المشروع العربي المتناغم مع نظيره اليمني

عبيدلي العبيدلي

وفقا لتصريحات رسمية من وزارة الخارجية الأمريكية، تم مؤخرا احتجاز "عدد من الأمريكيين في اليمن". وكما ورد على موقع هيئة الإذاعة البريطانية الإلكتروني "يعتقد أن أربعة مواطنين أمريكيين، على الأقل، محتجزون داخل سجن في العاصمة صنعاء، لا يوجد بينهم أي موظفين حكوميين، وأن وزارة الخارجية الأمريكية تبذل كل ما في وسعها لإطلاق سراحهم". وكما أكد مسؤول أمريكي لوكالة فرانس برس "فإن حماية المواطنين الأمريكيين في الخارج تمثل أولوية قصوى للوزارة". وحسب ما تتناقل أجهزة الإعلام "يجري مسؤولون حوثيون بارزون محادثات مع الولايات المتحدة في سلطنة عمان، وذلك في محاولة لبحث حل للصراع في اليمن، (الذي) حذرت الحكومة المعترف بها دوليا من أن هذا الحوار لن يحقق الاستقرار في اليمن".

إذا جمعنا هذه الأخبار المبعثرة في إطار واحد، بعد أن نضيف لها تأجيل موعد لقاء جنيف الدولي لحل المشكلة اليمنية، والانفجارات المتكررة التي تعرفها بيوت الله في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، والتهديدات الإيرانية، وجمعناها سوية مع تهديدات القائد السابق للحرس الثوري وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران الجنرال محسن رضائي، للمملكة العربية السعودية بالحرب، "إذا أرادت زعزعة أمن إيران"، وأضفنا على كل ذلك الرسالة المفتوحة التي وجهها رضائي إلى زعيم الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي، في 29 مارس الماضي، و"حثه خلالها على الاستمرار في المقاومة أمام عمليات عاصفة الحزم"، فسوف تبدو صورة المشهد السياسي في شبه الجزيرة العربية، وعلى نحو خاص في اليمن على النحو التالي: اتساع نطاق المعارك العسكرية التي تخوضها قوات "عاصفة الحزم أو إعادة الأمل"، جغرافياً حتى باتت تمتد على شريط طويل وعميق أيضاً يمتد من مناطق جيزان وصعدة غربا ولن يتوقف عند حدود حضرموت والمكلا شرقاً، وسوف يستمر زمنيا حتى أضحى من الصعب تحديد وقت توقف تلك المعارف والعودة إلى طاولة المحادثات.

وإذا ما حاول المراقب استشفاف تطورات الأحداث في اليمن، من خلال التمعن في معالم تلك الصورة المتكاملة، وفي نطاق ذلك الإطار، فسوف يجد أنها ستسير نحو مجموعة من السيناريوهات المتداخلة التي تنتظم على نحو مواز في الاتجاهات التالية:

1- تضاؤل حظوظ الحل السلمي أمام حلول عسكرية غير كاملة، وغير محددة النتائج.

2- اضطرار قوى عالمية -والأكثر احتمالا من بينها الولايات المتحدة الأمريكية- تحت حماية مظلات مختلفة، ربما الأكثر حضورا بينها "حماية أرواح الجالية الأمريكية في اليمن"، وسيتزاوج هذا التدخل بين المساعي السياسية المباشرة والواضحة، والمشاركة العسكرية المموهة.

3- بروز قوى سياسية جديدة، ليست بالضرورة من بين قوائم تلك الحالية، تطالب بحقوق مستحدثة.

4- تدخلات سياسية من منظمات إقليمية مثل جامعة الدول العربية، سوية مع دول مجلس التعاون، ودولية مثل الأمم المتحدة، وربما منظمات أوروبية مشابهة، من أجل التوسط بحثا عن حل يصعب الوصول إليه.

5- تراجع الحل اليمني الوحدوي لصالح نقيضه الانشطاري.

هذا على المستوى اليمني البحت، لكن من غير المستبعد، بل ربما من الاحتمالات الأكثر حظا، أن نشاهد تداعيات المشهد اليمني على جواره الإقليمي في تداعيات متلاحقة يمكن رصدها في الظواهر التالية:

أ- تدخل إيراني أكثر وضوحا لتغيير اتجاه بوصلة الصراع، ليس على المستوى اليمني، وإنما على المستوى الخليجي، إن لم يكن على المستوى العربي.

ب- بروز تحالفات إقليمية جديدة مغايرة لتلك التي تشهدها الساحة الخليجية اليوم، بفضل تدخل دول أخرى مثل الصين وروسيا، التي يختلف مشروعها للمنطقة عن ذلك الذي ترسمه الدوائر الغربية، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة.

ومن هنا، ربما تفرض هذه السيناريوهات التي تفرزها تطورات الساحة اليمنية اليوم على الدول العربية أن تعيد حساباتها، ومن ثم سياساتها تجاه اليمن، كي تأتي بما يحقق مصالح المشروع اليمني التوحيدي، ويضمن تناغمه مع مشروع قومي عربي قادر على التصدي لأية تدخلات أجنبية، دون أن يفرط في الحقوق اليمنية.

تعليق عبر الفيس بوك