"في ضيافة الوزير"

 

طالب المقبالي

يُعدُّ شهر رمضان من المُناسبات الجميلةِ التي يجتمع فيها الأهل والأقارب والأصدقاء والزملاء لما في هذه التجمعات واللقاءات من تجديد العلاقات وتوثيق الروابط التي أوهنتها وسائل التواصل الاجتماعي التي كان من المفترض أن تعزز التواصل لا أن تضعفه، لكن العكس حدث.

فالبعض يحيي هذه اللقاءات بإقامة الإفطار الجماعي في الحدائق العامة والمتنزهات، ومنهم من يحييها في المجالس العامة الكبيرة.

فهذه اللقاءات تُجدد العلاقة بين زملاء الدراسة في المدارس والجامعات الذين فرقتهم ظروف العمل وظروف السكن بعدما كانت تحتويهم الجامعة لمدة قد تزيد عن خمس سنوات عاشوها معاً في كنف الجامعة.

وهناك من زملاء العمل من يحيون هذه المناسبة لتجديد اللقاء بين زملاء العمل الذين فرقتهم ظروف العمل أيضاً من خلال التنقلات التي تتطلبها طبيعة الأعمال، وكذلك المتقاعدين الذين يجدون الراحة في مثل هذه اللقاءات مما يُعطيهم إحساساً بأنه رغم تقاعدهم ورغم ابتعادهم عن محيط العمل ما زالت تهفو لهم القلوب وتسعد بلقياهم، وما زالوا يحتلون مكانة في نفوس زملائهم ورؤسائهم في العمل.

ولا ننسى اللقاءات الأسرية في هذه المُناسبات التي تجمع أفراد الأسرة الواحدة الذين فرقتهم ظروفهم المعيشية خاصة بعد الزواج.

فهناك من يتزوج أو تتزوج في مناطق بعيدة عن أسرهم فيجتمعون في مثل هذه المناسبات.

فكثير من الأسر وكثير من النَّاس ينتهزون فرصة شهر رمضان الفضيل ويعتبرونها فرصة لبث روح التآلف والمحبة والترابط بين النَّاس وبين أبناء الولاية.

ولعل موضوع المقال كان أساساً لتلك اللقاءات الجميلة والسنن الحسنة التي استنها بعض أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة وكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات الذين تنحدر أصولهم من الولايات.

ينتهزون فرصة شهر رمضان الفضيل ومناسبات الأعياد لإقامة مناسبات الإفطار الجماعية، ولا ينسون في واقع الأمر بعضاً من أبناء الولاية التي ينتمي إليها هذا المسؤول أو ذاك ولكن بانتقاء البعض من الخواص وربما ممن ينحدرون من عائلات لها سمعتها، ومن المسؤولين وقليل من عامة النّاس من الجيران الذين لا بد من إشراكهم في مثل هذه المناسبات وذلك من باب حسن الجوار الذي حثنا عليه ديننا الحنيف.

ليس الغريب في تنظيم هؤلاء المسؤولين مناسبات كهذه، فهم في نهاية الأمر جزءُ لا يتجزأ من هذا النسيج الاجتماعي الذي جمعتهم عليه الحارة والسبلة، وإنما الغريب في تهافت البعض وحرصهم الشديد على حضور هذه المناسبات وتكبدهم مشاق الطريق وقطع مئات الأميال لحضور هذه المناسبة التي لا تتكرر سوى مرة في العام.

ففي كثير من الأحيان تصادف أشخاصاً يسألونك إن كنت أحد المدعوين من أجل إظهار أنّهم مدعوون لهذه المناسبة، وأنهم ذوو شأن كبير.

وهناك نوع آخر من الضيافات التي يُقيمها بعض المشايخ في الولايات، كولائم ومناسبات للإفطار ومناسبات الزواج وأخرى لفتح المجالس العامة وغيرها من المناسبات والتي يجوز أن نسميها بمناسبات "vip" فيدعى لها من أصحاب النفوذ والمشايخ والوجهاء في نظرهم.

في المقابل لو أقام شخص ليس له مركز أو منصب مناسبة لأتى الناس إليها متثاقلون ومن باب المجاملة لا أكثر، وغالباً ما يحدث أن تدعو أشخاصاً لمناسبات الزواج فتأتيك رسائل أو اتصالات بالاعتذار، وفي أحيان كثيرة يتم تجاهل دعوتك.

فللأسف توجد لدينا نماذج تمجد الكبار وتلهث خلفهم بغية المصالح التي لا ينهيها إلا التراب.

[email protected]