وماذا بعد التقاعد؟!

 

طالب المقبالي

تترد في أذهان البعض خواطر وأمنيات يرسمونها لما بعد التقاعد، فالتقاعدُ مرحلة هامة في حياة كل إنسان وتُعتبر نقلة طارئة قد تؤثر على المتقاعد من النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية، ومن هنا يجب على كل منّا أن يتصور حياة ما بعد التقاعد وذلك من أجل وضع الأهداف التي نُريد تحقيقها للمرحلة القادمة.

فمن الضرورة أن نقوم بالتخطيط لكثيرٍ من الأمور سواءً لأنشطة داخل المنزل أو خارجه، ومن بينها الأنشطة التجارية أو الأنشطة الرياضية أو السفر والرحلات والأمثلة كثيرة.

وعلينا أن نبدأ قبل التقاعد في إعداد قائمة الأشياء التي تناسبنا ونستطيع القيام بها. فمن الناس من يُمني نفسه بإقامة مشروع يدر عليه دخلاً ويشغل وقت فراغه ما بعد التَّقاعد.

فالبعض ينتظر سن التقاعد، فإذا ما أتى التقاعد وجد نفسه غير متقبلة لأيّ عمل، لأنّه لم يؤسس الركائز الأساسية، ولم يتهيأ لهذا اليوم، وبالتالي يصطدم بواقع يجعله متقاعساً عن عمل أي شيء مما يجعله يستسلم للكسل والخمول.

أما البعض الآخر فقد بدأ بالفعل في رسم الخطوط الأولى لمشروعه فحجز الأرض، وادَّخر المبالغ التي سينفذ بها المشروع، وقد أعد دراسة جدوى لهذا المشروع، وأحياناً قد بدأ في مراحل التشغيل الأولى للمشروع بحيث يصبح جاهزاً لليوم الذي سيسلم فيه عهدته في مقر العمل، لينتقل بسلاسة إلى عمله الجديد، ولكن قلَّ من يقوم بهذه الخطوات قبل أن يحين موعد تقاعده، في حين يوجد من يقوم بمثل هذا التخطيط المُسبق ويباشر في مشروعه قبل أن يحين موعد تقاعده القانوني المرتبط بسن التقاعد والمعروف لدينا بسن الستين من العمر، فيطلب تقاعداً مبكراً عن موعد التقاعد القانوني، معتقداً أنّ التقاعد في سن مبكرة يجعله أكثر قدرة على العطاء والعمل قبل بلوغ سن الستين والمعروف ببدء الشيخوخة.

إنّ التخطيط السليم لحياة ما بعد التقاعد يؤمن للمتقاعد استمرارية في العطاء والمثابرة في العمل، كما يعطي استمرارية في تحفيز الدماغ على التفكير وهو الأمر الذي يحول دون تقلص أو تلف خلايا الدماغ التي يتسبب فيها قلة تحفيز الدماغ على التفكير.

والمعروف أنّه كلما انزوى الإنسان وانعزل عن الآخرين فقد الحوار الفكري مع الآخرين الذي يُساعد على ترقية فعالية الدماغ مما يُؤثر على خلايا الدماغ مع الوقت، وهذا ما يحدث غالباً بعد التقاعد.

ولعل الأنسب هنا أن نُعطي الثقافة جزءًا من حياتنا، فنركز على إنشاء مكتباتنا الخاصة وتزويدها بالكتب العلمية المفيدة، فيما ننشغل بالكتابة وبتدوين ما يتيسر لنا من مذكرات تاريخية، ومن تدوين مذكرات أسفارنا التي يمكن للأجيال القادمة أن تستفيد منها.

كما أن تخصيص جزء من الوقت للرياضة يُساعد في تنشيط الدورة الدموية وخاصة لدى الكبار، كما أنّ للرحلات دور هام في تنشيط الذاكرة.

وإذا ما أردنا مواصلة مسيرة العمل فهناك من المشاريع التي لا تتطلب أي جهد بدني، وإنما تحتاج إلى جهد فكري وهذا هو المطلوب لتحفيز خلايا الدماغ واستمرار الحياة بنشاط وحيوية دون الاستسلام للخمول والكسل.

 

muqbali@hotmail.com