شمس وقمر

مريم العدوي

يحكى في أحد الأساطير أنّ الآلهة خلقت جنساً يحمل الصفات الأنثوية والذكورية معاً، فكان هذا الجنس قوياً من جميع النواحي ومتفوقاً إلى درجة جعلتهُ يصاب بالغرور فبدأ يفكر في شن حرب على الآلهة للسيطرة على الحياة. وهنا قررت الآلهة شطره إلى قسمين فكانت الصفات الأنثوية للمرأة والذكورية للرجل، وجعلت كل جنس منهما يحتاج للآخر ولا يستغني عنه؛ لكي تثبت لهم ضعفهم وافتقارهم إليها.

وإن كانت هذه مجرد أسطورة فإنّها تبرهن على مدى الحاجة - التي لا تحتاج إلى استرسال وذكر أدلة- التي يكنها كل جنس إلى الجنس الآخر، ولكن ومع نشوء المجتمعات المدنية باتت المشاكل بين الجنسين تتفاقم حيثُ إنّ الخروج عن الفطرة بالنسبة لأحد الجنسين وتخليه عن الأدوار التي كان يضطلع بالقيام بها شكل خللاً في الحياة مما أدى إلى نشوء خلافات وشجارات لا تنتهي.

بكبسة زر تستطيع استقراء الشريحة الكبيرة في الوطن العربي بل وفي العالم من النساء اللواتي لا شغل لهن سوى البحث عن حلول، فمنهن من ترغب برجل يحبها أكثر من نفسه وأخرى يستمع لها وأخرى يستجيب لمطالبها وهكذا دواليك، أما فيما يخص الرجال فلا شيء يطفو على السطح أكثر من رتابة حول الموضوع وسخرية بين الحين والآخر. فالرجال كذلك لم يعودوا يفهمون ما تريده المرأة بالضبط وأصبحوا يصفونها بالمتطلبة والمنغصة وإلى آخرها من الصفات السلبية. ومن جانب آخر ساهم الإعلام بكل وسائله المقروءة والمكتوبة في رسم صورة المرأة التي لا يرضيها شيء والرجال المهملين الذين لا دور لهم سوى الشجار والعراك على أتفه الأسباب. كما عزز صورة المرأة العصرية التي لا تلبس سوى الماركات وذات الجمال الصارخ بمقاييس هوليوود.

وفي حال نظرت إلى الحلول المقترحة في هذا النطاق ستجدها مادية بحتة وضيقة ومؤقتة، فلا حل للرجال سوى التجاهل أو العنف، أما المرأة فلقد منحوها حلولاً تغطي على الزيف والخلل دون التعمق في جذور المشكلة وحلها. فالبعض ركز على الشكليات أو الجوانب العاطفية هاملاً القوانين العلمية التي تتسبب بكل ما يحدث.

وإن كان ثمة وعي بسيط بدأ يظهر؛ مطالباً بضرورة وجود رخصة للزواج، لا يحصل عليها إلا من تلقى عدة دورات تدريبية لتأهله للحياة الزوجية سواء كان رجلاً أو امرأة. إلا أنّ الكثيرين سخروا من هذا ولسان حالهم يتشدق بأنّها ليست سوى بدعة جديدة فقد عاش من قبلنا دون كل هذه التعقيدات، ولكنهم من جانب آخر يشيحون وجههم عن الأرقام المخيفة التي باتت تضيق بها المحاكم؛ حيث نسبة الطلاق والشكاوي بين الأزواج في ارتفاع مخيف.

إنّه لمن الغريب أن نحاول أن نقرأ ونفهم أشياء كثيرة وننسى أنفسنا فلا نقرأ من نكون وكيف نكون أفضل. وليس الأمر بالمعضلة الكبيرة لو أننا منحنا أنفسنا بعض الوقت وتعرفنا على ماهيتنا ولماذا نتصرف على هذا النحو. كما أنّ لكل جنس طرقا مختلفة في التعبير والتعامل والردود وتقبل الآخر ولذا فمن المهم الوعي بالأسلوب الصحيح الذي يجعل من مقاصدنا تصل إلى الآخر دون أن يشوبها سوء فهم.

في كتاب (قصص عالمية للأطفال) الذي تمّ جمعه من القصص الشعبية الألمانية من قبل الأخوين غريم، يعقوب وفيليلهم قصة (الأميرة والضفدع)، حيثُ يتحول الضفدع إلى أمير بقبلة الأميرة، وما القبلة هنا سوى رمز لكمية العاطفة والفهم والاحتواء والتقدير التي يحتاجها الرجل ليغدو أميراً، حيثُ أرادت هذه الحكاية الألمانية الأصل أن توصل رسالتها وببساطة للنساء اللواتي يتذمرن طيلة الوقت من أزواجهن. وأما جون غراي صاحب كتاب (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة)، فإنّه يرى أنّ للاختلافات السيكولوجية الكبيرة بين الجنسين دورها ولذا وجب معرفة مفتاح كل جنس وبالتالي مخاطبته بما هو أوضح له وأكثر قدرة على إيصال المعلومة، فاحتياجات المرأة تختلف كلياً عن احتياجات الرجل كما أن نظرة كل جنس مختلفة للأشياء من حولنا.

بينما الدكتورة ماريان جيه. ليجانو وضعت كتاباً يجيب عن التساؤل الكبير الذي يُحير النساء دائماً وهو (لماذا لا يتذكر الرجال ويستحيل أن تنسى النساء؟).. حيث أرادت في هذا الكتاب أن توضح أن طبيعة دماغ الرجل تختلف عن المرأة مما يجعل المرأة قادرة أكثر على حفظ التفاصيل والاهتمام بها بينما الرجال لا سبيل لهم لمنافستها في ذلك.

ستغضب زوجتك كثيراً؛ لأنّك نسيت أمراً مهماً بالنسبة لها، بينما أنت تراه تافهاً، وربما ستنشأ بينكم بعض الخلافات التي بإمكانك أن تسميها بهارات الحياة مهما اشتدت وعتت بحياتكما وبإمكانك التوقف لفهم السبب الذي يقف خلفها لتغدو الحياة أجمل ولك الخيار.

تعليق عبر الفيس بوك