عُمان.. حضارات عريقة ورؤية مستقبلية للمتاحف

 

 

ناصر بن حمد العبري

سلطنة عُمان، تلك الأرض التي احتضنت حضارات ضاربة في القدم، لا تزال تحتفظ بكنوزها التاريخية والثقافية التي شكلت هويتها الفريدة؛ من حضارة مجان إلى الدولة البوسعيدية، مرّت عُمان بمراحل حضارية متعددة، تركت بصماتها في التجارة، عبر البحار، والثقافة والفنون، مما يجعلها واحدة من أغنى الدول العربية تراثًا وتاريخًا.

والحضارات التي شكلت تاريخ عُمان هي: حضارة مجان (3000 ق.م - 550 ق.م)، واشتهرت بتجارة النحاس والبرونز، وكانت مركزًا صناعيًا وتجاريًا مهمًا في المنطقة. وحضارة دلمون (2000 ق.م - 300 ق.م)، والتي لعبت دور الوسيط التجاري بين بلاد الرافدين والهند، وتميزت بتجارة الأقمشة والتوابل. وحضارة عُمان (550 ق.م - 300 م)؛ حيث ازدهرت تجارة البخور واللبان، وارتبطت بمسارات القوافل القديمة. والفتح الإسلامي (632 م)؛ حيث دخل الإسلام إلى عُمان في عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت من أوائل الدول التي اعتنقته طواعية. ثم الدولة النبهانية (1154م- 1624م) التي ساهمت في تعزيز التجارة البحرية، خاصة في البخور واللبان. والدولة اليعربية (1624م- 1741م)، والتي شهدت نهضة عُمرانية وتجارية، وواجهت التحديات الاستعمارية. ثم الدولة البوسعيدية (منذ 1741م)، والتي قادت عُمان نحو الحداثة، وبرزت في تجارة النفط والغاز.

ولكن ما تزال الحاجة قائمة لإقامة متاحف متخصصة في كل محافظة بتحويل الحصون والقلاع إلى متاحف تعرض خلالها تاريخ تلك الحضارات والاكتشافات الأثرية؛ حيث إن المتاحف ليست مجرد مبانٍ؛ بل منصات تعليمية وثقافية تعكس هوية الشعوب وتربط الماضي بالحاضر وتسليط الضوء على أول عُماني وصل إلى الصين هو أبو عبيدة عبدالله بن القاسم، وهو تاجر وبحار عُماني معروف وصل إلى ميناء كانتون (غوانزو حاليًا) في الصين حوالي عام 133 هجري (750 ميلادي). كان أبو عبيدة شخصية بارزة في التجارة بين عُمان والصين، وقد لقبه الإمبراطور الصيني سون سين زون "جنرال الأخلاق الطيبة" أبو عبيدة عبدالله بن القاسم كان من أوائل المسلمين الذين وصلوا إلى الصين، وقد ساهم في نشر الإسلام في تلك البلاد. كما كان له دور مهم في تعزيز العلاقات التجارية بين عُمان والصين.

وفي عصر التكنولوجيا، أصبح استخدام الواقع الافتراضي في المتاحف ضرورة ملحة، خاصة في سلطنة عُمان التي تسعى لتقديم تراثها بأساليب مبتكرة. ومن فوائد منصات الواقع الافتراضي تعزيز تجربة الزائر يشعر الزائر وكأنه يعيش داخل الحدث التاريخي يعرض المحتوى الثقافي بشكل جذاب: يجذب فئات عمرية متنوعة ويزيد من التفاعل، كما يُعزز التعليم ويقدم المعلومات بطريقة تفاعلية وممتعة، ويساعد على جذب السياح ويوفر تجربة فريدة تميز المتاحف العُمانية عالميًا.

ومع إدماج تقنيات الواقع الافتراضي، يمكن للزائرين من داخل السلطنة وخارجها أن يعيشوا تجربة حضارية متكاملة؛ بل ويمكن عرض مقتطفات من فيلم "عُمان عبر التاريخ" بطريقة تفاعلية، تجعل من زيارة المتحف رحلة لا تُنسى.

الأكثر قراءة

z