مساجدنا...!

 

 

سيف المعمري

 

 

منذ بزوغ فجر النهضة العُمانية الحديثة في الثالث والعشرين من يوليو 1970م، بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حظيت المساجد باهتمام جلالته، فبنيت جوامع السلطان قابوس في جميع محافظات السلطنة كجامع السلطان قابوس الأكبر بولاية بوشر بالعاصمة مسقط، والذي تم افتتاحه تحت الرعاية السامية لجلالته في مايو 2001م، ولا تزال العناية السامية الكريمة لجلالته مستمرة ببناء الجوامع حيث تم في العام الماضي افتتاح جامع السلطان قابوس بمحضة بمحافظة البريمي، وفي هذا العام تم افتتاح جامع السلطان قابوس بسمائل بمحافظة الداخلية، وجامع السلطان قابوس بنخل بمحافظة جنوب الباطنة، وجارٍ العمل حاليا ببناء جامع السلطان قابوس في كلٍّ من مدينتي صحار ونزوى، ويشرف على جوامع السلطان قابوس بجميع محافظات السلطنة مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم والفنون التابع لديوان البلاط السلطاني، والمركز يقوم بدوره على أجمل صورة في الاهتمام بتلك الجوامع بشكل مثالي، ومن يزر الجوامع التي يشرف عليها المركز يشعر بحجم الجهود المبذولة؛ حيث عمال النظافة الذين يقومون بواجبهم على مدار اليوم، علاوة على الصيانة الدورية للجامع والاهتمام بمرافقه أولا بأول.

 

وتنتشرُ الجوامع والمساجد في كل المحافظات والولايات والقرى والتي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية من حيث توظيف الأئمة والخطباء وبناء المساجد والجوامع بالسلطنة ومنح التصاريح والموافقات على بنائها وتكفل الوزارة بالكهرباء والماء وصيانتها وترميمها.

 

ورغم الجهود المقدرة للوزارة في رعاية الجوامع والمساجد التي تحت مظلتها؛ إلا أن بعضها لا يزال دون مستوى الطموح؛ فهناك عدد من المساجد لا تتوافر بها الصيانة الدورية كما تفتقد إلى النظافة وتوفير السجاد، كما أن بعضها يفتقد إلى عامل نظافة، خاصة التي توجد على الطرقات العامة والتي تتضاعف أهمية الاعتناء بها باعتبارها تمثل واجهة حضارية للمجتمع العُماني وتعكس حجم الوعي في الاهتمام بالمعالم والمؤسسات الحضارية.

 

وفي الجانب الآخر، يتحمل المجتمع جزءًا من المسؤولية في العناية والاهتمام بالجوامع والمساجد والحفاظ عليها كجزء لا يتجزأ من ثقافة المسلم وأخلاقه في القيام بواجباته في الحفاظ على طهارة ونقاء أماكن العبادة وعمارتها بالأعمال الصالحة لقَوْله تَعَالَى: "إِنَّمَا يَعْمُر مَسَاجِد اللَّه مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَأَقَامَ الصَّلَاة وَآتَى الزَّكَاة وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّه فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ"، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من بنى مسجداً لله، بنى الله له في الجنة أوسع منه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها فمن بنى لله بيتاً بنى الله له بيتاً في الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين".

 

لذا؛ فمن الأهمية أن يتضاعف الجهد في بث الوعي المجتمعي بأهمية الاعتناء بالمساجد والمساهمة في إعمارها ورعايتها وتحفيز المجتمع لتقديم تبرعات لرعاية بيوت الله، وأن يتم فتح الحسابات البنكية لاستقبال التبرعات، وحث المؤسسات الخاصة وأصحاب الأيادي البيضاء على دعم تلك الجهود، وأن يتم تعزيز دور أوقاف المساجد.

 

وعلى مؤسسات القطاع الخاص كذلك أن تقوم بواجباتها المجتمعية من خلال تقديم الدعم المادي لتوفير كل ما تحتاجه الجوامع والمساجد لصيانتها ونظافتها وتوفير ما تحتاجه من أجهزة وتقنيات صوتية وأجهزة تكييف وسجاد...وغيرها، بل إن بناء مجالس عامة ملحقة بالجوامع والمساجد في الولايات والقرى العمانية تعكس أهمية تلك المؤسسات الاجتماعية في التقاء الناس والاستفادة منها في إقامة مختلف المناسبات الاجتماعية كالأعراس وكذلك إقامة العزاء.

 

لذا؛ فالمسؤولية مشتركة بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ومختلف المؤسسات في السلطنة والمجتمع، للاهتمام والعناية بالمساجد، لتبقى جوامعنا ومساجدنا منابر إشعاع علمية وتربوية واجتماعية وثقافية تعكس النهضة الحضارية الشاملة التي تشهدها عُماننا الحبيبة.

 

saif5900@gmail.com

 

 

تعليق عبر الفيس بوك