رُبَّ ضارة نافعة

خالد الخوالدي

"السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- يُبدي ارتياحه لجهود الأجهزة المعنية لتوفير الحماية للمواطنين من الأنواء المناخية".. هذا هو المانشيت الرئيسي لأغلب وسائلنا الإعلامية، أمس، وشعبه الوفي والمحب له يبدي ارتياحه لرؤية جلالته وهو يرفل بأثواب الصحة والعافية، ونسي الشعب بعد الإطلالة السامية أن البلاد تمر بحالة مدارية استثنائية، وانصبَّ الاهتمام بعد اجتماع مجلس الوزراء على التمعُّن والتركيز وتقريب الصور الخاصة بالسلطان للاطمئنان على صحة جلالته ومقارنتها بصور سابقة؛ مما بعث على المزيد من الأمل على تطور صحة جلالته، وسبحان الله أن هذا الاطمئنان تبعه اطمئنان آخر من خلال الأخبار المتواترة عن ابتعاد تأثير الأنواء المناخية على محافظتي ظفار والوسطى؛ لنعيش ليلة هانئة وسعيدة بالاطمئنان على القائد والأحبة في ظفار والوسطى وجميع ولايات السلطنة.

وكما أبدي جلالته ارتياحه لدور الأجهزة المعنية في الاهتمام والتعاطي بإيجابية لما يمكن أن تتعرض له السلطنة من أكبر الأعاصير المدمرة، حسب ما أذيع عنه في المراصد المحلية والعالمية، نُبدي نحن المواطنين الارتياح التام لما قدمته أجهزة الدولة كافة من جهود مقدرة بداية من وزارة الإعلام وهيئة الإذاعة والتليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة التي كانت لها تغطية مباشرة ومتواصلة من قلب الأحداث، واستطاعت أن تبعث فينا الطمأنينة على إخوتنا في محافظتي ظفار والوسطى، كما نشكر المركز الوطني للإنذار المبكر الذي يُواصل العمل ليلا ونهارا حتى يطلعنا على كل جديد فيما يتعلق بالإعصار "شابالا" مرورا بمركز الأرصاد الجوية وهيئة تنظيم الاتصالات والجيش السلطاني العماني بكافة أجهزته العسكرية والأمنية وشرطة عمان السلطانية بكافة تشكيلاتها، وجميع وزارات الدولة التي كانت في طور الاستعداد والجاهزية التامة لتقديم خدماتها، فلهم منا جزيل الشكر والتقدير على الحس الوطني الرائع الذي يقدموه خدمة لهذا الوطن وشعبه الوفي.

والشكر موصول لكل المواطنين من مختلف أنحاء السلطنة على تكاتفهم وتعاونهم وتلاحمهم وتآزرهم وصدق فيهم قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"؛ حيث لاحظنا التفاعل الجميل والرائع من قبل المواطنين والجمعيات الخيرية والفرق التطوعية والتجار وحتى من بعض المقيمين في السلطنة الذي تشرَّبوا معنى الحس الوطني والفزعة العمانية الأصيلة ليشاركوا جميعا في تقديم يد المساعدة كل حسب إمكانياته وطاقاته. وقد لاحظنا هذا التعاون والتكاتف والحب بداية من المساعدة بالقلب والتضرع والدعاء والتوسل إلى الله سبحانه أن يبعد عن أهلنا وإخواننا وأحبتنا في المحافظات التي ربما تتعرض لشر هذا الإعصار، وأن تكون السقيا سقيا خير وبركة يعم بنفعها البلاد، وقد استجاب الله سبحانه لهذه التضرعات؛ فالحمد الله من قبل ومن بعد، مرورا بالمساعدة باليد والعمل والمال...وغيرها من الأدوار المشكورة والمقدرة.

وهذه اللفتة المجتمعية من أهم ما يميز المواطن العماني وتوضح بما لا يدع مجال للشك اللحمة الوطنية والروح الواحدة والنسيج الاجتماعي المترابط الذي لا ينفك ولا يتزعزع مع كل المعطيات والتجاذبات، وما زاد من إعجابي وانبهاري تلك الروح العروبية التي سطرها الإمام الصلت بن مالك الخروصي في الاستجابة السريعة لنداء للزهراء السقطرية بعد الهجمة الصليبية على الجزيرة وها هو السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- وكافة الشعب العماني يعيدوا التاريخ مرة أخرى في الاستجابة السريعة لنداء الأخوة في جزيرة سقطرى لتنطلق المساعدات العمانية لتصل إلى المدن والقرى اليمنية المتأثرة بالإعصار؛ ليثبت التاريخ أن العمانيين هبوا لمساعدة إخوانهم في اليمن السعيد الذي ندعو الله أن يعود سعيدا مرة أخرى.

... إنَّ التجاوب المؤسسي والوطني والمجتمعي الإيجابي مع الأنواء المناخية الحالية يزيد من الرصيد والخبرة للسلطنة على كافة مستوياتها في التعامل مع هذه الأجواء الاستثنائية، وتؤكد لنا وتثبت لنا مقولة "رب ضارة نافعة"؛ فالإعصار المداري "شابالا" في ظاهره ضار، ولكن في حقيقة النتائج المترتبة نافع إلى درجة كبيرة؛ حيث لا احد يستطيع ان يثبت مدى التلاحم الوطني والمجتمعي للدول إلا من خلال الأزمات والحالات الاستثنائية، وقد خرجنا -ولله الحمد- بنتائج إيجابية تفوق التصورات وسنرى المزيد من نتائجها في المستقبل إن شاء الله، ودمتم ودامت عمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك