"مذكرة تفاهم".. وماذا بعد؟

 

 

حمود بن علي الطوقي

 

حضرتُ على مدار السنوات التي أعمل فيها في بلاط صاحبة الجلالة "الصحافة"، الكثير من المُناسبات التي تعقد في الفنادق الضخمة ويتم الإعلان عن توقيع اتفافية تأخذ صفة غير ملزمة بين الأطراف الموقعة على هذه الاتفافية والتي نطلق عليها اسم "مذكرة تفاهم"، وعادة ما تكون هذه الاتفاقية لمناقشة مشروع بهدف تحقيق التعاون سواء في الجوانب الاستثمارية أو عبر تنفيد بروتوكول للتعاون بين الأجهزة الحكومية.

عادة يتم وضع إطار عمل لتنفيذ بنود الاتفاقية، لكن سرعان ما تنطفئ شمعة هذه الاتفاقيات بسبب عدم متابعة الطرفين لتنفيذ ما تم طرحه من أفكار، أو قد يكون السبب الآخر الإجراءات التي تعيق تنفيذ بنود الاتفاقية بسبب الإجراءات المطولة والبيروقراطية التي تعيق تحقيق نقاط الالتقاء بين الأطراف لهذا تظل بنودها حبرا على ورق ولا تنقل إلى مرحلة التنفيذ.

أجزم أن هذه الاتفاقيات المعروفة باسم "مذكرات التفاهم" تأخذ منحنى بروتوكولات التعاون بين الأطراف وذلك من أجل تسجيل الحضور الرسمي فقط وإبداء رغبة الطرفين والنية لتحقيق ذلك مستقبلاً في حالة تلاقي المصالح المشتركة.

والمتابع لبروتوكول مذكرات التفاهم يستطيع أن يعلم أن مذكرة التفاهم مجرد وثيقة قد تكون رسمية أو غير رسمية تتضمن اتفاقاً بين طرفين أو عدة أطراف، وهي تمهد لتنفيذ العمل بين أطراف الاتفاق أكثر منها التزاماً قانونياً. ولذلك يعتبر البعض أن مذكرة التفاهم هي مجرد اتفاقية شرف تفتقد إلى الإلزام والعقود القانونية الرسمية. لهذا تظل بعض الاتفاقيات الموقعة حبيسة الأدراج لعشرات السنوات من عمرها دون التنفيذ وتفتقد بعد ذلك شرعيتها بسبب عدم المتابعة.

ومثال على بنود هذه البنود ومذكرات التفاهم ما جرى التوقيع عليه بين سلطنة عُمان، وعدد من الدول الشقيقة والصديقة مثل التوقيع على مذكرة التفاهم الثنائية وذلك بهدف تعزيز وتوسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات، وهناك مذكرات تفاهم تم توقيعها بين بلادنا وبقية الدول الشقيقة والصديقة على مختلف الصعد مثل اتفاقيات التفاهم في مجال تقنية المعلومات ومذكرات التفاهم في مجال تبادل الوثائق والمحفوظات وغيرها من الاتفاقيات وبعضها يأخد الجانب الأمني والعسكري.

نجد أيضا أن شركات ومؤسسات القطاع الخاص توقع مع مؤسسات حكومية مذكرة تفاهم في مجالات التدريب والتأهيل ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأيضا نجد قطاع الاتصال وقطاع النفط والغاز وقطاع المصارف وسوق المال ينشطون من وقت إلى آخر في التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بهدف تحقيق الاستهلاك وبربوجاندا الإعلام لكسب المزيد من الثقة بين الجمهور. وإذا تحدثنا عن مذكرات التفاهم التي وقعتها غرفة تجارة وصناعة عمان مع اتحاد الغرف الخليجية والعربية والدول الصديقة، فهي اتفاقيات كثيرة عدد كبير منها لم يُفعّل ولم يجد طريقه للتنفيذ.

أعتقد أنه يجب أن تأخذ هذه المذكرات التي تمَّ التوقيع عليها بهدف التفاهم منحنى أكثر جدية؛ حيث يجب متابعة الطرفين على آلية تنفيذها والانتقال من مجرد وثيقة ومذكرة تفاهم إلى واقع فعلي يتم تنفيذه على أرض الواقع.

كثيرًا ما كنت أفكر في جدوى إقامة هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وأرى أنَّ هذه الاتفاقيات يجب أن يتبعها التنفيذ والتطبيق الفعلي بل ومُتابعة دقيقة ووضع خط زمني لتفعيل بل يجب على سفاراتنا في الخارج تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية ومتابعة لهذه الاتفاقيات لترى النور. فهل يا ترى سنجد متابعة أكثر لتفعيل اتفاقيات ومذكرات التفاهم. هذا ما نتمناه!