التكيف النفسي والاجتماعي في الحياة الجامعية

خلفان العاصمي

مع بداية كل عام أكاديمي جديد يتركز الحديث عن أهمية التكيف النفسي والاجتماعي للطلبة المستجدين في مؤسسات التعليم العالي والمنتقلين حديثاً من عالم إلى عالم آخر بكل تفاصيله سواء كنظام تعليمي أو حياة اجتماعية، حيث تختلف توقعات الطلاب وانطباعاتهم عن الحياة الجامعية من طالب إلى آخر، كما تختلف أيضاً الأبعاد والآثار المترتبة عليهم نتيجة لعدم التكيف معها وعادة يبقى معظم الطلاب في الأيام الأولى من التحاقهم بالكلية أو الجامعة في دوامة من التفكير مع أنفسهم بإثارة تساؤلات عمّا سيواجهون فيها سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية من حيث العلاقة مع الزملاء والأساتذة والمجتمع المحيط بهم، أو الجوانب الدراسية وكل ما هو مرتبط بها من نظام تعليمي وأنظمة أخرى مرتبطة بالمؤسسة التعليمية ذاتها أو التخصص الدراسي والمستقبل الوظيفي، وغيره من الأمور التي تسهم في إرباك الطالب وبالتالي عدم قدرته على التكيف، وكنت قد أثرت هذا الموضوع في برنامجي الإذاعي (نهاية الأسبوع) كموضوع للحوار استقيت محاوره من عينات من الطلبة والطالبات الذين أجمعوا على أهمية أن تكون هناك تهيئة نفسية مسبقة لعملية الانتقال من التعليم المدرسي للتعليم الجامعي، ومن ضمن ما طرح في الحوار أهمية تكاتف الأسرة والمدرسة والمجتمع المحلي في ذلك، حيث تقوم الأسرة بتهيئة أبنائها لما هو قادم من حياة جديدة عليهم، ليست هي التي تعودوا عليها خلال اثنتي عشرة سنة، وأن المرحلة القادمة تستدعي منهم الجاهزية للكثير من الأشياء والاعتماد على أنفسهم في الكثير منها حتى في عملية الطبخ وترتيب غرفهم وغيرها من المهارات الحياتية الهامة في تلك المرحلة، وصولا لمهارات اتخاذ بعض القرارات اللحظية أو كيفية التعامل مع الآخرين بمختلف توجهاتهم وأفكارهم بحسب انتماءاتهم الثقافية والفكرية، وتعويدهم على الثقة البناءة التي تحسسهم بالمسؤولية وتدفعهم لتجاوز مطبات كثيرة قد تعترضهم إن لم يكونوا متسلحين بها، كذلك على المدرسة أن تقوم بأدوار مضاعفة من خلال خدمة التوجيه المهني، بحيث تنظم برامج لزيارة بعض مؤسسات التعليم العالي والتعرف على أنظمتهم التعليمية والإدارية وغيرها، أو دعوة عدد من المختصين من هذه المؤسسات للمدرسة والالتقاء المُباشر بالطلبة والطالبات، بالإضافة إلى أهمية أن تقوم إدارة المدرسة بمعاملة طالب الثاني عشر كطالب خريج تكسبه مهارات الاعتداد بالذات والاعتماد على النفس. أيضا يبقى لمجتمع الطالب المحلي دور في ذلك حيث استحضر هنا أحد الأنشطة التي قام بها أحد المجالس العامة بإحدى ولايات السلطنة والذي قام بتنظيم لقاءات للطلبة المبتعثين للدراسة خارج السلطنة للمرة الأولى مع زملائهم الذين سبقوهم إلى تلك الدول وكذلك مع بعض القانونيين لتعريفهم بالجوانب القانونية في تلك البلدان مع توفير معلومات كافية موثقة بالفيديو والصور عن كل دولة من تلك الدول وجامعاتها وأنظمتها الدراسية، هذا ما فعله أيضاً مجموعة من الشباب المتطوعين الصيف الماضي من خلال تنظيمهم لملتقى أطلقوا عليه ملتقى الابتعاث وكان فرصة للقاء الطلبة من خريجي الثاني عشر مع طلبة مبتعثين في أكثر من دولة.

ولقد ذكر خلال الحوار الإذاعي أن من أهم العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى تعثر بعض الطلاب الجامعيين وعدم تكيفهم مع وضعهم الدراسي هو اختيار التخصص غير الملائم للقدرات والرغبات الشخصية للطالب، فالبرغم من وجود خدمة التوجيه المهني وما تقدمه من معارف ومهارات تعين الطالب على القدرة في تحديد اختياره من المواد الدراسية المتلائمة مع قدراته وميوله ومن ثمّ تمكنه من اختيار التخصص الأنسب له من ضمن ما يطرحه مركز القبول الموحد من برامج متنوعة، إلا أن البعض من الطلبة يفشل في اختيار التخصص المناسب له وذلك لعدة أسباب، أهمها الوالدان ورغباتهما وتوقعاتهما، بالإضافة إلى عدم معرفة الطالب التامة بماهية هذا التخصص والمتطلبات الدراسية الخاصة به وهل هي متوافقة مع قدراته، واقترح البعض لتلافي ذلك أن يقوم الطالب بعملية البحث الكافي عن كل تخصص ومعرفة كل ما هو مرتبط به قبل أن يؤكد رغبته عبر نظام القبول الموحد، ومن الأشياء التي طرحت أيضا الأيام أو الأسابيع التعريفية حيث رأى البعض بأنّها قصيرة جدا ولا تعيرها بعض المؤسسات التعليمية الاهتمام الكافي ولا تحقق الهدف من وجودها بالإضافة إلى افتقارها لما يحتاجه الطالب، فهي شبه جولة يتم التعريف من خلالها بمرافق المؤسسة والأنظمة المالية فقط المرتبطة بالدفع المالي والعقوبات الخاصة بذلك، بينما طالبوا بأن تكون فترتها الزمنية خمسة أيام على أقل تقدير يقدم من خلالها برامج إرشادية نفسة واجتماعية بالإضافة للجوانب الإدارية التنظيمية وغيرها من المواضيع التي تعين الطالب لبدء مرحلة جديدة من حياته.

تعليق عبر الفيس بوك