أصحاب أعمال ومسؤولون: القطاع الصناعي الخيار الإستراتيجي الأول للتنويع الاقتصادي.. وفرس الرهان في رفع معدلات التنمية

أكدوا أنّ أزمة تراجع النفط فرصة مواتية لتعزيز نمو "الصغيرة والمتوسطة".. والصناعات التحويلية قادرة على تعويض النقص

 

 

 

 

الحسني: توفير 14 ألف فرصة عمل في منشآت "المناطق الصناعية" بنهاية 2015

الفارسي: "الصغيرة والمتوسطة" مستقبل النمو الاقتصادي والتنويع الحقيقي لمصادر الدخل

البطاشي: التحديات لا تزال تعيق زيادة إسهام القطاع الخاص في النمو الاقتصادي

البطحري: استهداف خطة طويلة الأمد بقطاع التعدين يرفع من قدر العوائد المتوقعة

البلوشي: قطاع التعدين يعاني من بطء الإجراءات وصعوبة الاشتراطات وتحديات التمويل

الكلباني: ندرة الأراضي وتأخر سداد مستحقات الشركات وعدم تنفيذ المنطقة الصناعية.. تحديات القطاع الخاص بالظاهرة

 

 

 

 

ضرورة التعجيل بتعديلات قوانين الاستثمار والقضاء على البيروقراطية

القطاع الخاص قادر على الخروج بالاقتصاد من "عنق الزجاجة"

تواصل أعمال التطوير واستحداث مناطق صناعية في مختلف ولايات السلطنة

الفجوة العميقة بين المخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل تفاقم أعداد الباحثين عن وظائف

بيروقراطية الأنظمة والقوانين تعرقل تحول السلطنة إلى مركز تجميع صناعي رائد

تحديات التعمين قلصت فرص نمو قطاعات محددة مع تراجع إمكانية التدريب والتأهيل

 

 

الرؤية - فايزة الكلبانية

 

شدَّد عددٌ من أصحاب الأعمال على أنّ القطاع الصناعي يُمثل الخيار الإستراتيجي الأول للسلطنة في التنويع الاقتصادي، في ظل التراجع الحاد لأسعار النفط، وتداعيات ذلك على إيرادات السلطنة، مشيرين إلى أنّ القطاع قادر أيضًا على رفع معدلات التنمية من خلال توفير مزيد من فرص العمل وضخ استثمارات جديدة بالمنظومة الاقتصادية.

وقالوا إنّ أزمة تراجع النفط تمثل فرصة مواتية لتعزيز نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما أنّ الصناعات التحويلية قادرة على تعويض النقص الواضح في انخفاض العوائد المالية.

ودعوا إلى ضرورة التعجيل بتعديلات قوانين الاستثمار والقضاء على البيروقراطية، مؤكدين قدرة القطاع الخاص على الخروج بالاقتصاد من "عنق الزجاجة".

ولفتوا إلى أنّ بيئة الاستثمار والعمل تواجه جملة من التحديات تتمثل في الفجوة العميقة بين المخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل، ما يزيد من أعداد الباحثين عن وظائف لعدم ملاءمة تخصصاتهم بما يحتاج إليه السوق، فضلاً عن أنّ الأنظمة البيروقراطية والقوانين المقيدة للأنشطة الاقتصادية تعرقل فتح الباب أمام القطاع الخاص للنهوض الاقتصادي.

وقال هلال بن حمد الحسني الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية إنّ القطاع الصناعي يُسهم بدور محوري في أداء الاقتصاد الوطني، ويحقق نموًا متسارعًا على كافة المستويات؛ حيث تجاوزت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي 10 في المئة، كما يُعد من أهم القطاعات التي تساهم في توفير فرص عمل للشباب. وأشار الحسني إلى أنّ الصناعات القائمة بالمناطق الصناعية التابعة للمؤسسة وفرت بنهاية عام 2015 ما يربو عن 14 ألف فرصة عمل للمواطنين العمانين، يعملون فيما يزيد عن 800 منشأة صناعية قائمة، كما أنّ هناك أكثر من 700 منشأة تحت الإنشاء، ستوفر ما يقارب 14 ألف فرصة عمل خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وتابع الحسني أنّ القطاع الصناعي من القطاعات الواعدة التي تساهم في التنويع الاقتصادي بالسلطنة، كما أنّه يمثل جزءًا مهمًا من المنظومة التنموية في السلطنة ومساهمة القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى السعي لجذب الاستثمارات الأجنبية بمختلف الصناعات، وهو التركيز على تطويرالصناعات المحلية العمانية ذات القيمة المضافة العالية مثل التعدين والثروة السمكية، والصناعات الغذائية وصناعات التجميع لإعادة التصدير والصناعات الأساسية المعتمدة على الغاز، بالإضافة إلى الإستراتيجيات الحكومية الرامية إلى تشجيع الخدمات اللوجستية لاستكمال المنظومة الصناعية والتجارية للسلطنة، بما يعزز الفرص الاستثمارية المتوفرة حاليًا.

التعليم وسوق العمل

وحول آلية المواءمة بين مخرجات التعليم التقني والتدريب المهني من جهة واحتياجات سوق العمل من جهة أخرى، أوضح الحسني أنه من الضروري تشجيع القطاع الخاص والصناديق الاستثمارية على المساهمة في النهوض بالقطاع الصناعي من خلال العمل فيه كمطورين، بما يُساعد على خفض الإنفاق الحكومي في هذا القطاع. وأشار الحسني إلى أنّ المناطق الصناعية يتوافر لديها منظومة وطنية ذات كفاءات جيدة، لكنها بحاجة إلى التركيز على التدريب التخصصي والمتمثل في التدريب على رأس العمل، لافتاً إلى أن هناك نماذج ناجحة في بعض الشركات الصناعية؛ إذ وصلت نسب التعمين لأكثر من 70 في المئة. غير أنّه بيّن أنّ الصناعة الوطنية لا تزال تحتاج إلى شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص والحكومي في الصناعة، وعلى هذه الشركات استقطاع جزء من موازنتها لتدريب الشباب فنياً مساهمة منهم في التنمية.

وبالإشارة إلى مستجدات إنشاء عدد من المناطق الصناعية في مختلف محافظات السلطنة، أوضح الحسني أن العمل جار في مشروع "المنطقة الصناعية في سمائل"، وتبلغ تكلفة إنشاء المنطقة الصناعية 39 مليون ريال عماني، في حين أن "المنطقة الصناعية في صحار" تمر بالمرحلة، وقد تمّ تنفيذ التوسعة فيها بحدود 19 مليون ريال عماني، كما نفذت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية توسعة "المنطقة الصناعية نزوى" والمنطقة الصناعية في ريسوت، وجارٍ العمل على تطوير منطقة صور الصناعية، لافتاً إلى أنّ هناك دراسة اقتصادية يتم تنفيذها تستهدف المنطقة حالياً، ويتم التركيز على تنمية منطقة البريمي الصناعية بهدف توطين أكبر قدر من المشاريع فيها.

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

أما عن دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مواجهة أزمة انخفاض أسعار النفط، فقد تحدث طارق بن سليمان الفارسي الرئيس التنفيذي لصندوق الرفد عن هذه النقطة بتسليط الضوء على أهمية أن يشارك هذا القطاع في دعم نمو الاقتصاد الوطني. وقال إنّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحظى بأهمية كبيرة في أيّ بلد يأمل تعزيز النمو الاقتصادي، مشيرًا إلى أنّ هناك بلدان متقدمة تعتمد اقتصادياتها بشكل كلي على هذا القطاع. وأوضح أنّ مؤسسات الدولة تعمل على دعم قطاع المؤسسات الصغيرة المتوسطة وتشجيع الشباب على إنشاء هذا النوع من المؤسسات في القطاعات الأساسية كالزراعة والسياحة والمشتقات النفطية والتعدين والصناعة والقطاع اللوجستي، بما يُساعد على رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي، وتخفيض الاعتماد على عائدات النفط، بالإضافة إلى أهمية هذا القطاع في القدرة على خلق وظائف بشكل مستمر ومتسارع.

وأوضح الفارسي أنّ للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إسهام حقيقي في تحريك عجلة النمو الاقتصادي، وتحقيق التنوع التنموي المنشود؛ سواء في فترات الاستقرار أو في ظل الأزمات، مشيرًا إلى أنّ دولاً مثل اليابان وألمانيا أعادت بناء اقتصادها من خلال تركيز الاهتمام على تنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأضاف أنّ هذه المؤسسات تتميز بعدة خصائص تتمثل في سرعة التأقلم في ظل التغيرات والظروف المحيطة، ومن خلال تأثيرها على بعض المتغيرات الاقتصادية الكلية مثل إجمالي الناتج المحلي والاستهلاك والعمالة والاستثمار والصادرات، إلى جانب مساهمتها في تحقيق العدالة الاجتماعية، كما أنها قادرة على قيادة الاقتصاد الوطني بأقل رأس مال ممكن. وتابع أن ثمة خطوات بسيطة قادرة على تعزيز تنافسية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنويع مصادر الدخل، والبعد عن الاعتماد على النفط؛ إذ تمتلك هذه المؤسسات إمكانات كبيرة في مجال تصدير السلع غير النفطية. غير أنّ الفارسي أشار إلى أن نجاح هذه المؤسسات مرهون بإرساء مناخ ملائم يشمل الأطر القانونية والمالية والتجارية والضريبية لهذا النوع من المؤسسات، كونها تمثل رافدا حيوياً يحمل مقومات التميز. وزاد الفارسي أن العديد من الدراسات الاقتصادية المتخصصة والأبحاث الجديدة تؤكد أن تنمية الصادرات تكمن خارج القطاع النفطي، وترتبط بمدى تشجيع وتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يسهم في بعث ديناميكية جديدة لتحريك عجلة النمو الاقتصادي.

تحديات وتعقيدات

وحول التحديات التي يواجهها قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أوضح الفارسي أنّ التناغم بين مختلف الجهات والعمل على هدف واحد نحو دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإعطاء الثقة للشباب وإسناد الأعمال إليهم، هو أكبر تحد خلال المرحلة الحالية، مشيرًا إلى أنّ توسيع قاعدة الدعم لهذه المؤسسات يجب أن يكون أساس عمل مختلف الجهات، نظراً للعوائد التي يمكن أن تتحقق للجميع.

وقال إنّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه جملة من التحديات؛ بعضها مرتبط بقصور ذاتي داخل هذه المؤسسات؛ مثل ضعف الإدارة التسويقية بسبب انخفاض الإمكانيات المالية، أوعدم اتباع الأساليب الحديثة في الإدارة، مضيفاً أن معظم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تُعاني من عدم معرفتها بقواعد وأساليب التعامل مع الجهات الإدارية الرسمية في الدولة؛ مثل السجلات التجارية والصناعية، مما يؤدي إلى طول الوقت اللازم لإنجاز معاملاتها، وأخرى تتعلق بتعدد الجهات التي تتعامل معها المؤسسات والبيروقراطية وكثرة المستندات المطلوبة في بعض الأحيان، مما يُعد هدراً للوقت والجهد والمال والتحيز لصالح المؤسسات الكبيرة، والمتمثلة في أنظمة الحوافز والتسهيلات والدعم، وعدم اعتماد نظام المشتريات الحكومية، بحيث يضمن بالقانون الأفضلية لشراء منتجات وخدمات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لزيادة قدرتها التنافسية.

وتابع أن إجراءات تنفيذ قرارات ندوة سيح الشامخات تحل الكثير من هذه التحديات، لكن تبقى الإرادة والثقة في قدرة تلك المؤسسات على النجاح بشكل احترافي التحدي الأعظم، وما يستدعي من المؤسسات ذاتها تبني آليات حديثة في الإدارة والتسويق، تمكنها من طرح نفسها بشكل يطمئن أصحاب المشاريع الكبيرة، في القطاعين العام والخاص.

خطط وإستراتيجيات

وحول الخطط والإستراتيجيات التي تتبعها الجهات المعنية بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عامة وصندوق الرفد خاصة، مع انخفاض أسعار النفط، قال الفارسي إنّ انخفاض النفط يمثل فرصة مواتية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتطوير ذاتها، إذ إنّ أزمة النفط فرضت على القطاعين الحكومي والخاص الاهتمام بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة داخل السلطنة، بما يتناسب مع تخفيض الإنفاق القائم لتفادي تداعيات انخفاض أسعار النفط، وشدَّد على أهمية أن يقوم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باستثمار هذه الفرص، من خلال التطوير الإداري والتسويقي والفني لهذه المؤسسات.

وزاد أنّ الأزمة الراهنة تفرض على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إنجاز أعمال ضخمة، مقارنة بقدرتها المالية والإدارية والفنية، مشيرا إلى أن النجاح يتطلب وضع خطط مدروسة وهيكلية تمويلية سليمة، والأخذ بعين الاعتبار اقتناص الفرص المناسبة بعناية، والبحث عما يتوافق مع استراتيجية الأعمال لدى هذه المؤسسات، والتأكد من توافر رأس المال اللازم لديها لتتمكن من إنجاز أيّ عقد جديد قد يُسند إليها.

وأشار إلى أنّه نظراً لحجم المشاريع التي يتم تنفيذها في السلطنة، فإنّ عامل الجذب بالنسبة للمُؤسسات الصغيرة والمُتوسطة يتمثّل في سعيهم نحو إنجاز مشاريع قد تفوق مقدرتها؛ وهو ما يبرز أهمية الاختيار المدروس الذي يجب أن تقوم به المُؤسسات الصغيرة والمُتوسطة والذي يمكنها من بناء سجلٍ مهنيٍ حافلٍ يُعزّز من مستوى المؤسسة وكفاءتها، وأرباحها، والأهم من ذلك كله، قدرتها على إنجاز المشاريع ضمن المعايير والشروط المُحدّدة. كما أنّ تسهيل إجراءات التمويل وفي ذات الوقت المزيد من الدعم والمساندة لهذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعد أيضاً عنصرًا هاماً في الإستراتيجية التي تساهم في إحداث المزيد من المؤسسات بما يسهم في تنمية وتنويع الاقتصاد الوطني وعدم الاعتماد على القطاع النفطي كعنصر أساسي لدعم الاقتصاد.

الأطراف الثلاثة

فيما قال نبهان البطاشي رئيس الاتحاد العام لعمال السلطنة إن هناك مجموعة من التحديات التي تمّ تذليلها بفضل بعض التعديلات التي طرأت على التشريعات المنظمة لسوق العمل، من خلال التعاون مع أطراف الإنتاج، والمفاوضات الجماعية بين النقابات أو ممثلي العمال وأصحاب العمل. لكنه أشار إلى عدد من التحديات الأخرى لا تزال تقف عائقًا دون الأداء المرتقب للقطاع الخاص، منها على سبيل المثال عدم توافر بعض التخصصات في الجامعات والكليات والمعاهد التي يحتاجها سوق العمل، ونظام الدراسة في الكليات والجامعات غالبًا ما يتركز على الجانب النظري أكثر من الجانب العملي، علاوة على عدم وضع الثقة الكافية في القوى العاملة الوطنية من قبل أصحاب الأعمال، وكذلك ضعف الأجور والحوافز والمكافآت المادية والمعنوية في أغلب منشآت القطاع الخاص، فضلا عن الإدارات الأجنبية؛ حيث تسعى بعض هذه الإدارات إلى إقصاء وتهميش العامل المواطن حتى لا يتمكن من تطوير وتنمية مهاراته والاستفادة من خبراتهم، وأن يبقى قابعاً في مكانه، ولا يجد ما يؤهله لتبوؤ مقاعد مسؤولي الإدارة الأجنبية. وتابع البطاشي أن من بين التحديات قصور التشريعات المنظمة للعمل، وقلة عدد أيام الإجازات بمختلف أنواعها بقانون العمل مقارنةً بالإجازات في القطاع الحكومي، وتعسف أصحاب العمل باستعمال حق إنهاء الخدمة، وضعف نظام التقاعد والمنافع التأمينية بقانون التأمينات الاجتماعية، وهو ما يشكل هاجساً كبيراً لدى القوى العاملة الوطنية، بالإضافة إلى خطورة بيئة العمل وعدم تطابقها لاشتراطات السلامة والصحة المهنية.

حلول مقترحة

وحول إمكانية نجاح القطاع الخاص في مواجهة التحديات، قال البطاشي إنّ ذلك يكمن في زيادة استيعاب الجامعات والكليات والمعاهد لمخرجات التعليم العام، خصوصًا في التخصصات الفنية والمهنية، وتعزيز مستوى التدريب والتأهيل بها، وكذلك تعديل التشريعات المنظمة للعمل بما يضمن تطوير وتنمية الموارد البشرية الوطنية، وتعمين الوظائف العليا بمنشآت القطاع الخاص، ورفع الأجور ووضع امتيازات وتسهيلات خاصة للقوى العاملة الوطنية بالقطاع الخاص، وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية بما يُحقق المساواة- على الأقل- بين العامل في القطاع الخاص والموظف بالقطاع المدني، وتوعية أصحاب الأعمال بواجبهم الوطني لوضع الثقة في القوى العاملة الوطنية لتقَلُّد الوظائف العليا، وإمكانية الاستعانة بالخبرات الأجنبية مؤقتاً كاستشاريين ومساعدين لا أصحاب قرار. وأوضح البطاشي أنّ من بين الحلول تعزيز تفتيش العمل للتأكد من التزام منشآت القطاع الخاص بقانون العمل والقرارات الوزارية المنفذة له واللوائح الداخلية للمنشآت، والتأكد من تطبيقها لاشتراطات السلامة والصحة المهنية.

وأوضح البطاشي أنّ هناك تداعيات ناجمة عن تراجع أسعار النفط، والتي تؤثر على العاملين بقطاع النفط والغاز، في ظل غياب الحلول العاجلة للحد من هذه الأزمة، لافتاً إلى أنّ هذه المشكلة تتطلب تضافر جهود جميع الجهات المعنية، ولا يقتصر الحل على جهة دون أخرى. وقال إنّ هناك عدداً من الأدوار يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص لمواجهة هذه الأزمة، منها على سبيل المثال التزام المنشآت العاملة بقطاع النفط والغاز بنسب التعمين المقررة، لا سيما الشركات المتعاقدة من الباطن، والتي تقدم خدمات مساندة للشركات الأم؛ حيث تقوم تلك الشركات باستقدام أعداد كبيرة من القوى العاملة الوافدة، في حين يتم إنهاء خدمات المئات من القوى العاملة الوطنية، وكذلك العمل بشكل جاد على إحلال القوى العاملة الوطنية محل القوى العاملة الوافدة، وهو ما سيخلق عددًا كبيرًا من الوظائف للمواطنين الباحثين عن عمل، فضلًا عن الحد من ظاهرة التسريح الجماعي بالقطاع، علاوة على تحرير الاستثمار في هذا القطاع من قيود الأنظمة والتشريعات، من خلال تعديل تلك الأنظمة والتشريعات، وبما يشجع على الاستثمار ولا يخل في ذات الوقت بحقوق العمال.

شراكة حقيقية

ومن جانبه، قال غانم بن ظاهر البطحري رئيس مجلس إدارة شركة البركة للخدمات النفطية إنّ قطاع التعدين لا يزال في طور الإنشاء، غير أنّه أوضح أن تخصيص هيئة حكومية تهتم بهذا القطاع وتنظيم الاستثمار فيه وتنميته، يعكس البعد الاقتصادي للعائد الواعد على السلطنة. وبين أن الاستثمار في هذا القطاع هو استثمار طويل الأمد، تنعكس عائداته على فترات متباعدة، إلا أنها تكون رافداً مهمًا لتنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانة السلطنة العالمية. وأضاف أن الواقع الاقتصادي بتحدياته المتمثّلة في انخفاض أسعار النفط، يلقي بظلال سلبية على الكثير من القطاعات الأخرى غير النفطية؛ إذ إن القطاعات بشكل عام تنتعش بالوضع الاقتصادي الكلي، القائم في الأساس حتى الآن على عوائد النفط. وأشار إلى أن القطاعات الصناعية تتفهم هذه التحديات إلا أن الصناعيين يأملون أن يكونوا شركاء مع الحكومة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التحديات، بما يضمن استمرارية الأعمال التجارية القائمة والتشجيع على مزيد من الاستثمارات.

وأضاف البطحري أنّ أبرز التحديات الحالية تتمثل في الحاجة إلى الكثير من التنظيمات والتشريعات لتحفيز الاستثمار الصناعي وتوفير كوادر مؤهلة للارتقاء بالمنظمات العاملة في هذا القطاع، لافتاً إلى أنّ الصناعات التحويلية تمثل ركيزة رئيسية في تنويع مصادر الدخل؛ كونها تتناسق ومركز السلطنة كمنتج للنفط والغاز حيث يُعد الاستثمار في الصناعات التحويلية وسيلة تكميلية مهمة لتدوير عائدات النفط والغاز داخل السلطنة بدلاً من خروج هذه الاستثمارات لأسواق خارجية. وتابع أن صادرات النفط والغاز تشكل نسبة كبيرة من الإنتاج المحلي، وذلك لعدم وجود صناعات تحويلية بالقدر الكافي، مؤكدا أن مثل هذه الصناعات تتيح فرص عمل، وإن كانت بأعداد متوسطة نسبياً، كون العديد من المصانع حالياً تعتمد في عملياتها على نظم التشغيل الآلية.

ومضى البطحري قائلاً إنّ ثمة فجوة واضحة بين مخرجات التعليم التقني والتدريب المهني واحتياجات سوق العمل، وهو ما ينعكس سلبا على ارتفاع نسبة الباحثين عّن عمل، لكنه لم ينفِ أن هذه الفجوة بدأت في التقلص خلال السنوات الأربع الأخيرة، نظرًا لافتتاح الكثير من مراكز التدريب المتخصصة في مجالات محددة يتطلبها سوق العمل، منها مراكز التدريب في قطاع النفط والغار، ومراكز تقنية صيانة المركبات.

وأكد البطحري أنّ السوق العُماني من الأسواق الجاذبة للاستثمار؛ لعدة عوامل من أهمها الاستقرار الأمني والنشاط الاقتصادي المتنامي وتوافر قوى عاملة قابلة للتأهيل والتدريب، مما يتيح للسلطنة أن تكون مركزا للتجميع للكثير من الصناعات إلا أن العائق الأكبر يتمثل في بيروقراطية الأنظمة التي تعيق الاستثمار السلس.

مشكلات البيروقراطية

وقال ياسر بن داود البلوشي الرئيس التنفيذي لشركة النهضة للمعادن والتجارة إن قطاع التعدين يواجه العديد من التحديات؛ وفي مقدمتها القرارات والاشتراطات التي تفرضها الجهات المعنية على الشركات العاملة في القطاع، سواء كانت شركات كبرى أو صغيرة أو متوسطة، هذا إلى جانب بطء الإجراءات الخاصة بالتراخيص والعمال، وما تتضمنه من اشتراطات بالإضافة إلى تحديات التمويل.

وأشار إلى أنّ قطاع التعدين يعد من القطاعات الحيوية المهمة التي يجب أن تحظى باهتمام أكبر، لاسيما في ظل وجود هيئة حكومية مختصة بهذا القطاع وتنظيم العمل فيه، موضحاً أنّ كافة العاملين في القطاع بانتظار آليات العمل الجديدة المرتقب الإعلان عنها وخطط الهيئة واستراتيجيات عملها، والتي لم تر النور حتى اللحظة. ودعا البلوشي إلى ضرورة تسهيل الاستثمار والعمل أمام شركات التعدين من حيث الإجراءات والرسوم، ومراعاة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها السلطنة وجميع الدول، وكذلك المنافسة الإقليمية المحتدمة على أشدها.

وأضاف البلوشي: "نحن كشركات تعمل في قطاع التعدين نواجه العديد من التحديات في عملية تصدير المعادن، فعلى سبيل المثال في ميناء صحار، هناك شركة تتولى العمل وتنظيمه، ويتم التعامل مع الشركات بأسعار باهظة وتكاليف مرتفعة، وهو ما يستلزم تدخل الحكومة وأن تتولى هي الإشراف على عمليات تصدير المعادن، إذ إنّ البديل هو هروب رؤوس الأموال وعدم تفضيل السلطنة للاستثمار فيها".

وحثَّ البلوشي على أهمية العمل على الاستفادة من عوائد جميع المناطق الحرة، لاسيما تلك المناطق القريبة من المنافذ الحدودية، وكذلك تركيز العمل والاهتمام بقطاع السياحة، والاستفادة مما تمتلكه السلطنة من مقومات سياحية واعدة، وتقليص الإجراءات البيروقراطية المحلية التي تُعيق تنفيذ المشاريع وتعمل على تعطيلها وبطء تخليص إجراءاتها. وأشار البلوشي إلى أهمية الاستفادة كذلك من دار الأوبرا السلطانية كمعلم حضاري وثقافي مميز، يمكن أن يرفد القطاع السياحي.

 

التنمية المحلية

وقال علي بن صالح الكلباني عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان رئيس فرع الغرفة بمحافظة الظاهرة إنّ فرع الغرفة بالظاهرة يعمل على رصد المُعوقات التي تواجه الاقتصاد والتنمية في ولايات محافظة الظاهرة الثلاث (عبري وضنك وينقل)، مشيراً إلى أنّ الغرفة رصدت عدم وجود منطقة صناعية بالمحافظة. وقال إن أبناء المحافظة يناشدون المسؤولين والجهات المعنية منذ مدة بأهمية إنشاء منطقة صناعية تتبع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية، لكن حتى الآن لا توجد أية مؤشرات على تنفيذ هذا المطلب، على الرغم من أنه تم رصد مبلغ مليوني ريال عماني في الخطة الخمسية المنتهية (2011- 2015) لهذا الغرض، ويحدو أبناء الظاهرة الأمل بأن يتم إدراج تنفيذ هذا المشروع ضمن الخطة الخمسية التاسعة (2016-2020). وأضاف الكلباني أنّ من بين المعوقات كذلك الروتين المعطل والتأخير في إنجاز المعاملات، إذ من الملاحظ أن بعض الجهات ذات الصلة بالجوانب الاقتصادية والتنموية تعاني من روتين يعطل ويؤخر إنجاز المعاملات، داعياً إلى ضرورة تأهيل الكادر البشري في هذه الجهات، وتحفيزه على المبادرة وحب العمل والسعي نحو تسهيل وتيسير الإجراءات دون مخالفة القوانين والأنظمة المعمول بها.

وتابع الكلباني أنّ المنظمة الاقتصادية تُعاني كذلك من غياب التمثيل الحقيقي للقطاعات الاقتصادية في المجالس البلدية، فعلى الرغم من تفاؤل القطاع الاقتصادي بتأسيس المجالس البلدية في المحافظات، إلا أنّ الجهات الرسمية والمعنية مباشرة بالجوانب الاقتصادية لم تكن ضمن عضوية هذه المجالس، داعيًا إلى إعادة النظر في تشكيل هذه المجالس، بحيث يتم إضافة عضوية القطاع الخاص (الشريك الرئيسي في التنمية)، وأنّ يكون ممثلاً في غرفة تجارة وصناعة عمان. وأضاف رئيس فرع الغرفة في الظاهرة أن القطاع الخاص يواجه كذلك تحدي التأخير في دفع المستحقات المالية للشركات والمؤسسات من قبل بعض الجهات الحكومية، مشيرًا إلى أنّ ذلك يؤثر سلبًا عليها، لاسيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح أنّه جرى تدارس هذا الجانب في الندوة الأخيرة التي عقدت لتقييم قرارات ندوة سيح الشامخات، وتضمن البيان الختامي للندوة ألا تتجاوز فترة السداد 28 يوماً، مطالباً بسرعة تطبيق هذه التوصية خلال المرحلة المقبلة.

وأشار الكلباني إلى مسألة ندرة الأراضي المخصصة للاستثمار في محافظة الظاهرة، سواء التجارية أو الصناعية أو السياحية وكذلك المعارض، وقال إنّ محافظة الظاهرة تُعاني من قلة المخططات المخصصة للاستثمار في المجالات التجارية والصناعية والسياحية والمعارض، وهو ما يشكل عائقاً لعملية الاستثمار بالمحافظة خاصة مع عدم وجود منطقة صناعية حتى الآن. وقال إنّ هذه المخططات في حال توفيرها فهي قليلة ولا تصاحبها خدمات البنية الأساسية، أما بالنسبة لأراضي المعارض، فإنّه لا يخفى على أحد المعاناة التي تواجه أصحاب معارض السيارات وغيرهم في ممارسة أعمالهم، ما يدفعهم إلى العرض في أماكن غير مناسبة، على سبيل المثال بالقرب من مواقف الجوامع وعلى قارعة الطريق وعلى مجاري الشعاب والأودية، فضلاً عن عدم توافر قاعات أو أماكن مخصصة لإقامة المعارض التجارية والمتخصصة كمركز للمعارض مثلاً.

مشاريع استثمارية

وتحدث الكلباني عن قلة الاهتمام الحكومي بالمحافظة، مشيراً إلى أنّ الاهتمام الحكومي بولايات المحافظة لا يرقى إلى المستوى الذي يطمح إليه أبناء المحافظة، وهذا يتجلى من خلال المشاريع الاستثمارية التي تخصص للمحافظة بالخطط الخمسية التي تنفذها الحكومة. وبرهن الكلباني على ذلك بإحصاءات البرنامج الاستثماري للوزارات المدنية خلال خطة التنمية الخمسية الثامنة (2011-2015)، والوثيقة الثانية الصادرة من وزارة الاقتصاد الوطني حينها (ملغاة)، إذ تؤكد الأرقام أنّ حصة محافظة الظاهرة من تكلفة المشاريع الجديدة للوزارات المدنية بالخطة بعد استبعاد تكلفة المشاريع ذات الطبيعة الشاملة، تبلغ 31,6 مليون ريال عماني فقط بنسبة 1,1%، وفي الخطة الخمسية السابعة (2006-2010) بلغت قيمة الاستثمارات المنفذة 80,3 مليون ريال عماني وبنسبة 1,8% بعد استبعاد تكلفة المشاريع ذات الطبيعة الشاملة.

وأضاف أنّه من جانب آخر، تظهر قلة الاهتمام الحكومي بالمحافظة، من خلال ندرة اللقاءات الوزارية المفتوحة مع المواطنين وأصحاب وصاحبات الأعمال للاطلاع على ما يعانيه أبناء المحافظة من تحديات، علاوة على عدم وضع دراسة اقتصادية شاملة تتيح لأصحاب القرار وضع رؤية اقتصادية شاملة وواضحة المعالم تخدم الاستثمار وعملية التنمية في المحافظة. وأشار إلى أنّه من الملاحظ أنّ أدوار وأداء بعض الإدارات والهيئات الحكومية لا يجري على النحو المأمول، موضحًا أن الأسباب وراء ذلك غير واضحة، على حد قوله.

ولفت الكلباني كذلك إلى ضعف مستوى وتوافر الخدمات بمخططات الورش الصناعية؛ حيث يتواجد بولايات محافظة الظاهرة بعض المخططات ومواقع للورش الصناعية، لكنها تفتقر إلى الكثير من المتطلبات الخدمية وخدمات البنية الأساسية، علاوة على أنّ المعاناة آخذة في التزايد، في ظل عدم وجود منطقة صناعية بالمحافظة.

تحديات التعمين

وعرج الكلباني إلى أبرز القضايا المطروحة في القطاع الخاص، وهي قضية التعمين، حيث قال إنّ الجهات المتخصصة عملت طوال السنوات الماضية على تعمين بعض القطاعات وفرض نسب تعمين في مختلف هذه القطاعات. وأضاف أنّه بحكم طبيعة المحافظة كونها محافظة حدودية وتدني إقبال القوى العاملة الوطنية على العمل بالقطاعات المعمنة، فقد أدى ذلك إلى ضعف العائد ومحدودية فرص التدريب والتأهيل، وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى ضعف أداء القطاع الخاص بالمحافظة، معرباً عن أمله من الجهات المعنية بالتعمين مراعاة محافظة الظاهرة كمحافظة حدودية.

ويرى الكلباني أنّه يمكن الارتقاء بالقطاع الصناعي باعتباره الخيار الاستراتيجي الأول في التنويع الاقتصادي، وأن يتم التعجيل بافتتاح المنطقة الصناعية التابعة للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية على طريق (عبري- السعودية) وتزويدها بالخدمات والاحتياجات الأساسية اللازمة. وناشد الكلباني بضرورة التعجيل بافتتاح الطريق الذي يربط الظاهرة تحديدًا من ولاية عبري وحتى منطقة رملة خيلة على الحدود السعودية وتزويدها بالخدمات والاحتياجات الأساسية اللازمة.

ودعا الكلباني إلى التوسع في توفير مكاتب وفروع للهيئات الحكومية في محافظة الظاهرة بما يُساعد على توفير المتطلبات الخدمية الضرورية لأبناء المحافظة، وكذلك توفير أراضٍ متعددة الأغراض للمستثمرين الجادين بما يزيد من الاستثمارات التجارية والسياحية والصناعية والزراعية والخدمية.

تعليق عبر الفيس بوك