أفكار رياديَّة في مسابقة "شركتي" الطلابية

خلفان العاصمي

وأنا أتجوَّل في معرض الشركات الطلابية المتنافسة في مسابقة "شركتي" للعام 2015م، هذه المسابقة التي تنظِّمها مؤسسة "إنجاز عمان" وتتنافس من خلالها شركات أسَّسها طلاب من مؤسسات التعليم العالي وفق معايير محددة سأتحدث عنها لاحقًا في هذا المقال، رجعت بي الذاكرة إلى العام 2006م عندما أطلقت هذه المسابقة، وكان يُشرف عليها في ذلك الوقت مركز سند التابع لوزارة القوى العاملة، حينها كانت المسابقة مخصصة لطلاب المدارس فقط، وقد شهدتْ دورتها الأولى مشاركة 218 طالبًا يمثلون 3 مدارس فقط؛ حيث كانت الفكرة في تأسيس شركة مصغرة تقدم بعض المنتجات وتتأسس برأس مال بسيط جدًّا، وتقوم بمهام إدارية ومالية وتسويقية محاكاة للشركات الحقيقية، وكان يُشرف على هؤلاء الطلاب متطوعون يمثلون عددا من المؤسسات ذات الطابع التجاري من أجل إرشادهم وإكسابهم المهارات والمعارف اللازمة لتسيير أمور شركاتهم الصغيرة، وما زلت أتذكَّر كيف يقوم هؤلاء الطلاب بتسويق منتجاتهم وعرضها في المناسبات التي تنظمها مدارسهم أو المديريات التابعين لها؛ حيث لم تكن في ذلك الوقت وسائل التواصل الإجتماعي متاحة كما هي الحال في هذه الفترة. ولبساطة البداية، فقد كانت المنتجات التي تنتجها تلك الشركة بسيطة جدآ كبعض الأكسسوارات الخاصة بالبنات في مدارس الإناث ومنتجات أخرى ذات علاقة باهتمامات الشباب في مدارس الذكور، ومن ثم يتم التقييم النهائي من خلال معارض مصغرة تنفذها الجهات المعنية والمتعاونة مع مركز سند، وتتأهل إحدى هذه الشركات للتنافس على المستوى العربي؛ حيث حظيت بعض هذه الشركات بالحصول على جوائز عربية، كما أتذكر أيضًا استضافة السلطنة للتصفيات العربية والتي شهدتْ مستوى عاليا من التنظيم لبث روح التنافس الواقعي ما بين المشاركين، ولقد شهدت المسابقة -والتي تشرف عليها الآن مؤسسة "إنجاز عمان" والتي هي جزءٌ من برنامج "جونير اتشيفمنت" المؤسسة العالمية غير الربحية والتي تأسست عام 1919م وتعمل في أكثر من 123 دولة حول العالم -الكثير من التحديث والتطوير بدَءَا بمشاركة مؤسسات التعليم العالي؛ حيث كانت الكلية التقنية من أوائل هذه المؤسسات التي سجَّلت حضورًا في المسابقة مع المدارس إلى أن وصلت مسابقة شركتي إلى المستوى الذي هي عليه اليوم؛ حيث أصبح التنافس فيها مقتصرًا على الدارسين بمؤسسات التعليم العالي فقط؛ وذلك من أجل تهيئتهم وتأهيلهم لسوق العمل وإكسابهم بعض المهارات الخاصة بالتعامل الإداري والمالي وريادة الأعمال وزرع ثقافة العمل الحر لديهم، وكذلك تعزيز قدراتهم في مجال المنافسة والابتكار والقدرة على تصنيع منتجات مبتكرة تقدم حلولا لمشكلات معاصرة يواجهها المستهلك أو ممن تُقدَّم لهم هذه الخدمة.

شهدتْ المسابقة هذا العام مشاركة أكثر من 700 طالب وطالبة، من خلال تكوين أكثر من ستين فريق يمثلون 18 كلية وجامعة من مختلف محافظات السلطنة في بادرة تعد الأولى من نوعها في تاريخ المسابقة ويشرف على الفرق المتنافسة ما يزيد على 150 متطوعًا من مجموعة نماء المعروفة سابقًا بمجموعة شركة الكهرباء القابضة والتي تدخل هذا العام في شراكة مع مؤسسة "إنجاز عمان" لإدارة المسابقة، وتعتبر هذه أكبر مشاركة لمتطوعين تسجَّل لأي مؤسسة على المستوى المحلي حتى الآن، وتتنافس الشركات في هذه المسابقة للحصول على جوائزها في محاورها الثلاثة؛ وهي: أفضل منتج مبتكر، وأفضل خطة تسويقية، وأفضل شركة طلابية، كما تمَّ إضافة جوائز أخرى لنسخة العام الحالي وهي جائزة المشروع الأكثر استدامة، والمشروع الصديق للبيئة، وأفضل إعلان ترويجي مصور؛ حيث تمثل هذه الجوائز حافزًا للطلاب المشاركين وإن كانت لا تدخل في التنافس على المستوى العربي، إلا أنها تعدُّ مكافأة للشركات التي أبدعت في هذه المجالات نسبة للعدد الكبير من الفرق المتنافسة، وتكتسب المسابقة أهمية اقتصادية مضافة للمجتمع الاقتصادي المحلي؛ وذلك من خلال تأهيل عدد من الشباب للانخراط مباشرة في سوق العمل أو الاستمرارية في شركاتهم من بعد المسابقة؛ حيث تشهد السنوات الماضية على ذلك من خلال استمرارية بعض الشركات وتسجيلها رسميًا لدى الجهات المختصة، ونظرًا للعدد الكبير نسبيًّا من الشركات المتنافسة؛ وبالتالي عدد مماثل للمنتجات والخدمات التي أفرزتها المسابقة، فإنه من الأهمية أن يتم تسجيل هذه الأفكار وصونها من السرقة أو الاستغلال من قبل الشركات الكبرى؛ حيث يأمل الطلاب أن تقوم مؤسساتهم التعليمية التي ينتمون إليها أو مؤسسة "إنجاز عمان" أو المؤسسات الكبرى التي من الممكن أن تتبنى هذه الأفكار بتسجيلها وحفظها وبحث إمكانية تنفيذها مع حفظ الحقوق لأصحابها.

تعليق عبر الفيس بوك