خالد بن علي الخوالدي
إنّ الرأس ليشيب هولاً مما يحدث في أوساط مجتمعاتنا وعلينا جميعاً الاعتراف بأننا نعيش في زمن انقلاب الموازين وانعدام الرؤية الصائبة، حيث تغشى عيون فئات من شبابنا ضبابية محيرة تعميها عن التمييز بين الأبيض والأسود وبين الصحيح والخطأ وبين الصلاح والفساد، كما أننا نعيش في زمن تزيين المصطلحات وتغليفها حتى زين الشيطان لهذه الفئة من المجتمع أن تُسمي الشيء بغير مسماه الحقيقي فشرب الخمر (شراب روحي) والزنا (حب) وسماع الموسيقى (غذاء الروح) والمجون والتفسخ وتفصيل الملابس الضيقة والعباءات الكاشفة والمظهرة والمجسدة للجسد والمزركشة في الأماكن الحساسة للأنثى ولبس الشباب للسلاسل في الرقاب والقلائد ووضع التسريحات الغريبة وقصات الشعر المقلدة للنجوم واللاعبين وغيرها من التصرفات ينزوي تحت مصطلح (الحرية) وترقيم البنات للشباب والعكس (تقدُّم وتطور) وهناك الكثير من المُسميات التي طمست التربية التي تربى عليها شباب عُمان والمستمدة من ديننا الحنيف وعادتنا وتقاليدنا العمانية الأصيلة وجعلت الفئات المنحرفة تلهث وراء كل ما هو منحط وسقيم دون مراعاة لمشاعر وأحاسيس الفئات الكبيرة من المجتمع.
وتنتشر الكثير من هذه التصرفات في كل زاوية ومكان ويشاهدها الجميع في الشوارع والمراكز التجارية وفي الأسواق، بل وحتى دور العبادة وللأسف الشديد لم تسلم منها حيث نجد الاستهتار بالصلاة من خلال لبس ملابس (النوم) أو لبس البنطلون القصير (الشورت) وأصبحت هذه التصرفات من ضمن الملوثات التي يجب أن تحارب حيث إنّها لا تقل خطورة عن التلوث البيئي والتلوث الإشعاعي وغيرها من التلوثات التي يضخ العالم المليارات لمحاربتها والتقليل منها بل إن هذا التلوث (الأخلاقي) أكثر خطورة وأدهى وأمر من جميع التلوثات فكما يقول شوقي وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتمًا وعويلاً.
ويُمكن إرجاع أسباب انتشار مثل هذه الظواهر في المجتمع إلى ابتعاد الناس عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف والأخذ بالقشور منه وضعف الوازع الديني نتيجة هذا البعد وهو ما يصدقه قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله)، وإلى تخلي الكثير من الأسر وأولياء الأمور عن مسؤولياتهم في التربية والمتابعة رغم المسؤولية الملقاة على عاتقهم والتي سيُحاسبون عليها وظنّ الكثير من الأولياء أن المسؤولية تكمن في توفير الملبس والمأكل ونسوا أو تناسوا مع مشاغل الحياة أن حياة أبنائهم لا تستقيم إلا بسقيها بمكارم الأخلاق والقاعدة تقول إنّ الولد ينشأ على ما عوده أبوه ويظهر ذلك جلياً من حديث المصطفى صلي الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وقول الشاعر
وينشأ ناشئ الفتيان منّا
على ما كان عوده أبوه
وما دان الفتى بحجي ولكن
يعوده التدين أقربوه
ومن الأسباب أيضاً انعدام دور المسجد والمدرسة والمجتمع ومؤسسات الدولة المختلفة في تعزيز القيم الأخلاقية وكما هو معلوم فإنّ التربية هي عمل تكاملي لا يقتصر على جهة واحدة وإنما عملية تكاملية تبدأ من البيت إلى المسجد والمدرسة والمجتمع.
وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه من صمت وسكوت وخنوع ورضا من قبل الجهات المسؤولة في الدولة ومن الأسرة والبيت ومن المدرسة ومن المجتمع بصورة عامة فإنّ الأمر سوف يستفحل ولا نستبعد أن تزيد هذه التصرفات غير المسؤولة وتتفشى معها الجريمة وينعدم الأمن بين أوساط الناس ويسود الخوف على مستقبل أبنائنا وبناتنا
أعزائي إنّ كل نقطة من هذه النقاط السلبية التي ذكرتها يمكن أن تكتب فيها مقالات وكتيبات كثيرة وأتمنى أن يسعفني الوقت للتفصيل في كل قضية على حدة،
ودمتم ودامت عُمان بخير