"المتوحدون" في عُمان بخير.. ولكن!

أمل الجهورية

يفتح مجلس الشورى العماني في باكورة جلساته الحوارية للفترة الثامنة موضوعاً هامًا من خلال طرحه لقضيّة "الأطفال المصابين باضطرابات الطيف التوحدي" هذه الفئة التي أخذت في الانتشار بشكل متسارع مما يوحي بوجود أعباءٍ اجتماعية على العديد من الأسر المحتضنة لهؤلاء المصابين، ويشعل جرس إنذارٍ للمستقبل القريب الذي ستحتاج خلاله تلك الأعداد للتعليم والعلاج والعمل في بيئة لم تهيئ نفسها بعد بالمستوى المطلوب لهذا الأمر، ولم يستوعب أفرادها الثقافة الكافية حول ماهية هذا المرض، وكيفية اكتشافه والتعامل معه لا سيما في حدود الأسرة الصغيرة مرورا بالمدرسة والشارع الذي يتعايش معه المتوحد بما يجعل من تلك البيئة سببا في تفاقم المشكلة، والمجتمع عاملاً لانغماسه في العزلة اللامتناهية عندها تكون تلك البيئة إلى الداء أقرب منها إلى الدواء.

ويعكس اهتمام المجلس بهذه القضية مدى متابعة لجانه المختصة ودراستها لواقع المجتمع ومتطلباته اجتماعياً وصحياً من خلال اختصاصاتها لا سيما اللجنة الاجتماعية واللجنة الصحية التي وضعت لهذه الموضوع محاور متعددة تتمثل في واقع الرعاية الصحية المتاحة للمصابين بإضطرابات التوحد، وجوانب الدعم الحياتية وبرامج التأهيل المقدمة للمصابين باضطرابات التوحد، وكفاءة المؤسسات التربوية والتعليمية في التعامل مع حالات التوحد هذا إضافة إلى الفرص الوظيفية المتاحة للمصابين باضطرابات التوحد في سوق العمل العماني.

وفي استجابة سريعة لطرح مجلس الشورى لمثل هذا الموضوع في جلسة حوارية طالعتنا الصحف المحلية يوم أمس بتقرير متكامل أحسبه بالكاد صادر عن الجهات ذات الاختصاص حول الجهود الحكومية المتكاملة لرعاية المتوحدين في السلطنة من خلال عرض للخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، وهذا التقرير في حد ذاته يأتي في الوقت المناسب الذي يتزامن مع تنفيذ الجلسة الحوارية؛ إلا أنّه لا يغني عنها لأنّ الحاجة للحوار لها أهداف عديدة؛ فالمجلس لايسعى من تنفيذها لاستعراض الجهود والأرقام لما تم تنفيذه سابقاً، بل يريد وضع النقاط على الحروف لكثير من الاستفهامات المطروحة من قبل المجتمع حول هذا الموضوع؛ ليقف مع الجميع ممن يمثلون الجهات المختصة والمشاركين على استشراف المستقبل الذي يجب أن تكون عليه الخدمات المقدمة للمتوحدين من خلال وضع توصيات وحلول إجرائية يستطيع من خلالها المتوحد وأسرته الحصول على الحاجة الكافية من العناية بأنواعها، والاستناد إلى قاعدة من الجهود تساندها في التعامل مع هذا الطفل أو الشاب المتوحد من خلال توفير بيئة مناسبة يجد فيها ما يعينه على الاندماج مع أقرانه بشكل اجتماعي سليم، وتحت إشراف مختصين يستطيعون استثمار الطاقات الكامنة لديهم، ولا ضير هنا في الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في هذا المجال وإيجاد مراكز متخصصة تستطيع تقديم تلك الرعاية بشكل متكامل.

في ظل طرحنا لهذا الموضوع فإننا على يقين بأنّ المتوحدين بخير في عمان؛ ولكن الحوار يفتح مسارات جديدة للعطاء والبناء والعمل، ويمكن من خلاله الارتقاء بالواقع الموجود إلى المستقبل المأمول؛ لتجد كل فئة في هذا الوطن الغالي ما يليق بها من العناية والرعاية من خلال تكامل الأدوار بين مختلف الجهات.

Amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك