الرستاق خارج الخارطة السياحية

 

 

 

طالب المقبالي

 

تطالعنا يومياً وسائل الإعلام المختلفة بالإعلان عن مشاريع سياحية في مختلف ربوع الوطن الممتد من محافظة ظفار جنوباً إلى محافظة مسندم شمالاً، ولم نعثر في أجندات وزارة السياحة على أي مشروع سياحي لولاية الرستاق.

فولاية الرستاق هي إحدى ولايات محافظة جنوب الباطنة، وتقع في الجزء الشمالي من سلطنة عمان.

هذه الولاية كانت يومًا عاصمة لعمان منذ عهد اليعاربة، كما اتخذها الإمام أحمد بن سعيد (مؤسس دولة آل بوسعيد) عاصمة له ومقرا لإقامته، فحظيت في ظل حكمة بمكانة كبيرة، كما حُظيت بمكانة كبيرة في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - إلا أنّها سقطت من أجندة هذه الوزارة بسبب فشل مشروع سياحي لم يخطط له جيداً، ولم تأخذ الوزارة في الحسبان أنّ المشروع يقع في ممتلكات المواطنين.

فمشروع حمامات الاستشفاء في عين الكسفة افتقد لروح التفاهم مع المواطنين، كون مياه عين الكسفة ملكا متوارثا منذ الأزل بين المواطنين، وفشل هذا المشروع ليس نهاية العالم.

فالولاية لم تعد مغلقة كما كانت سابقًا بعد افتتاح طريق الرستاق عبري الذي أصبح يربط الرستاق بمحافظة الظاهرة، ومنها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية.

فالرستاق أصبحت مفتوحة ويقصدها الزوار من داخل السلطنة وخارجها، لذا هي بحاجة إلى فنادق واستراحات ومطاعم سياحية أسوة ببقيّة الولايات.

في كل يوم نقرأ ونسمع عن مشاريع تقام في مختلف الولايات، وولاية الرستاق رغم عراقتها ورغم مركزها الإداري لمحافظة جنوب الباطنة، إلا أنها استبعدت من القائمة.

فولاية الرستاق تزخر بمقومات طبيعيّة تجعلها القبلة الأولى للسياحة في السلطنة لو وجدت الاهتمام الكافي؛ وحسْبُنا أنّ عين الكسفة يرتادها الزوار من مختلف محافظات السلطنة ومن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ومن دول عربية وأجنبية من مقيمين وسواح.

ومن المواقف التي يندى لها الجبين صادفنا أسرة من دولة الكويت قدمت خصيصًا للاستشفاء من عين الكسفة وتبحث عن فندق بالولاية؛ فأرشدناها إلى استراحة الشموخ آنذاك والتي أقامها أحد المواطنين مشكوراً بإمكانيات متواضعة، فلم نجد فيها ماء، واعتذرت إدارة الاستراحة يومها لعدم استطاعتها استقبال أي نزلاء لعدم توفر المياه بالاستراحة، مما اضطرنا لإرشادهم إلى الولايات المجاورة، وكانوا يودون الإقامة عدة أيام للتردد على عين الكسفة نظرًا للسمعة التي اكتسبتها عين الكسفة من زوار سابقين لها من دولة الكويت ومن دول أخرى، لكن الحال هو الحال وتبقى الرستاق تنتظر الخدمات السياحية من جيل إلى جيل.

أيضا في ولاية الرستاق توجد قلعتها الشهيرة التي يأسف الزائر لحالها، فالكهرباء مقطوعة باستمرار، وحال الغرف والمرافق آيل إلى الاندثار كالسور الذي تهدم بسبب تسرّبات دورات المياه التي شيّدت بجواره.

أمّا غرفة الإمام في الطابق العلوي من القلعة فحالها محزن.

ولاشك أنّ المواطن المقيم والزائر والسائح كلهم يتطلعون لأن تستعيد هذه القلعة مكانتها التاريخية وتحويلها إلى متحف يحكي عراقة ولاية الرستاق وتاريخها ومكانتها.

من منا لا يعرف أودية الرستاق كوادي السحتن المعروف بمندوس عمان، والذي يعتبر من أجمل الأودية على مستوى السلطنة، كذلك وادي بني عوف، وبلد سيت، ووادي بني غافر، ووادي بني هني، ووادي الحيملي ووادي الحاجر، كل هذه الأودية تتمتع بمقومات سياحية من حيث وفرة المياه والخضرة الدائمة.

ولعلّ أبرز هذه الأماكن وأفضلها على الإطلاق شلالات الحوقين التي تغص بالسائحين؛ إلا أنّ الأسف ما زال يتكرر حيث تشكو هذه الشلالات من عدم وجود مرافق وخدمات تهم السائح كدورات المياه النظيفة والاستراحات والمطاعم السياحية.

سؤال نوجهه إلى وزارة السياحة: إلى متى ستبقى ولاية الرستاق بعيدة عن الأنظار والخطط السياحية الاستراتيجية؟

 

muqbali@hotmail.com