صوتٌ "للصحافة" نادى..

هلال بن سالم الزيدي

بين الخبر والمقال ثمة ترابط من حيث تقديم المعلومة عبر وسيلة ما.. وبين كلمة الحرية وإطار ممارستها خيوط لا تتفق على أرض الواقع.. وبين الشفافية والمصداقية بون شاسع إذا ما سلّمنا بمسألة استيعاب العقول لمعانيها الواقعية.. وبين القول وتطبيقه كفعل علامات لا توحي بشيء إذا كثُر الحديث حول اختفاء المنهجية في بث أو نشر ما يمكن أن يكون فنا إعلاميا.. وبين ما جاء أعلاه وما يأتي فيما بعد علامات تعكس المرحلة التي تتطابق من خلالها التوجهات وتتحد الأولويات من أجل بناء البيت بأسس متينة؛ مما يكون شعارا في يوم من الأيام .. فلا فائدة للمعلومة إن لم تجد مصدرا يتبناها.. ولا فائدة لقيم إن لم تجد من يطبقها.. ولا معنى لمسار صحفي إذا شابته التهم التي تولّد الفرقة الصحفية.. ومن المؤكد أنه لا يمكن أن أقول لك بأن الرقص عار في القيم الإنسانية ما دمت " أنا" على الدُف قارع.. لذا عليّ أن أدعو إلى خير وأنا فيه مثال يحتذى.

هنا ما بين هذه السطور أحاول الدخول إلى معترك الصحافة التي لم أدخلها عنوة عندما كنت على مقاعد الدراسة وإنما كانت خيارا ثانيا إن لم يتحقق الأول، لأنني كنت أخشى هذا العالم الذي لا أعرف عنه إلا الصحيفة اليومية التي تحتاج إلى عقل يستوعبها ولسان يستطيع أن يكّون الكلمات لتكون جملا ثم فقرات ثم خبر أو مقال يكون وجبة دسمة لمن يهوى القراءة.. وعليه ومع تلك الخشية وجدت نفسي متأرجحا بين ما يزرع فينا من نظريات وأفكار ومبادئ صحفية منذ أن تأسست "السلطة الرابعة" وما بين الواقع الذي كان في تلك الفترة في طريقه للتحول السريع، لذا عاشت أفكارنا الغضة متحمسة لما يأتي في تلك الكتب من تجارب عالمية وما تعنيه لغة الصحافة، إلا أنّ تلك الحماسة ما تفتأ أن تنصدم بواقعنا الإعلامي "في تلك الفترة" الذي لا يعترف بما كُرّس فينا من معارف ولغات لأنّ التأسيس الأكاديمي يراه الآخرون غريبا ويهدد عروشهم التي أسسوها لاحتياجات زمنية.. وبالتالي صارعنا بعد أن بنينا القاعدة الفكرية التي لا بد منها حتى وصلنا إلى قناعات تعتمد على أن المؤسسات الإعلامية العامة والخاصة لم تكن مستقطبا لتلك المخرجات، وإنما عكس ذلك، لما يمثله الوسط الإعلامي من أنه بيئة منفّرة كونها تعتمد على فقاعات الشهرة "إلا ما رحم ربي"، لذلك كان الواجب التعامل معه بحذر شديد حتى لا نغالي في تشخيص الإشكالية، ولا نكون ناقمين على ما يدور فيه على حد وصف أحدهم ذات يوم وهو قامة إعلامية ومتخذ قرار يشار إليها بالبنان، من هنا حاولنا أن نكون وسطيين في فهم الواقع مستخدمين شعرة معاوية حتى لا نكون خارج الدائرة التي تحتاج إلى إعادة تشكيل وتأسيس فمددنا أيدينا للكل حتى نكون نقاطا مهمة في مسيرة الإعلام العماني، وما زال ذلك هو ديدننا، وخاصة إذا ما أسقطته على واقع جمعية الصحفيين العمانية التي أنتمي إليها منذ العام 2006م أي بعد إشهارها بسنتين، حيث كنت أراها وما زلت المؤسسة التي تستطيع أن تكون الوجهة الأولى لكل من أراد ويريد أن يفهم الصحافة على اختلاف وسائلها، لكن مع الحرص على إيجاد التغيير فيها بما يلاءم المرحلة الحالية.

اليوم هو موعد انتخابات الجمعية، فربما تكون انتخابات كباقي الانتخابات السابقة أو ربما تكون مرحلة مفصلية لتغيير هذا الكيان الذي أُرهق بكثرة الاختلافات على صعيد شخصي، ليكون كيانا ذا وضوح وشفافية ومصداقية مطبقا لكل مفاهيم حرية الكلمة، وعاكسا لاحتياجات الأعضاء شريطة ألا تتعارض مع توجهات البلاد في مختلف الجوانب من أجل أن يكون مضربا للمُثل العليا ومؤسسا لهيبة الإعلامي والصحفي في المجتمع التي زعزعتها الأنانية المفرطة لبعض العقول، ونهشتها الرغبة التي بنيت "عند البعض" على تكملة نواقص اجتماعية تجاوزتها الأزمنة منذ عقود.. لذلك فإنّ المجتمع ومن ينتمي لهذه الجمعية ينتظرون اليوم أن يكون للأعضاء (الجمعيّة العمومية) الكلمة الفصل عبر صندوق الاقتراع بعد أن عشنا مرحلة من عدم التوافق مع التأكيد على التطور الذي مرت فيه الجمعية منذ تأسيسها حتى لا ننسف جهود المؤسسين والمجالس التي مرت عليها "أقصد المجلس الذي مر عليها مع تغيير طفيف" فهم -أي الأعضاء- يستطيعون أن يجددوا الثقة للمجلس الخالد الراسخ بقوة نظرياته وأحقيّة وجوده كونه يضم خبرات كبيرة في إدارة مؤسسات المجتمع المدني، أو أنّ الأعضاء يتجاوزون المحاباة والمجاملة إلى تزكية من يرونهم بأنّهم قادرون على استلام زمام الأمور وتكملة المشوار بما يلائم الاحتياجات الحالية، هذا مع التأكيد على أهميّة حضور العضو بنفسه إلى الصندوق لا أن يترك المجال لآخر يفوّضه بأن ينتخب بدلا عنه.."وهنا ستصبح العملية مفهومة وواضحة"، فحتى أُطالب بالشفافية من الآخرين عليّ أن أطبقها على نفسي عندما أمنح صوتي.

هناك الكثير من الأمور التي يجب أن توضع في الحسبان، وهي مرتبطة بمستقبل الجمعيّة حتى لا نسيء لأنفسنا، فمن المهم أن تعاد صياغة اللائحة الداخلية عبر الأعضاء كافة، وأهم مادة هي تلك التي تجيز لعضو مجلس الإدارة إعادة ترشحه، حيث إنّه يجب أن تقنن بثلاث دورات متتالية فقط، لينتظر بعدها ثلاث أخرى لكي يجدد ترشحه، إلى جانب وضع استراتيجية ذات معالم واضحة مرتبطة بالأعضاء كافة ومترجمة لاحتياجاتهم من هذا الكيان، فهل يستطيع العضو أن يؤسس لمرحلة التغيير أم أنّ هناك أيادٍ لا زالت تمتلك القبضة الحديدية على مفاصل المشهد؟ وأنّ اليوم لهو الحاسم.

لأنني أردت خوض غمار هذه المهنة، فسأكون ضمن متاعبها.. ولا أرضى بغيرها بديلا، ومهما كانت الأعمال المكتبية الإدارية هي المسيطر إلا أنني سأجد لها سبيلا حبا في مهنة البحث عن المتاعب.. لأّن صوت صرير القلم ينادي.. صوت للصحافة نادى فهبوا جمعا وفرادى يا أبناء الكلمة.

همسة:

لا يمكن أن نتجاهل من أعطى وأفنى جهده ووقته في سبيل الجمعية سواء كان عضوًا في الإدارة أو عضوًا تحت الإدارة.. كما أنّه يجب على من لم يتمكن الصعود إلى سدة المجلس ألا يهجر الجمعية.. لأنّها تحتاج لكل فرد فيها.

*كاتب وإعلامي

abuzaidi2007@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك