جهل بإيران أم تجاهل لها؟

علي بن مسعود المعشني

يقوم النظام السياسي المعمول به في إيران على مجموعة من المؤسسات الحاكمة وهي على النحو التالي:

المرشد الأعلى

وسَّع دستور إيران عام 1989 من سلطات الرئاسة وألغى منصب رئيس الوزراء ومنح الدستور سُلطات مطلقة للمرشد الأعلى الذي يشغله حالياً على خامنئي خلفًا للإمام الخميني منذ 1989.

ووفقاً لنظام الجمهورية الإسلامية القائم على حكم رجال الدين فإنّ خامنئي يملك سُلطات مطلقة تمنحه الفصل في كل شؤون الدولة بما في ذلك السياسة النووية والخطوط الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية وقرار الحرب والسلم فضلاً عن السلطة المُباشرة على الجيش وأجهزة المخابرات.

رئيس الجمهورية

ينتخب جمهور الناخبين الرئيس لفترتين كحد أقصى مدة الواحدة أربعة أعوام ويتبع الرئيس للزعيم الأعلى كما أنّ حُرية حركته تقيدها مجموعة من الأجهزة غير المنتخبة يسيطر على أغلبها رجال دين وأهمها مجلس صيانة الدستور.

ويتولى الرئيس مسؤولية السياسة الاقتصادية وتسيير الأمور اليومية لشؤون البلاد بمعاونة وزراء حكومته، بالإضافة إلى ترؤسه مجلس الأمن القومي الذي يتولى تنسيق السياسة الدفاعية والأمنية ويمكن للرئيس التوقيع على اتفاقيات مع حكومات أجنبية والموافقة على تعيين سفراء.

مجلس صيانة الدستور

يتألف مجلس صيانة الدستور من 12 عضواً هم ستة علماء كبار يُعينهم المرشد الأعلى وستة من القضاة.

يقوم المجلس بالإشراف على أن تكون القوانين التي يجيزها مجلس الشورى (البرلمان) تتفق والشريعة الإسلامية ودستور البلاد، كما يقوم بفحص أوراق المرشحين الراغبين في خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويصادق على نتائجها.

مجلس الشورى

يتألف مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) من 290 مقعدًا ومدة دورته البرلمانية أربعة أعوام حسب قانون الانتخاب المتبع.

ويملك المجلس سلطات إقرار القوانين واستدعاء واستجواب الوزراء والرئيس، لكنه يبقى خاضعًا لرقابة مجلس صيانة الدستور.

مجلس الخبراء

تأسس المجلس المؤلف من 88 عضوًا في عام 1982 وهو هيئة دينية تتولى الإشراف وتعيين وإقالة المُرشد الأعلى ونادرا ما يتدخل بالشؤون السياسية إذ إنّه مختص بالحفاظ على تطبيق أسس وأركان نظام ولاية الفقيه. ويترأس المجلس حالياً الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني.

مجلس تشخيص مصلحة النظام

ويترأسه رفسنجاني أيضًا، ويختص بحل أيّ خلافات تنشأ بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور. (رويتر)

المتابع للانتخابات الأخيرة في إيران وتحليل نتائجها من قبل السواد الأعظم من المحللين ووسائل الإعلام المختلفة في العالم وفي الوطن العربي على وجه الخصوص، يتيقن أنّ الجهل بإيران التاريخ والثورة والواقع مازال يقتطع نصيب الأسد في الأذهان والحواس. وأن الغالبية ما زالوا وكلاء لا شعوريين للنظرة الغربية لإيران والتي تحمل الكثير من الأماني والمنايا للتجربة الإيرانية.

إلى درجة تفسيرهم بأن انتصار الإصلاحيين في الانتخابات الأخيرة (مجلس الخبراء) يعني بالضرورة فناء الثورة الإيرانية وأفول نجم المُحافظين وتهتك المؤسسات الحرجة في إيران وإنهيارها، وكأن الإصلاحيين هم مخلوقات فضائية غزت إيران فجأة وليسوا طيفاً شرعياً من رحم الثورة الإيرانية ورجال دولة وطنيين يحملون هموم شعبهم ووطنهم فوق كل شيء.

مشكلتنا دائمًا أننا ننظر لإيران بأعيننا لا بأعين أبنائها، وبالتالي نفقد بوصلة الرشاد والصواب في التحليل والنتائج .

فالذي انتصر هو فكر الواقع والمرحلة التي تعيشها إيران والمؤثرات من حولها، وليسوا إصلاحيين مقابل تخريبيين.

فمن ينظر إلى المؤسسات الحرجة أعلاه يتيقن أن إيران اليوم دولة عميقة من الطراز الأول، ولم تعد تذروها الرياح أو نزعة الفرد كما كانت في العقود الماضية وأن الثورة لم تأتِ بزلزال فكري بحجم أماني الشعب الإيراني وتطلعاته وتراكم نضاله، بل أتت حُبلى كذلك بكل أسباب حصانة الثورة ومناعة الدولة من أية عمليات خطف أو سطو لحرف مسارها أو الإخلال بعقيدتها أو النيل من عبقريتها بزبونية سياسية من الداخل أو ببلطجة فكرية من الخارج.

أيُّ تيار يحقق الأغلبية في إيران في أي انتخابات رئيسية أو فرعية لا يستطيع سوى صون المكاسب والبناء عليها، والاجتهاد في الفروع لا في الأصول لمخاطبة الواقع وسنن التطور وما يحقق المصلحة العليا لإيران، كأي دولة عميقة وحيوية وفاعلة فوق الأرض وتحت الشمس.

الغريب أنّ الذين راهنوا على انحراف إيران بُعيد الانتخابات الأخيرة، هم ذاتهم من هللوا ورقصوا طربًا ووزعوا "الشربات" في الطرقات والشوارع بعد فوز أوباما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2008م!! إنهم أغرار سياسة وديمقراطية بحق.

قبل اللقاء: من تقلقه قوة إيران وحيويتها السياسية، عليه أن يقلق أكثر على وهنه وشتات ماضيه وحاضره ومستقبله، وعليه أن يفهم إيران لا أن يعلمها فقط.

وبالشكر تدوم النعم

Ali95312606@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك