مشاهد أولمبيَّة

 

 

حسين الغافري

مرَّت أيام عديدة كي نُشاهد بداية للتتويج العربي في الأولمبياد الصيفية التي تجري في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. سلسلة تتويجات تُعدُّ على أصابع اليد تأخرت نسبياً في بداياتها، ولو أنَّ الوضع لا يُشكّل تلك الغرابة الجديدة في عكس الصورة السوداء لحالة الحضور العربي الضعيف في جل الألعاب الأولمبية منذ انطلاقها.

أول ميدالية عربية كانت برونزية للاعب الجودو (الإماراتي) توما سيرجيو في وزن تحت 81 كيلوجراما يوم الثلاثاء الماضي، ويمكن نضع قوسين على كلمة الإماراتي. أتبعت برونزية سيرجيو ذهبية للرامي العربي الكويتي فهيد الديحاني يوم الأربعاء الذي سجل ثاني ميدالية عربية وأول ذهبية في الأولمبياد الجارية في مسابقة الحفرة المزدوجة "دبل تراب"، ومن ثم برونزية كويتية لعبدالله الرشيدي في مسابقة الأطباق، وهما إذ يمزجان فرحة التتويج يصطدمان بحزن الحالة الضبابية التي تعيشها الرياضة الكويتية من تخبطات وانقسامات وشد وجذب؛ مما اضطر الحضور الرياضي الكويتي لأن يندرج تحت الراية الأولمبية جراء قرار الإيقاف المتخذ منذ أكتوبر 2015م؛ لتعارض القوانين الرياضة الكويتية مع القوانين الرياضية الدولية، وهو ما تمَّ بناء عليه تصنيف الميداليات والألقاب تحت علم اللجنة الأولمبية وهي الذهبية الأولى بعلم اللجنة! ولعل هذه التتويجات الكويتية ستعيد ترتيب أوراق الرياضة الكويتية وتحرك النفوس المحبة للكويت في ضرورة الوصول إلى وفاق مطلوب جدًّا في المرحلة المقبلة، وعودة الأمور إلى مسلكها الصحيح وإعادة حياة الرياضة الكويتية. أيضاً لا ننسى الميدالية البرونزية التي حققتها مصر بلاعبتها سارة سمير في رفع الأثقال لوزن 69 جراما.

ورغم تبقي أقل عن أسبوع على نهاية الأولمبياد؛ فالأمل يبدو ضئيلا للغاية في رؤية إنجازات أكبر تتجاوز الميداليات الـ12 بأولمبياد لندن، والسبعة في أولمبياد بكين 2008م! وكما ذكرت فلا يُشكِّل الحدث غرابة للحضور العربي، وإنما يعكس الواقع المحزن؛ فصناعة الأبطال تحتاج إلى عمل مضنٍ حقيقي ومدروس ليحقق المطلوب وإلا كيف كانت الصين سابقاً وكيف أصبحت من مشاركات يغلب عليها طابع الحضور المشرف إلى عمالقة على رأس الترتيب العالمي، وقد فصلتها في الكتيب الذي أعددته منذ عامين "مفاهيم في الاحتراف الرياضي".

*****

شدَّت انتباهي الصورة المتداولة لبطلة الجمباز الكورية شمالية هونج أون جونج مع نظيرتها الكورية الجنوبية.. حدث فارق يشكل استثناء في وقت تعيش العلاقات السياسية بين البلدين حالة من التباعد والتنافر والشحناء. ومع أنَّ الصورة شكّلت حالة من الضجيج الواسع لربما لما ستحمله من تبعات قادمة ربما قد يلقي بظلاله على لاعبات الجمباز حتى إنه وصِف بـ "سيلفي الإعدام"، إلا أن الصورة تصف حال الرياضة بشكل عام، والذي يجب أن تكون طريق في إصلاح ما أفسدته السياسة. صورة السيلفي لربما تعيد النظر في مد جسور التقارب مجدداً. صورة مهمة ولعلها تسهم في إعادة كوريا الشمالية بشكل خاص والتي تعاني من العزلة إلى الانخراط في العالم الخارجي والتفاعل معه، والاستفادة والتعاطي مع التواصل الثقافي.