سوريا: المعارضة تؤجل مباحثات السلام لأجل غير مسمى.. والحكومة تستبعد التفاوض بشأن الأسد

فراغ دبلوماسي يساهم في تصعيد الحرب التي تؤججها خلافات القوى الأجنبية

عواصم - الوكالات

تضاءلت الآمال في إحياء مباحثات السلام السورية أمس بإعلان المعارضة تأجيلها لأجل غير مسمى مع انتهاء الهدنة وتصريح للحكومة استبعد أي تفاوض على وضع الرئيس بشار الأسد. وسيخلف انهيار مباحثات جنيف فراغا دبلوماسيا قد يسمح بمزيد من التصعيد في الحرب التي تؤججها خلافات القوى الأجنبية وبينها الغريمتان إيران والسعودية. ومع استعار القتال وتكثيف الغارات الجوية على مناطق تسيطر عليها المعارضة حثت فصائلها دولا أجنبية على تزويدها بوسائل للدفاع عن تلك المناطق في إشارة مبطنة لأسلحة مضادة للطائرات تطالب بها المعارضة منذ فترة طويلة. لكن الولايات المتحدة أبلغت روسيا بأن سوريا بدأت "تنهار بسرعة أكبر" مثيرة مخاوف من انهيار لأكثر مساعي السلام جدية منذ عامين.

وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات وهي كتلة المعارضة الرئيسية المدعومة من الغرب تعليق المحادثات يوم الاثنين وحملت الأسد مسؤولية انتهاك وقف إطلاق النار. وتتهم دمشق فصائل معارضة بخرق اتفاق وقف الأعمال القتالية.

وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية للمفاوضات إن فريقه سعى لتشكيل حكومة موسعة كحل لإنهاء الحرب لكن المعارضة ترفض مثل هذه الفكرة بعدما قاتلت لخمس سنوات من أجل إزاحة الأسد عن السلطة قبل أن تتعزز فرص بقاء الرئيس بفضل الدعم العسكري من إيران وروسيا.

وتهدف مباحثات جنيف لإنهاء الحرب التي أودت بحياة ربع مليون شخص وخلقت أسوأ أزمة لجوء عرفها العالم وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية وجلب للصراع قوى إقليمية ودولية. وانقلبت كفة الصراع لصالح الأسد بعد التدخل الروسي.

واتهمت المعارضة الحكومة باستغلال المباحثات لزيادة الضغط العسكري بغرض استعادة السيطرة على أراض. وتتهم دمشق فصائل معارضة بالمشاركة في هجمات تشنها جبهة النصرة التي لا يشملها اتفاق وقف الأعمال القتالية كما لا يشمل الدولة الإسلامية. ومع ورود أنباء القتال في كثير من مناطق شمال غرب سوريا يوم الثلاثاء اتسم سلوك الطرفين بالتشدد.

وقال الجعفري لرويترز إن التفويض الممنوح لفريقه في جنيف يقف عند حد تشكيل حكومة وحدة وطنية. وأضاف أنه لا يوجد تفويض بأي شكل من الأشكال لمناقشة قضية الدستور التي تعني تشكيل دستور جديد أو مناقشة الانتخابات البرلمانية أو وضع الرئاسة. وتابع الجعفري بأن هذه أمور لا علاقة لأي طرف في جنيف بها وإنها ستتم حين يتوصل الشعب السوري لاتفاق.

وقبل مغادرة جنيف قال رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات إنه لا توجد أي فرصة للعودة للمفاوضات في ظل انتهاكات النظام للهدنة ومنع وصول المساعدات الإنسانية وتجاهل قضية المعتقلين. ورفض حجاب وهو يتحدث بغضب واضح أي احتمال لبقاء الأسد في السلطة وقال إن الرئيس السوري واهم.

وقال حجاب إن القوى الدولية عاجزة وبحاجة لإعادة تقييم الهدنة والموقف الإنساني من خلال المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم الولايات المتحدة وروسيا ودولا أوروبية ولاعبين إقليميين. وأضاف حجاب أن الهيئة العليا للمفاوضات مع هذا التجمد في الموقف لا يمكنها العودة للمباحثات الرسمية في ظل استمرار معاناة الناس رغم أنها ستترك في جنيف خبراء لمناقشة قضايا بعينها. وسيبقى وفد الحكومة السورية في جنيف.

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي يوم الإثنين بأن سوريا بدأت تنهار بسرعة أكبر وأن هذا البلد لن يخرج مما هو فيه إذا لم تعمل الولايات المتحدة وروسيا بتناغم.

وسعى مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا لإطلاق المباحثات في يناير لكن محاولاته فشلت قبل حتى أن تبدأ لأسباب أهمها الموقف المتدهور على الأرض. وجاءت محاولته الجديدة التي بدأت الشهر الماضي بعد تطبيق هدنة جزئية بدأت انطلقت في 27 فبراير الماضي بوساطة أمريكية روسية.

لكن المعارضة تؤكد عدم جدية الحكومة بشأن التقدم باتجاه عملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة وتقول إنها ستسفر عن إنشاء هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة بدون الأسد. ودعا قرار أصدره مجلس الأمن في ديسمبر الماضي لإنشاء "حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية" ويدعو لدستور جديد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال 18 شهرا.

وقال دي ميستورا إن كلا الطرفين "لا يقبلان أي تراجع" عن مطالبهما السياسية لكنه قال إن هذا طبيعي في أي مفاوضات. وقالت المعارضة بشكل واضح إن تعليق المفاوضات لا نهائي. وقال المعارض البارز جورج صبرا "المفاوضات ليس هناك موعد زمني لها. الموعد هو تنفيذ الأمور على الأرض. كذلك أيضا تصحيح مسار المفاوضات. ما لم يتم ذلك سيبقى المدى الزمني لها مفتوحا." وأضاف أن المعارضة أيضا "لديها شكوى كبيرة من الموقف الأمريكي. الموقف الأمريكي يدفع باستمرار باتجاه أن تبقى المفاوضات قائمة دون أن نتلقى شيئا حقيقيا من الوعود الكثيرة."

ودعا صبرا القوى الدولية أيضا إلى إمداد السوريين بما يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم قائلا "من واجب المجتمع الدولي أن يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم ويزودهم بما يمكنهم من فعل ذلك."

وقال بشار الزعبي القيادي البارز بالمعارضة المسلحة "لنتحدث بواقعية.. التصعيد سيبدأ." أما السعود قائد الفرقة 13- وهي فصيل مدعوم من الخارج يقاتل تحت مظلة الجيش السوري الحر- فقال إنه يأمل في الحصول على دعم عسكري إضافي من خصوم الأسد.

وقالت إحدى جماعات المعارضة إن القوات السورية مدعومة بغطاء جوي روسي شنت هجوما مضادا على فصائل المعارضة في محافظة اللاذقية بشمال غرب سوريا. وأكد هذا النبأ المرصد السوري لحقوق الإنسان. وشملت قائمة الأهداف في هذا الهجوم بلدات وقرى نعمت بهدوء شبه كامل منذ بدء اتفاق الهدنة الجزئية.

وقال المرصد السوري إن الغارات الجوية قتلت خمسة أشخاص على الأقل في بلدة كفر نبل في محافظة إدلب التي يسيطر عليها المسلحون وثلاثة آخرين في معرة النعمان. وأضاف المرصد أن صواريخ أطلقها المسلحون قتلت ثلاثة أطفال في كفريا هي بلدة شيعية موالية للحكومة. وذكرت وسائل إعلام حكومية أن القتلى من أسرة واحدة.

وركز القتال في اللاذقية على مناطق شنت فيها جماعات مسلحة هجمات على القوات الحكومية يوم الإثنين وفيها تندلع عادة معارك رغم اتفاق وقف الأعمال القتالية.

وقال فادي أحمد المتحدث باسم جماعة الفرقة الأولى الساحلية في المنطقة "النظام يحاول أن يقتحم المنطقة وتشاركه المروحيات الروسية والسوخوي الحربي." وأشار المرصد إلى أن القتال محتدم منذ الصباح.

تعليق عبر الفيس بوك