عملية جراحية ناجحة بمستشفى خولة لإزالة ورم بطول 13 سنتيمترا من وجه رضيعة

ثقة الوالدين بالطاقم الطبي وتعاون فريق العمل من مختلف التخصصات وراء نجاح العملية

مسقط - تركي الحوسني

تصوير/ عبدالفتاح الغافري

تمكَّن فريقُ أطباء جراحة الوجه والرأس بقسم التقويم والتصحيح بمستشفى خولة، مؤخرا، من إزالة ورم زائد يبلغ طوله ثلاثة عشر سنتيمترا من وجه طفلة رضيعة تبلغ من العمر ثماني أشهر، بكل نجاح، في عملية جراحية معقدة استغرقت أكثر من 14 ساعة.

وتعود تفاصيل حالة الطفلة "تقى" ذات الثمانية أشهر إلى تاريخ ولادتها؛ حيث ولدت مع وجود ورم زائد ممتد من قاع الدماغ إلى خارج الأنف بطول 13 سم. وكان الورم قد ضغط على عينها اليمنى؛ مما أثر على مستوى النظر لديها، وكذلك عمل على سد فتحة الأنف اليمنى، وكانت الطفلة تعاني من وجود مشكلة مرضية أخرى تمثلت وجود بطين واحد بدلا من بطينين داخل قلبها، وتم إجراء عملية جراحية له بالمستشفى السلطاني مسبقا تكللت بالنجاح.

وأوْضَح الدكتور تيمور البلوشي رئيس قسم التصحيح والتقويم بمستشفى خولة، أنه وبعد إجراء أشعة الرنين المغناطيسي والتحاليل لوجه ورأس الطفلة، اتضح وجود ورم حميد ورم جنيني بذري ومتعمق يبدأ من قاعدة المخ ومروره بالجدار الوسطي للعين مروراً بالجيوب الأنفية وفتحة الأنف اليمنى والفك، وانتهاء بالشفه العليا للفم؛ الأمر الذي أثر بشكل سلبي على ملامح وجه الطفلة الصغيرة ومستوى النظر لديها.

وأضاف الدكتور تيمور بأنه بعد تحليل الحالة تواصلنا مع والدي الطفلة وشرح كامل تفاصيلها والأساليب المتبعة في عمليات الأورام وجراحات الوجه والرأس وإمكانية إجراء العملية في السلطنة عن طريق أطباء مؤهلين وتقنيات حديثة عالية الجودة متوفرة بالمستشفى؛ حيث أبدى والد الطفلة ارتياحه لطاقم العمل ومنحهم ثقته في إجراء التدخل الجراحي دون تردد. بعد ذلك قمنا بالتواصل مع أطباء الأطفال والقلب وأطباء المخ والأعصاب وأطباء التخدير في كل من مستشفيات خولة والسلطاني وجامعة السلطان قابوس، وتقرر إجراء عملية استئصال الورم، ولكن بعد بلوغ الطفلة عمر الثمانية أشهر عقب الاطمئنان على حالة قلبها وبعد توفير تجهيزات خاصة بغرفة العمليات وغرفة العناية المركزة بعد العملية؛ كون العملية معقدة جدًّا.

وتابع الدكتور تيمور بأنَّه وبعد بلوغ الطفلة عمر الثمانية أشهر واستقرار حالة قلبها؛ تم إعادة إجراء التحاليل والأشعة للتأكد من وضع الورم وإمكانية تمدده أو تغير مساره. وتم تجهيز غرفة العمليات بالمستلزمات المطلوبة لمثل هذا النوع من الأورام وكذلك حضور ثلاثة أطباء تخدير، وثلاثة أطباء من التصحيح والتقويم وطبيبين من جراحة المخ والأعصاب وعدد من الفنيين والممرضين. كما تم الاستعانة بأطباء جراحة القلب وأطباء الأطفال لمتابعة الحالة في وحدة العناية المركزة التي تم تجهيزها بشكل خاص لهذه الحالة؛ وذلك بعد انتهاء عملية استئصال الورم.

وتطلبت عملية إزالة الورم الزائد المرور بعدة مراحل مختلفة؛ حيث قام أطباء المخ والأعصاب بفتح قحف الرأس والجمجمة وإزالة الورم من قاعدة المخ باستخدام الميكروسكوب الجراحي. بعد ذلك قام أطباء التصحيح والتقويم باستئصال الورم من فتحة القحف والجيوب الأنفية والجدار الوسطي للعين، وقطع الورم الممتد خارج الوجه. وتم إجراء فتحة بجانب فتحة الأنف اليمنى لإزالة الورم من داخل الأنف وإزالة جزء من عظم زائد كان يعيق مجرى التنفس بمشاركة جراحي الأنف والأذن والحنجرة. ثم تم استكمال العملية وإزالة باقي الورم والجزء المتبقي من العظم الزائد عن طريق فتحة الأنف والشفة العليا للفم. وذلك باستخدام أجهزة مجهرية دقيقة للغاية وتقنيات حديثة تم إدراجها في الخدمة مؤخرا ومساعدة طاقم متخصص في هذا المجال. كون العملية تجرى على طفلة رضيعة وتحتاج لدرجة كبيرة من التركيز ودقة متناهية في العمل. واستغرقت عملية استئصال الورم الزائد أكثر من 14 ساعة متواصلة. ولله الحمد تكللت ساعات العمل الطويلة والمتواصلة بإزالة الورم بكل نجاح.

وبعد إتمام العملية تم نقل "تقى" إلى وحدة العناية المركزة؛ حيث قام أطباء تخدير القلب وجراحي القلب وطب الأطفال بمتابعة الحالة الصحية لها. وتكللت جهود كامل الطاقم الطبي عن شفائها وتحسن ملامح وجهها علاوة على تحسن مجرى التنفس.

ويجري أطباء التصحيح والتقويم عملية أخرى للطفلة بعد مرور عام كامل؛ وذلك من أجل تصحيح وتقويم الأنف والشفه، وبعد بلوغ الطفلة عامها الثامن سوف تجرى لها عملية ثالثة لتصحيح فتحة العينين.

وقال الدكتور علي بن محاد المعشني مدير عام مستشفى خولة: إن العملية تعد من العمليات النادرة نظرا لصغر سن الطفلة وحجم الورم الذي تبين تأثيره على ملامح وجهها وتأثر العين والأنف بشكل سلبي، وأشار إلى أن العملية تمت بالنجاح التام، وبعد تضافر جهود جميع الأطباء المشاركين من مختلف التخصصات من مستشفيات خولة والسلطاني وجامعة السلطان قابوس. معرباً عن شكره لجميع أفراد الكادر الطبي من أطباء وتمريض وفنيين على ما بذلوه من جهود أثناء تشخيص الحالة ومتابعتها والمشاركة في إجراء العملية بكل احتراف ودقة.

وعبًّر والد الطفلة "تقى" عن ارتياحه لنجاح العملية وفرحته بتمام شفائها. وقال إن ما حدث مع تقى هو ابتلاء من عند الله عزوجل والحمدلله على السراء والضراء، وقد مررت أنا ووالدتها بأوقات عصيبة منذ ولادتها جاهدين في توفير كل سبل الراحة وتوفير العلاج اللازم لها. وكان بعض الأقارب ينصحوننا بعلاج الطفلة خارج السلطنة، إلا أنَّ توافر الخدمات العلاجية المتخصصة بالسلطنة ووجود كادر ذي خبرة كبيرة جعلنا نقرر إجراء العملية داخل السلطنة؛ وبفضل الله وتكاتف الكوادر الطبية من مستشفيات خولة والسلطاني وجامعة السلطان قابوس إضافة إلى تعاونهم في تجهيز المكان والعناية الخاصة تكللت الجهود بنجاح العملية. ونشكر جميع أفراد الطاقم الطبي على ما بذلوه من رعاية واهتمام لابنتنا "تقى".

ويُشار إلى أنَّ فريق جراحة الوجه والرأس بمستشفى خولة يعد الأول من نوعه على مستوى دول مجلس التعاون، وكان قد بدأ العمل كفريق مشترك عام 2008م. ويتكون الفريق من أطباء من عدة تخصصات تشمل التصحيح والتقويم، المخ والأعصاب والأنف والأذن والحنجرة. وقد أجرى الفريق منذ نشأته أكثر من 40 عملية متعلقة بالتشوهات الخلقية للوجه والجمجمة، إلا أن عملية الطفلة "تقى" تعتبر أول عملية تجرى لاستئصال ورم يمتد من الدماغ مرورا بالوجه وانتهاء بخارجه. ومع وجود خدمة جراحة الوجه والرأس تكون وزارة الصحة قد قطعت شوطا مهماً لتعزيز الرعاية الصحية للمرضى الذين يعانون من تشوهات خلقية في الوجه والرأس نتيجة الإصابات والحوادث والحالات الوراثية أو الطفرات الجينية.

تعليق عبر الفيس بوك