علي بن بدر البوسعيدي
تحتفل عُماننا الحبيبة بعيد الفطر السعيد من خلال العديد من الفعاليات والمناشط التي تتميز بها السلطنة عن غيرها من الدول العربية والإسلامية، إذ تبدأ الاستعدادات في العشر الأواخر من رمضان، حيث تزدحم الأسواق بالمستهلكين لشراء ما يحتاجونه من مستلزمات العيد، لا سيما الأغنام والأبقار والجمال عند البعض، فضلاً عن ملابس العيد وهدايا الأطفال والكبار.
وتشهد الأسواق في هذه الفترة حركة تجارية تنعش الوضع الاقتصادي للتجار والأسواق، الذين يعانون من بعض الركود في باقي أيام السنة، ما يضاعف فرحة العيد لدى هؤلاء.
وتكتظ الأسواق بالمستهكلين الذين يرغبون في شراء الملابس والحُلي، ولا تختلف الحال في الهبطات وهي الأسواق الشعبية الخاصة بالعيد، حيث ينادي البائع على تجارته أمام النّاس فيقبلون على الشراء بطريقة المزاد.
وفي العيد يسعى كل فرد في المجتمع إلى القيام بمسؤولياته تجاه الآخرين، فتتجلى الشيم الاجتماعية والخصال الراقية، من صلة رحم وعطف على الأطفال وتوطيد لعلاقات القربى، فيما تنتهز العائلات الفرصة لقضاء أمتع الأوقات في الرحلات الداخلية والخارجية، والتنزه والتسوق بمختلف المواقع التي تزخر بها سلطنتنا الحبيبة.
وتشهد السلطنة خلال أيام العيد كذلك استعدادات مؤسسات الدولة المختلفة، من حيث توفير مستلزمات هذه المناسبة، فالأسواق تستقبل زائريها والمراكز التجارية تواصل العمل لإسعاد مرتاديها، والبلديات تعمل ليل نهار في المسالخ المركزية والأسواق، وتتزين الحدائق استقبالاً لزوارها.
وقد اعتاد العمانيون الاحتفال بالعيد وفق طقوس خاصة تعكس الهوية العمانية الضاربة في القدم، والتي لا يزال أبناؤها المخلصون يحافظون عليها، ففي أغلب ولايات السلطنة يستعد العمانيون للاحتفال بالعيد بتقاليد راسخة لاسيما فيما يتعلق بوجبة الغداء الرئيسية، ففي اليوم الأول تؤكل العرسية، أما اليوم الثاني فيفضل العمانيون تناول المشاكيك مع الخبز العماني المعروف، وفي اليوم الثالث يتم إخراج الشواء من باطن الأرض وتناوله.
ومن مظاهر العيد كذلك احتفال بعض الولايات بإقامة فنون شعبية وعروض تراثية تقليدية، مثل الرزحة في الداخلية والليواء في مسقط والتشحشح في الباطنة.
ومن أبرز المشاهد التي تحفظها الذاكرة العمانية ولا يزال الجيل الحالي يحافظ عليها، أنّه مع إعلان رؤية هلال شوال في وسائل الإعلام تنطلق المدافع واحدة تلو الأخرى في بعض الولايات لإشعار الأهالي بفرحة العيد، كما تستعد ساحات صلاة العيد في الهواء الطلق لاستقبال المصلين صبيحة أول أيام العيد، إحياءً لسنة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
أما فرحة الأطفال فتتجلى في حصولهم على "العيدية" من الآباء والأجداد والأقارب، وتكون فرحة لا تنسى وتخلد في الذاكرة، حيث تمتلئ محافظ الأطفال بالعملات الورقية والفضية ويذهبون إلى المحلات الصغيرة داخل الأحياء فيشترون الألعاب ويبتهجون ويشاركون في مختلف الفعاليات المصاحبة للعيد.
إنّ فرحة العيد لا تضاهيها فرحة لدى المسلمين، فهي إيذان بانتهاء شهر الصيام، وبداية جديدة لشهر جديد. وتعكس احتفالات العمانيين بهذه الفرحة طبيعة شعبنا المُحب للبهجة والعاشق للحياة بكل معانيها، مع الحفاظ على تراثنا التقليدي وموروثنا الحضاري بكل تفاصيله وآلياته التي تحرك الأجيال جميعها.