"لقاء المحافظين".. ترسيخ لنهج اللامركزية

 

 

 

محمد بن رامس الرواس

لطالما مثّلت زيارات المحافظين الميدانية للمحافظات والولايات العُمانية محورًا حاسمًا في تحقيق التنمية الشاملة والعدالة في توزيع مكتسباتها، حيث إن هذه الزيارات هي في الأساس آلية حوكمة فعّالة وعامل أساسي لنجاح الإدارات المحلية.
فما الثمار الحقيقية لهذه الزيارات؟ وكيف تتحول إلى عوامل نجاح لإدارات المحافظين؟
تُعد هذه الزيارات هي الأداة التنفيذية الأولى لضمان سيادة القانون وتطبيق السياسات العامة، فبدلًا من الاعتماد على التقارير التي ينقصها الملاحظة المباشرة الميدانية، ويأتي في مقدمة ثمرات هذه الزيارات تبادل الآراء حول اتخاذ قرارات مشتركة في المشاريع الناجحة بما يختص بالاطلاع على أفضل الممارسات الرقابية المباشرة، ويرسّخ مبدأ الشفافية ويعزّز النزاهة الإدارية، هذا بجانب التعرّف على آليات الحسم في القضايا البيئية والمجتمعية والاقتصادية ذات الاهتمامات المشتركة، بينما الهدف الأسمى لأي زيارة ميدانية هو تحويل المحافظة إلى مركز إنتاج واستثمار اقتصادي يمكن من خلاله رفد الدولة بمنتجات تدفع عجلة التنمية؛ فالزيارات الميدانية هي المفتاح لتذليل العقبات الاقتصادية وتحقيق نتيجتين رئيستين مرجوتين؛ أولهما: تحديد الأولويات بدقة أكثر والوقوف على الاحتياجات الفعلية لكافة الخدمات الحكومية وربطها مباشرة بالميزانيات مما يضمن ترشيد الإنفاق العام.
وثانيهما: تبادل خبرات تحفيز الاستثمار بالمحافظات والولايات في إزالة العوائق التي تواجه المستثمرين، وتسهيل إجراءات التراخيص، واستغلال الموارد الطبيعية والمقومات السياحية غير المستغلة في كل ولاية.
ولعل أهم نتائج هذه الزيارات لا تتعلق بالمشاريع الصلبة؛ بل بالنتائج الاجتماعية والسياسية؛ حيث إن اللقاء المباشر بين المحافظين وبعضهم البعض بوجود الولاة ورؤساء البلديات والمواطنين يحقق عدة أهداف؛ منها: تلمُّس نبض المجتمع واحتياجاته، وتعزيز الشراكة المجتمعية وإشراك المجالس المحلية في عملية اتخاذ القرار، مما يرسّخ مفهوم المواطنة الفاعلة، بجانب رفع مستوى الرضا العام؛ فعندما يشعر المواطن بأن المحافظ يقف على أرض الواقع للاستماع إليه، فإن ذلك يبني الثقة ويقوّي الانتماء.
إنَّ الفاعلية القصوى لهذه الزيارات الميدانية هي وضع خارطة طريق مشتركة وعمل مشترك ومنسّق بين المحافظين أنفسهم يخلق نجاحًا إداريًا من خلال التنسيق الأفقي الذي هو بحث قضايا الخدمات المشتركة، ووجود التمكين الرأسي الذي هو تذليل العقبات التي تتطلب قرارات من مكاتب المحافظين لتذليل التحديات، والتقييم الموضوعي الذي يُعد بمثابة تبادل الخبرات وأفضل الممارسات والاطلاع المباشر والمشاهدة الميدانية.
وختامًا.. إنَّ الزيارات الميدانية للمحافظين تحوّل الخطط النظرية إلى واقع ملموس يسهم في تحقيق التوزيع العادل لمكتسبات التنمية، ويضمن استقرار المجتمع ورضاه، ويرسّخ محاور رؤية "عُمان 2040" ويدفع ببنودها وخططها إلى التحول إلى نتائج ومؤشرات ملموسة.

 

الأكثر قراءة

z