برامج خارج الصندوق

خلفان العاصمي

فكرة أن تقوم بعض المؤسسات المعنية بالتعليم والتدريب بأدوار تعليمية وتدريبية لفئات أخرى غير من تستهدفهم ضمن برامجها أو نظمها الدراسية والأكاديمية، سواء أكانوا طلبة أو متدربين، أجدها فكرة ستحقق أكثر من هدف سواء تفعيل الدور الاجتماعي لهذه المؤسسة أو الارتقاء بمستوى من توجه لهم مثل هذه البرامج، وبالتالي سينتفعون وستنتفع بهم أسرهم ومجتمعهم بشكل عام، وقبل أن أتحدث عن بعض المؤسسات التي أتمنى أن تقوم بمثل هذه الأدوار والفئات التي يجب أن تستهدفها سأتحدث عن بعض التجارب التي أثبتت نجاحا في ذلك وإن كنت قد أشرت إلى بعضها في مقالات سابقة ومنها وزارة التربية والتعليم من خلال البرنامج الذي نفذته في وقت سابق لمحو أمية العاملين لديها في وقت كانت بعض المدارس ومديريات التربية تجد صعوبة في عملية الاتصال والتواصل مع بعض الفئات العاملة لديها ممن لا (يفكون الخط) سواء حراس أو عمال نظافة، وهدف البرنامج إلى محو أمية هؤلاء العاملين وإخضاعهم لبرنامج محو الأمية، بعد ذلك توقف البرنامج في حين أن الفكرة كان ومازال من الممكن أن تتبناها المدرسة بحد ذاتها، من خلال برنامج يستهدف العاملين بها أو بعدد من مدارس الولاية تحت مظلة مجلس الآباء أو ضمن النشاط المجتمعي للولاية، كذلك فإن تجربة محو أمية نزلاء السجون والتي نفذتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع شرطة عمان السلطانية في فترة سابقة هي من التجارب التي يجب ألا تتوقف متى ما وجدت الحاجة لها وبالإمكان معرفة ذلك من خلال حصر المستويات التعليمية لنزلاء السجون وإيجاد برامج تعليمية ترفع من مستوياتهم للمستوى الأعلى، ومن ضمن التجارب الحديثة والتي لاقت صدى واسعاً، تجربة جماعة التربية بجامعة السلطان قابوس في برنامج بصيص والذي تستهدف من خلاله العاملين بشركات الخدمات بالجامعة، حيث يشمل البرنامج جانبين، الجانب التعليمي، وجانب التحسين المعيشي، الذي يهدف إلى مساعدة العاملين العمانيين بالجامعة وأسرهم وذلك بعد مسح ودراسة تهدف للتعرف على الإحصائيات حول ظروفهم، من خلال الجهة المسؤولة في الجامعة، ويركز الجانب التعليمي على مساعدة الفئة المحددة على الترقي الوظيفي وزيادة الخبرات ورفع المستوى الثقافي والتعليمي لديهم، وبدأ تطبيق البرنامج في صيف 2014 كتجربة أولى ولمدة ثلاثة أسابيع بمعدل أربعة أيام من كل أسبوع، وتولى تقديمه متطوعون من طلبة كلية التربية ووزارة التربية والتعليم، ومن جهات أخرى، وتضمن تقديم عدد من الورش والبرامج لتعليم مجموعة من المهارات والمعارف منها تعليم الكتابة والقراءة، العلوم الإسلامية، أساسيات اللغة الإنجليزية، أساسيات الحاسب الآلي، وفي صيف العام الحالي أطلقت الجماعة النسخة الثانية من البرنامج والذي جاء أكثر نضجا وتوسعا من حيث المدة الزمنية والبرامج المقدمة، محققا أهدافاً جميلة تحدثت عنها عدد من العاملات المستهدفات خاصة فيما يتعلق بتنمية مهارات القراءة والكتابة والتعامل مع الحاسب الآلي.

بالتأكيد هناك مؤسسات أخرى تتبنى مثل هذه البرامج وبأساليب مختلفة وتستهدف فئات معينة وفق منظورها إليها، في حين أتمنى أن تلتفت مؤسسات أخرى لهكذا برامج ومنها مدرسة الأمل للصم حيث أجدها مهيأة سواء من خلال الكادر التعليمي والتدريبي الموجود بها أو من خلال القاعات والوسائل المتاحة لديها حيث من الممكن أن تنفذ المدرسة وخلال الفترة المسائية برامج لتعليم لغة الإشارة لمن يرغب من المواطنين والمقيمين أو ممن ترى المدرسة بأنّهم بحاجة إليها سواء أولياء أمور الطلبة أو من يتعامل مع هؤلاء الطلبة في المحيط المجتمعي، في خطوة لنشر لغة الإشارة والاستفادة من الإمكانيات المتاحة بالمدرسة، كذلك الحال بالنسبة لمعهد عمر بن الخطاب للمكفوفين والذي من الممكن أن يقدم برامج للمكفوفين من كبار السن أو من الأصحاء الذين هم بحاجة للتدرب على بعض البرامج المعينة التي يستخدمها الكفيف، وبالتأكيد هناك مؤسسات أخرى لديها من الإمكانيات التي تؤهلها لتقدم مثل هذه النوعية من البرامج كمركزي اللغات والإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس، ومؤسسات التعليم العالي التي تقدم برامج أكاديمية مهنية بإمكانها أن تتبنى برامج قصيرة للتدريب على بعض الأساسيات في الكهرباء والميكانيكا وغيرها من الأمور الحياتية الأخرى.

تعليق عبر الفيس بوك