23 يوليو.. نهضة مباركة

 

علي بن بدر البوسعيدي

نعيش هذه الأيام ذكرى الثالث والعشرين من يوليو المجيد.. وتضيئ أيامنا الحالية كما أضاء عام 1970م سوح عمان قاطبة، وفجّرت في أنحائها ينابيع النهضة المباركة؛ التي أخرج فيها مولاي السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- عمان من غيابة الجهل والفقر والظلمة إلى رحابة النور الذي عم كافة ربوع عمان.

كانت أولى كلمات جلالته السامية تبشر بفجر جديد، فقد أوضح جلالته خطط المسيرة المباركة وأنه سائر في طريق التنمية، وأنّ الفرد العماني هو أساس التنمية ورأس الرمح في بناء الوطن، لذا شرع جلالته منذ بواكير عصر النهضة في تشييد المدارس والنهوض بالتعليم وكلنا يحفظ المقولة السامية: "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة" والآن ولله الحمد بعد أن كانت فقط ثلاث مدارس في كل من مسقط ومطرح وصلالة صارت هناك مئات المدراس والمعاهد المهنية في كافة ربوع عمان؛ سواء في الشرق أو الغرب، الشمال أو الجنوب.

ولم تقف نهضة التعليم عند هذا الحد بل توسعت وتطورت حتى صارت تعليما عاليا فتم إنشاء الكليّات العلمية والجامعية والجامعات الكبيرة، بالإضافة إلى توفير سبل الابتعاث الخارجي وصار شبابنا في فترة وجيزة يحملون الشهادات والدرجات العلمية الرفيعة لا سيما الدكتوراه والماجستير مما أسهم في خطة التعمين وبناء الوطن بيد أبنائه..

وفي مجال الصحة حدث أيضًا تطور كبير فقد توسّعت الخارطة الصحيّة وعمّت المستشفيات والمراكز الصحيّة شتى أنحاء عمان. وقد انعكس هذا التطور على الفرد العماني من حيث زيادة عدد المواليد وقلة نسبة الوفيّات، بجانب تحسن صحة الفرد وصارت السلطنة بسبب التوعية وتحسن أسلوب الحياة ودخل الفرد في معزل عن أمراض عدة كانت في الماضي تنهش جسد أبناء الوطن، فصار أطفالنا ولله الحمد يشبون في صحة وعافية أصحاء ويساهمون في بناء وطن الغد.

كما أنّ عمان مقبلة الآن على استراتيجية سياحية جديدة تعكس وجهها المشرق دوما وتساهم في الدخل الوطني، وبإمكاننا تحقيق نجاح كبير في هذا المضمار لما تتميز به عمان من مقومات حضارية وتاريخية وموروثات ثقافية ومقومات طبيعية جذابة  كالجبل الأخضر وجبل شمس وصلالة.

وفي مضمار السياسة الخارجية استطاعت عماننا الحبيبة أن تحقق طفرة كبيرة في ظل عهد جلالته، فقابوس - حفظه الله- هو مهندس السلام العالمي وبما أوتي من حكمة ونظرة ثاقبة استطاع أن يقيم جسورا عنوانها المحبة واحترام شؤون الآخرين مع كل دول الجوار والمحيط الإقليمي والعالمي، كما ساهمت عمان في عهد صاحب الجلالة في نزع فتيل التوتر عن كثير من بقاع العالم ومن ذلك مساهمة السلطنة في التقريب بين إيران والغرب والذي توّج باتفاق شهير "النووي الإيراني" الأمر الذي أبعد شبح الحرب عن المنطقة، بالإضافة إلى مساهمة عمان في تجسير شقة الخلاف بين الأطراف اليمنية المتحاربة، حيث استطاعت السلطنة بدبلوماسيتها المعتدلة والداعية للسلام إرجاع بعض السجناء والأسرى لبلادهم..

إنّ هذه المناسبة العظيمة تذكرنا باليوم الذي تولى فيه مولانا مقاليد الحكم، وما وصلت إليه السلطنة الآن من تقدم وازدهار، وأمن وأمان.. وهي مناسبة تستحق أن تكون أنموذجا عالميًا يحتذى به، فالوقوف عند هكذا مناسبات يعطينا دفعة معنوية كبرى من أجل مواصلة البناء والتنمية والعمل الجاد من أجل عمان الخير.