نخيل النارجيل.. "شجرة الحياة" التي تزين صلالة وتوفر محصولا زراعيا ومردودا اقتصاديا وفيرا

صلالة- العُمانيَّة

تنفردُ محافظة ظفار عن سائر محافظات السلطنةوشبه الجزيرة العربية بزراعة نخيل النارجيل (جوز الهند)؛ حيث يعد سهل صلالةمنأشهر المناطق الزراعية لإنتاج النارجيل في الوطن العربي نظراً لتوافر الظروفالمناخية الملائمة.

ويقدَّر عدد أشجار نخيل النارجيل بمحافظة ظفار بحوالي 148869 نخلة حسبالتعداد الزراعي (2012-2013)، ولا تشمل الإحصائية نخيل النارجيلالمنتشر في المتنزهات والأماكن الخاصة والعامة. وتتركز زراعة النارجيل في سهل صلالة ويبلغ عددها 132909 نخلات، كما توجدأشجار النارجيل في سهل طاقةالزراعي الذي يبعد عن صلالة 37 كيلومترا ويبلغعددها حسب التعداد الزراعي 5463 نخلة، فيما يبلغ عدد أشجار النارجيل في ولاياتمحافظة ظفار الأخرى 10489 نخلة.

ويبلغ الإنتاج السنوي من محصول النارجيل 6551 طناً استنادا الى المساحةالمزروعة التي تقدر بحوالي 1455 فداناً، ويعد محصول الفاكهة الثاني بعد الموزفي ولاية صلالة الذي تتركز زراعته في سهل صلالة.

ويحرص معظم زوار صلالة على زيارة محلات بيع المنتجات الزراعية المنتشرةبالقرب من المزارع وعلى الشوارع الرئيسية؛ إذ يعد ماء النارجيل الشرابالمفضل لدى السياح وزوار صلالة ويصل سعر الثمرة الواحدة ما بين مائتين الىثلاثمائة بيسة، حسب النوع، فهناك أصناف محلية ومهجنة ومستوردة من الخارج.

وتزدان شوارع صلالة ومواقعها السياحية كالحدائق والشواطئ والفنادق والمنتجعاتوالمراكز الترفيهية بأشجار نخيل النارجيل؛ حيث تحرص بلدية ظفار والمديرية العامةللزراعة والثروة الحيوانية بمحافظة ظفار على إكثار شجرة النارجيل في محافظةظفار لفوائدها الاقتصادية وأهميتها التاريخية واستخداماتها في الحياة اليومية. ويُستفاد من إنتاج نخلة النارجيل في استخلاص الزيت والزبدة وصناعة أنواعمختلفة من الحلويات ومستحضرات التجميل كالصابون والشامبو والمراهم وكريماتالتجميل، إضافة إلى الاستخدام في صناعة الحبال والخيوط و(الحصر) والأسرةوأدوات التنظيف وإنتاج الأخشاب والأثاث، إلى جانب الاستفادة من مخلفات الثماروالأوراق في إنتاج علائق علفية للحيوانات.

وتسمَّى نخلة النارجيل بشجرة الحياة في الدول الرئيسية لإنتاج النارجيل؛ نظراً لتعددفوائدها.. كما تُعتبر شجرة النارجيل أحد المصادر الأساسية للزيوت النباتية، ومن أهمدول العالم في زراعة النارجيل هي: الفلبين وإندونيسيا وسريلانكا وجزر الكاريبيوشرق آسيا والهند والملايو وغينيا الجديدة.

وتشمل شجرة النارجيل -أو جوز الهند- حوالي 200 جنس وحوالي 1500 نوع..والنخلة الكاملة النمو تكون عبارة عن ساق واحدة طولها 25-60 قدماً أو أكثر، حسب الصنف وتتوزع جذور النخلة وفقاً لنوع التربة وتعمل على توفير الغذاءوالرطوبة وتنتج النخلة في المتوسط 12 عذقاً (سوباطة) سنويا، ويمكن للنخلة التزهيروحمل المحصول طوال العام، كما أنَّالثمرة الناضجة كروية الشكل تتكون من طبقةبداخلها فرع يمتلئ بالماء.

وتعد نخيل النارجيل من الأشجار الاستوائية التي تحتاج للشمس الساطعة مع نسبةعالية من الرطوبة الجوية وكمية مناسبة من الأمطار؛ إذ يحتاج النارجيل إلى نسبةمن الرطوبة النسبية لا تقل عن 60% حتى يكون نموها جيداً.. كما يحتاج النارجيلإلى الجو الدافئ مع عدم الاختلاف في درجات الحرارة بدرجة كبيرة، وأنسب متوسطدرجة حرارة على مدار السنة هو 29 درجة مئوية، ويمكن للنخيل تحمل درجاتحرارة أعلى من ذلك بشرط أن لا تقل الرطوبة النسبية عن المعدل المطلوب.

وبالنسبة للأمطار، فإنَّ أفضل معدل لنجاح ونمو نخيل النارجيل هو 1300-2300ملليمتر، وقد وُجد أن النخيل التي تنمو على قواعد التلال التي تستقبل إمدادا ثابتاً منمياه الأمطار تنمو جيداً تحت ظروف فترة الخريف القصيرة في صلالة، وتحتاجالنخيل للري المستمر خصوصاً في المواسمالجافة.

ويمكن لنخيل النارجيل النمو في أنواع كثيرة من الأراضي بشرط توفر الظروفالتي تسمح بنمو الجذور وتهويتها وتجود الزراعة في الأراضي الرملية وعلىالسواحل الرملية؛ حيث تحصل النخيل على الاحتياجات الغذائية والمائية من مياهالأمطار التي تأتي من التلال المجاورة حاملة معها العناصر الغذائية اللازمة ولاتفضل زراعة الثمار مباشرة في المكان المستديم، بل تزرع أولا في المشتل مع أهميةاختيار ثمار من نخيل ذات صفات ثمرية معروفة.

وتُثمر الأصناف الطويلة من النارجيل بعد 6-7 سنوات، بينما تبدأ الأصناف القصيرةالإثمار بعد 3-5 سنوات؛ حيث تصل الثمار إلى حجمها الكامل خلال 6-7 أشهروتكون في هذه المرحلة صالحة للشرب وتصل الثمار إلى مرحلة النضج الكامل بعدذلك بمدة 6 أشهر أخرى أي أن مرحلة النضج الكامل تستغرق عاما تقريباً.

وتجمع الثمار في مرحلة مدتها 6-7 أشهر من أجل الشرب وهو ما يطلق عليهمحليا "المشلي"، ومعظم المحصول في صلالة يستهلك في هذه المرحلة وتجمعالثمار في مرحلة النضج الكامل أي بعد حوالي 11 شهراً لتجفيفها للاستعمال فيصناعة الحلويات، بينما تجمع الثمار لاستخراج زيت النارجيل بعد 12-13 شهراً، وتسمى هذه المرحلة "طور النضج الميت"؛ حيث تسقط تلقائياً من النخيل.

ويختلف محصول النارجيل الناتج حسب المنطقة والصنف والظروف الجوية السائدةوالعناية التي توجه إلى النخيل، ومتوسط المحصول في أفضل المناطق 200 ثمرةللنخلة الواحدة في السنة، وفي صلالة يتراوح متوسط إنتاج النخلة في السنة من 75-120 ثمرة.

وتستعمل ثمار النارجيل في مرحلة الحجم الكامل في شرب مائها الذي يعتبر منالمشروبات المحببة في صلالة وغيرها من البلاد، وهو من السوائل المفيدة فعلاوةعلى حلاوة طعمه فهو مفيد جداً في عملية تنشيط الكلى والمساعدة على التخلص منآلام المعدة والديدان.. كما أن دهان الجسم بماء النارجيل يساعد على التخلص منالحبوب التي تظهر عليه في أوقات الحر.

أما الجزء الجيلاتيني المتبقي بعد الشرب، فيُضغط ويحوَّل إلى ما يسمى بـ"لبن النارجيل" الذي يُستعمل في الشرب أو يجفف ويستعمل في صناعة البسكويت والآيس كريموالصناعات الغذائية الأخرى، إلى جانب الطهي؛ حيث يُستخدم بكثرة في الأكلاتالمحلية في محافظة ظفار.

وتوجد أصناف عديدة للنارجيل تزيد على 80 صنفا ومعظم الاختلافات بينالأصناف عبارة عن اختلافات بيئية حدثت عن طريق تأقلم هذه الأصناف في بيئاتمختلفة. كما أنَّ كثيراً من الأصناف توجد في أماكن معينة تحت أسماء مختلفة ولكنهاتتشابه في صفاتها حيث تنقسم أصناف النارجيل في صلالة الى ثلاثة اصناف بصفةعامة هي أصناف الطويلة والقصيرة والمهجنة.

وتعتبر الصناعات الحرفية التي تستفيد من قشرة نخلة النارجيل من الموروثاتالحرفية التي اشتهرت بها محافظة ظفار؛ حيث يوجد بالمحافظة مركز بنيابة شهبأصعيب بولاية رخيوت للاستفادة من قشر النارجيل في الصناعات الحرفية ويقوم بتنظيم الدوراتالتخصصية النسوية في السعفيات لإنتاج صناعات حرفية تسهم فيالحفاظ على البيئة وتطوير منتجاتها المستوحاة من البيئة والأصالة العمانية المتوارثة.

ومن المنتجات التقليدية الحرفية التي تصنع من سعف النارجيل البساط "السمة" والسلة "الزمبيل" والقفير والحبال ومروحة اليد وغيرها من أدوات الاستخدام اليومي.

وتهتم وزارة الزراعة والثروة السمكية بتطوير محصول النارجيل (جوز الهند) منخلال توسيع القاعدة الوراثية له وذلك بإدخال أصناف جديدة؛ حيث تم استجلاب خمسةمن الأصناف السريلانكية التي تمتاز بقصر قامة النخلة النسبي مما يسهل عملياتالحصاد والخدمة كمكافحة الآفات.

وقد أكدت نتائج البحوث تأقلم الأصناف المستوردة من سيرلانكا مع الظروف البيئيةالمحلية لمحافظة ظفار وأعطت نتائج جيدة شجعت على نشر زراعتها من خلالتوزيع الشتلات الجاهزة ذات المواصفات القياسية المناسبة على المواطنينوالمزارعين.

وقامت وزارة الزراعة والثروة السمكية باستجلاب 11 صنفا وسلالة من النارجيلمن ساحل العاج التي تمت زراعتها في مزرعة البحوث بصلالة في يوليو 2011؛ حيث بدأت معظم هذه الأصناف بإعطاء نتائج مبشرة نحو تعميم تلك الأصنافمستقبلا على المزارعين.

وتوفر الوزارة شتلات لأصناف مختلفة من النارجيل التي أثبتت التجاربالبحثية نجاح زراعتها وتفوقها في البيئة المحلية الساحلية بمحافظة ظفار، من خلالمشتل الفاكهة بدائرة البحوث الزراعية بصلالة.

تعليق عبر الفيس بوك