معاناة المُسرَّحين والباحثين عن العمل تحت المجهر

 

 

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

يُواجه العالم تحديات صعبة وتوترات مُقلقة وممارسات ذات طبيعة غير مستقرة نتيجةً لتلكم الظروف الاقتصادية والأمنية المحيطة بحياة الناس وتطوراتها في ظلّ أزمة متباينة في الرؤى والأفكار مبنية على اجتهادات تدار بعقلية مضطربة ينقصها الإيمان بالله والإحساس بالمسؤولية تجاه حقوق الإنسان التي يترتب عليها الكثير من المتغيرات وكيفية التعامل معها دون تذمر أو إجحاف.

والعلاقة الإنسانية الجادة والقائمة على المودة والمحبة والتسامح والاحترام المتبادل هي انعكاس لصفاء النفس البشرية وحسن الأخلاق وحسن المعاملة والقيم المثلى، وهي من الشيم والمبادئ الكريمة التي ينبغي الحرص عليها والعمل تحت مظلتها بما يتوافق مع شريعة خالقنا جلت قدرته. كما إن علاقة العبد المؤمن بربه لا تقاس بمعايير دنيوية ولا بمفاهيم لغوية ولا بممارسات حركية بقدر ما هي علاقة شاملة ومتكاملة ومتفاعلة متصلة ومتواصلة مع خالقها، تترجمها الطاعة المطلقة والمبادئ الشرعية الحميدة  والقيم الأخلاقية والعمل المخلص والروح الإيمانية العميقة والسلوك الإنساني الحكيم ..لا يحتويها مكان ولا زمان، فعلى العبد المؤمن أن يعمل وفق منهج خالقه جلّ شأنه وأن يلتزم بحدوده وأن يسلك طريق الخير والصلاح وأن يكون عونًا لتحقيق العدل والإنصاف وتحكيم الشريعة الإسلامية في درء المخاطر ومساعدة الآخرين من أجل إيصالهم إلى حقوقهم بما ينسجم مع الظروف المحيطة به.

والعدل والمساواة هما من العناصر المهمة في حياة الإنسان المسلم الذي يعمل من أجل النهوض بمستواه الاجتماعي والثقافي في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها العالم ضمن خطط واستراتيجيات مختلفة تبعث في النفس الكثير من التفاؤل والسعادة والسكينة والاطمئنان بما يحفز القوى البشرية الفاعلة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة نحو طاعة الله وبناء جسور المحبة والتفاهم والتعاون لخدمة المجتمع والمحافظة على مكتسبات الوطن.

ومعاناة المُسرَّحين والباحثين عن العمل هي ملفات ثقيلة ومتجددة ومنهكة تقبع أحداثها على طاولة الجهات المختصة؛ فقد أصبحت تثقل كاهل المجتمع بقدر كبير وتضعف قدرات هؤلاء المُسرَّحين والباحثين؛ بما تشكله من ضغوطات نفسية وإنسانية ومخاطر اجتماعية واقتصادية وظروف مادية على أوسع نطاق، وهي تسير في طريق غير آمن، نتيجة ما تحدثه تلك الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تؤرق هذا المجتمع وتزعزع كيانه الاجتماعي، وتضعه على محك عميق تتداعى من خلاله الكثير من الملفات الشائكة ذات الصلة المباشرة بمجمل مسارات التوظيف وانعكاساتها، وما يترتب عليها من تحديات مرتبطة بقضية هؤلاء المُسرَّحين والباحثين عن العمل ونظرتهم السلبية للمستقبل الغامض الذي ينتظرهم دون سابق إنذار.

إنهم بذلك يعيشون بين اروقة المحاكم وتداعياتها وتراكماتها المثقلة بالكثير من العوامل الحياتية وبين عواصف المديونيات الثقيلة وهمومها وتقلبات الحياة المشحونة بالكثير من المفاجآت والضغوط المصاحبة لها والأزمات التي تبحث عن آليات رسمية وأهلية تهدف إلى ايجاد منصات فاعلة ومخارج عملية تعمل من أجل تهيئة الظروف الإيجابية المناسبة لتحقيق المعادلة العادلة التي تضمن على أقل تقدير الوصول إلى وسائل تضميدٍ لتلك الجروح الملتهبة لكي تعمل على معالجتها بروح وطنية ومواقف إنسانيّة وقرارات سيادية ذات أبعاد وقيم اقتصادية عالية المستوى، وبالتالي فك حصارها وطوق نجاتها مع إطلاق سراحها من قبضة خانقة تآكلت من خلالها أحلام أولئك المتضررين من هذه الأزمة وعواقبها القاسية؛ وذلك بوجه من وجوه التفاؤل وتحقيق الأمنيات بنظرة كريمة من الخالق سبحانه وتعالى، ومن ذوي الشأن الذين يعول عليهم لخدمة الوطن بمعايير إنسانية وجهود مخلصة تتخطى جميع العقبات والحواجز التي تقلل من حجم المسؤولية وما يترتب على ذلك من أضرار وتداعيات سلبية.

على الإنسان أن يتقى الله في نفسه وفي أسرته ومجتمعه وأن يبعث في نفسه الاطمئنان، على أن يعمل بكل جدية من أجل نشر الفضيلة واتباع طرق الخير والسعادة والسلام المرتبطة بقنوات الطاعة المثلى للخالق جلت قدرته وسنة رسوله الأعظم مع ضرورة تجفيف منابع الشر والفساد وخلق أجواءٍ إنسانية متميزة بروح المسؤولية والمحبة والإخلاص واحترام الآخرين والتسامح والتعايش معهم بما يرضي الله ورسوله حتى تستقر الحياة البشرية وتنعم براحة البال والتي تتحقق من خلالها مشروعية الأمن والأمان في أتم صورها.

البعد الإنساني والاجتماعي ينبغي أن تكون له الأولوية القصوى في معالجة الأزمات والقضايا التي تطرح للدراسة والمناقشة من خلال الحوارات الهادفة إلى إيجاد بيئة آمنة ومستقرة تعمل على حل الخلافات العالقة وبث روح التعاون والتفاهم والتضامن؛ بما يجسد تطلعات المواطنين ويخدم مصالح الوطن والنهوض بواجباته في ظل ظروف الحياة الراهنة وممارسة الأنشطة الاجتماعية المختلفة وترسيخ القيم الوطنية الأصيلة.

مراكز القوى العاملة في حياة الانسان المسلم ومعطياتها تزداد ضياءً ونورًا وبهجة وسرورًا عندما يقترن ذلك بذكر الله، وبسلامة النفس من الهفوات والمعاصي يرتقي الإنسان بطاعة الله، وبطهارة المسلم من الدرن والحقد والحسد يتجسد الإخلاص لوجهه سبحانه وتعالى، فعلى الإنسان أن يتقي الله وأن يصلح ذاته ويقدر مسؤولياته وواجباته وأن يكون حريصًا على فعل الخيرات والقيام بالواجبات وحب الصالحات.

ومن خلال هذا المفهوم يتوجب على الجهات الرسمية والأهلية ومؤسسات القطاع الخاص أن تعمل شراكة مجتمعية حقيقية لرفع معنويات الفئة المستهدفة من هذا المقال لمعالجة أوضاعهم وتهيئة الفرص المناسبة من أجل توظيفهم والأخذ بأيديهم لتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم؛ بما يكفل لهم حياة كريمة ومستقرة تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله.

نسأل الله العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدينا والآخرة، ولله عاقبة الأمور.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z