكومية، وأعفي بعض الوزراء من مناصبهم، وأتي بآخرين من الشعب، أي تمّ تعيين وزراء كانوا قد انتخبوا من المواطنين لتمثيلهم في عضوية مجلس الشورى فهل حققت هذه الخطوة ما كان يطمح إليه جلالته -حفظه الله -؟ وهل قام الوزراء الجُدد بدورهم المنوط بهم وفقاً للتطلعات المرتقبة منهم.

وكان نتاج هذا التغيير أن وجَّه جلالته بتوظيف أكثر من 50 ألف عمانيّ وعمانيّة، وقدم رواتب شهرية قدرها 150 ريالاً عمانياً للباحثين عن عمل، بهدف مساعدة الشباب إلى حين انتظامهم في وظائفهم، فهل قام الشباب بعد أن تمّ توظيفهم في القطاعين (الحكومي والخاص) بأدوارهم الإنتاجية بما يخدم مصلحة الوطن كلّ في مجال عمله؟، كما تمّ تحسين رواتب الموظفين في القطاع الحكومي وتمّ رفع الرواتب بنسبة ١٠٠٪‏ فهل وظفنا هذه الزيادة فيما يخدم طموحنا ويخدم وطننا.

كما وجه جلالة السلطان المعظم بتوسيع الصلاحيات الرقابية والتشريعية لأعضاء مجلس الشورى، أملاً في إعطاء الشعب مساحة أكبر للتعبير عن آرائهم من خلال ممثليهم، وجاءت المراسيم السلطانية بإنشاء الهيئة العامة لسجل القوى العاملة بهدف تكوين منظومة إنتاجية تصبّ في صالح تنظيم الطاقات الإنتاجية الشبابية، مما انعكس بصورة إيجابية على الواقع الاقتصادي في السلطنة.

ورأت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان النور، وباشرت مهام عملها، وانتظمت في معالجة بعض الأمور، فهل كبُر لدينا الوعي بحقوقنا وواجباتنا كما يجب وينبغي؟

وتحقيقاً لرغبات الشباب وتطويراً لقدراتهم تم إنشاء اللجنة الوطنية للشباب فهل حققت هذه اللجنة أهدافها لتكون ناطقة بصوت الشباب تبحث عن همومهم وتطلعاتهم وترسم خططاً وخارطة طريق أمامهم أم أنها أصبحت مشلولة وحالها كحال المؤسسات الأخرى، وكان من ضمن ما تحقق تطوير وتحديث الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بهدف مواكبة التطورات الإقليمية والدولية والتي نتوقع أن تكون مرآة تعكس إنجازات النهضة للعالم أجمع، وكذلك تمت إقامة البنوك والنوافذ الإسلامية بناء على رغبة المواطنين وتعزيزاً للنهضة الاقتصادية، وهنا يأتي السؤال هل حققت هذه النوافذ الإسلامية الدور المطلوب منها في عالم الاقتصاد العماني، وهل حقق صندوق الرفد الذي أنيطت به مهمة صناعة الاقتصاد الموازي، عبر رفد المبتدئين في المجال التجاري، وتأسيسهم بما تتطلبه المراحل المستقبلية، الهدف الذي صمم من أجله وصار لدينا رواد ورائدات أعمال وتم القضاء على التجارة المستترة التي تنشد الدولة القضاء عليها عبر هذه السياسات، وهل آتت سياسة تقصير الظل الإداري التي انتهجتها الحكومة عن طريق دمج بعض الولايات تحت مظلة محافظة محددة بهدف

إنمائها داخلياً، وتحفيز جانب التنافسية فيما بينها، وإنشاء المجالس البلدية في الولايات بهدف تكثيف الجهود المحلية عبر مكاتب الولاة، والاستفادة من الطاقات الشبابية، والعمل على تحقيق مستوى من الاستقلالية التي تنعكس على جهود كل ولاية على حدة، كما تم إنشاء المجلس الأعلى للتخطيط استشرافاً للرؤية المستقبلية للسلطنة مع مراعاة خصوصية كل مدينة فهل حقق كل هذه السياسات مقاصدها التي أسست من أجلها.

استقلالية القضاء كانت علامة فارقة أرادها جلالته - أعزه الله - لهذا الجهاز المهم، حتى صار القضاء تحت مسمى (مجلس الشؤون الإدارية للقضاء)، وعلى الرغم من هذه الاستقلالية، لا يزال السؤال قائماً: هل قام القضاء بمهمته كما أرادها جلالته؟

صلاحيات وميزانيات مفتوحة حصلت عليها بعض الجهات الحكومية، والهدف هو تجويد العمل، والنهوض بشكل مختلف بالأداء بما يتناسب مع طبيعة الصلاحيات، فهل حققت تلك الجهات مستوى الطموحات المأمول منها تحقيقه؟

بعد كل ذلك، وعلى الرغم من الأسئلة التي تحاول أن تستقصي النتائج التي فتح جلالته من خلالها منظور المستقبل للوطن، هل حققنا نحن الشعب والمؤسسات ما يوازي ما قدمه جلالته - حفظه الله تعالى ورعاه - لنا في ٢٠١١.

من القلب : شكراً مولانا المعظم..