دبلوماسية عُمان.. "حمائم سلام" في سماء نيويورك

حمود الطوقي

النهج السياسي المتفرِّد، والمبادئ الدبلوماسية الرصينة، والقناعة العُمانية بالحوار والسلام شريعةً للإصلاح.. "مرتكزات الحكمة" التي تتمتع بها السياسة الخارجية للسلطنة في التعاطي مع القضايا الدولية والإقليمية، وهي ذاتها التي أبرزها معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، في كلمة السلطنة أمام الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤخرًا، والتي حملت في طياتها رسائل سلام إلى عالم يسبح فوق أمواج متلاطمة من الحروب والدمار.

فكلمة السلطنة جددت التأكيد على مواقف السلطنة الداعية إلى السلم والأمان، وانتهاج مبادئ سياسية مبنية على الحوار، تستلهم رُشدها من الفكر النير لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.

والقارئ للخطاب، يلحظ تركيزه على 4 مبادئ مهمة؛ تتركز على دعوة العالم أجمع لحل ومناقشة القضايا بالحوار؛ كونه "القاعدة الطبيعية للتعامل مع كافة القضايا الخلافية"؛ فالحوار (من وجهة النظر العُمانية) الأساس لحل القضايا الخلافية الشائكة بين الفرقاء؛ كما كانت الحال في الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1)، الذي يعد إنجازا سياسيًّا بكل المقاييس ستنعكس آثاره الإيجابية على مستقبل الأمن والاستقرار إقليميا ودوليا.

ومن النقاط التي ركزت عليها كلمة السلطنة كذلك: الاهتمام العُماني بالقضية الفلسطينية؛ باعتبارها القضية العربية الأم (قبل أن تتراجع في قائمة أولويات بعض دول المنطقة جراء صراعاتها الداخلية)؛ فخلال الكلمة التي ألقاها بن علوي، دعت السلطنة طرفي الصراع في الأراضي المحتلة، إلى العودة لمائدة الحوار، والعمل على تحقيق رؤية مستقبلية للدولتين، تعيشان جنبا إلى جنب، من خلال خطوات تحقيق مصلحة الطرفين، تستند إلى مرتكزات مبادرة السلام.. وعلى هذا الأساس، كان الترحيب العماني برفع علم فلسطين كعضو مراقب أمام مقر الأمم المتحدة.

.. إن كلمة السلطنة أمام الأمم المتحدة كانت محط اهتمام دولي واسع؛ سيما في تطرقها للأزمة اليمنية التي دخلت نفقا مظلما.. حيث أكدت السلطنة أنه في حال استمرار العنف فقد تكون اليمن نسخة أخرى من "سوريا" التي أصبحت موطئ قدم للعديد من التنظيمات الإرهابية، فضلا عن نزوح الآلاف من الشعب السوري الشقيق وحجم المعاناة التي يتعرضون لها في رحلة الهروب من واقعهم المرير.

ولأن الاقتصاد هو عَصَب الحياة والداعم الرئيسي للسلام والاستقرار، وجهت السلطنة رسالتها إلى العالم بأن يضع قضايا الاقتصاد والتجارة والبيئة في صدارة المواضيع الملحة الواجب معالجتها؛ وفي مقدمتها: التجارة الدولية للطاقة، خاصة مع الاضطرابات التي تشهدها أسواق النفط والتي تلقي بانعكاساتها على الوضع الاقتصادي العالمي.

.. إنَّ السمات العامة التي تحكم إليها السياسة الخارجية العمانية من حيث المبادئ كثيرة، ولكنها ذات مرتكز واضح.. وفي سبيل ذلك، فإنَّ الدبلوماسية العمانية تقوم على الهدوء والمصداقية والصدق مع الذات والوقائية دون الخوض في المعتركات، والتركيز دائما على بناء الثقة وتجسير المسافات بالنظر إلى النواحي الإيجابية وتلافي السلبيات مع تحقيق المصالح المشتركة بما يعود بالنفع على الشعوب ما أمكن.. وصولا إلى عالم أفضل يسوده الوئام، وينعم فيه الجميع بالعدالة والسلام.

تعليق عبر الفيس بوك