◄ الشيذاني: جارٍ العمل لتطوير 7 مشاريع بطاقة إنتاجية مليون طن من الهيدروجين الأخضر
◄ عُمان تسعى لمعالجة "معادلة التنافسية الثلاثية" لتطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر
الرؤية- ريم الحامدية
تصوير/ راشد الكندي
انطلقت أمس أعمال النسخة الرابعة من قمة عُمان للهيدروجين الأخضر 2025، تحت رعاية وزارة الطاقة والمعادن، وبشراكة استراتيجية مع شركة هيدروجين عُمان "هايدروم"، ضمن جهود تسليط الضوء على التطور الذي يشهده القطاع وانتقال سلطنة عُمان من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ.
وقال معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن إن تنظيم قمة الهيدروجين الأخضر 2025، يمثل امتدادًا للجهود الاستراتيجية لسلطنة عُمان لتعزيز أمن الطاقة محليًا وعالميًا، وترسيخ موقعها كمنصة محورية في تطوير صناعات الهيدروجين منخفض الكربون. وأضاف أن القمة كذلك تعكس النهج الذي تتبناه وزارة الطاقة والمعادن، والمبني على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وتعظيم القيمة الاقتصادية لسلاسل الإمداد؛ حيث عكفت السلطنة خلال الأعوام الماضية على صياغة سياسات واضحة، وإرساء أطر تنظيمية وتنفيذية قادرة على مواكبة النمو المُتسارِع لهذا القطاع.
وتابع معاليه قائلًا: "لا نعمل بمعزلٍ عن ديناميكيات الأسواق الدولية؛ بل نتحرك تماشيًا مع التطورات العالمية في تقنيات الهيدروجين، ونعمل مع شركائنا لسد الفجوات التقنية والتمويلية وتجاوز التحديات التي قد تُعيق تقدمنا". وأوضح أن سلطنة عُمان تمتلك خبرة تراكمية تمتد لعقود في قطاع الطاقة؛ فبعدما كان الغاز المصاحب يُترك دون استغلال، أصبح لاحقًا أحد أهم ركائز منظومة الطاقة العالمية. وقال: "نشهد التحوّل ذاته في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح، التي انتقلت خلال سنوات قليلة من حالة التردد إلى كونها من أكثر التقنيات اعتمادًا ونموًا عالميًا، وخلال الفترة الماضية، عملنا على إعادة بناء منظومة قطاع الهيدروجين من الأساس، بدءًا من السياسات والتشريعات، مرورًا بالبنية الأساسية وتخصيص المواقع، وصولًا إلى تأسيس شركات وطنية متخصصة قادرة على قيادة هذا التحول وتعزيز تنافسية السلطنة في سلاسل إنتاج وتصدير الوقود النظيف". وأشار إلى أنه رغم التغيّرات المستمرة في أسواق الطاقة العالمية، يبرز التقدم الذي تحققه المنظومة الوطنية للهيدروجين الأخضر في عُمان كدليل على التزام واضح يعزّز مكانتها كشريك موثوق ومنافس رئيسي في اقتصاد الهيدروجين العالمي.
وتنعقد القمة هذا العام تحت شعار "مسار الهيدروجين.. بناء الجسور وتعزيز الإنجاز"، في إطار جهودها لتهيئة منصة تجمع المسؤولين وصنّاع القرار والخبراء والمستثمرين؛ بهدف مناقشة السياسات والتشريعات والفرص الاستثمارية المرتبطة بالهيدروجين الأخضر، واستعراض أحدث التقنيات وتوجهات الأسواق الدولية.
وفي الكلمة الافتتاحية للقمة، استعرض المهندس عبدالعزيز بن سعيد الشيذاني المدير العام لشركة "هايدروم" التطورات التي شهدها الإطار التنظيمي للهيدروجين الأخضر خلال العامين الماضيين استنادًا على سياسات واضحة وآليات دقيقة لتخصيص الأراضي ضمن منظومة وطنية متكاملة. وقال الشيذاني إنه بعد مرور عامين على إطلاق الإطار المؤسسي لهذا القطاع الواعد، انتقلت سلطنة عُمان إلى مرحلة التنفيذ الفعلي؛ حيث تتكامل المشاريع والبنية الأساسية والأطر التنظيمية ضمن منظومة وطنية واحدة مصمَّمة للتوسع وتعزيز التنافسية على المدى الطويل. وأشار الشيذاني إلى أن المرحلة الحالية تشهد تقدم 7 مشاريع يجري تطويرها حسب الخطة المقررة بطاقة إنتاجية إجمالية تصل إلى مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول 2030، بينما تم الاتفاق على إنهاء مشروعيْن آخريْن بعد مراجعة المطوّرين لجدواهما في ضوء المستجدات التي يشهدها السوق العالمي. وأكد أن هذا المشهد يعكس قدرة السلطنة على المحافظة على بيئة مرنة تتجاوب مع معطيات السوق بما يضمن استمرارية تقدم البرنامج الوطني.
وذكر أن من أبرز تطورات المنظومة الوطنية دخول مشروع "أكمي" للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم حيز التنفيذ، ويتكون المشروع من 3 مراحل؛ تستهدف الأولى- التي دخلت بالفعل مرحلة الإنشاء- إنتاج 100000 طن من الأمونيا الخضراء و17000 طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2027. وتابع أنه يجري التجهيز لبدء المرحلة الثانية، لتضيف 71000 طن من الهيدروجين الأخضر و400000 طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، أما الثالثة فتتوقع إضافة نفس القدرة الإنتاجية للمرحلة الثانية، ومع بدء ضخ الاستثمارات وطلب المعدات وانطلاق أعمال الإنشاء، يترجم المشروع الرؤية الوطنية إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع.
وأوضح الشيذاني أن رحلة عُمان في تطوير اقتصاد الهيدروجين تستند إلى رؤية طويلة المدى تسعى إلى معالجة ما وصفه بـ"معادلة التنافسية الثلاثية"، والمتمثلة في: خفض التكلفة، وضمان التنفيذ، والموقع الاستراتيجي. وقال في هذا السياق: " تعمل سلطنة عُمان على تحقيق هذه المعادلة الثلاثية في وقتٍ تركز فيه معظم الأسواق على جانبين فقط منها؛ حيث إن مواردنا المتجددة تمنحنا أفضلية في الكُلفة، ويعزّز الإطار المؤسسي والبنية الأساسية المتكاملة موثوقية التنفيذ، فيما يتيح موقعنا الجغرافي ربط الإنتاج الوطني مباشرة بالأسواق الرئيسة. هذه المنظومة المتكاملة هي ما يرسّخ قدرة عُمان على تحويل التقدّم إلى تنافسية مستدامة".
واستطرد الشيذاني قائلًا: "تُجسِّد الجولة الثالثة من مزايدات الهيدروجين الأخضر استمرارَ النهج المرحلي الذي تتبعه سلطنة عُمان في تطوير هذا القطاع الواعد؛ بمشاركةٍ واسعةٍ لأكثر من 130 شركة من مختلف الأسواق العالمية، في انعكاسٍ واضحٍ لثقة المستثمرين في الإطار التنظيمي والبيئة الاستثمارية التي رسّختها السلطنة، وجاء اعتماد حزمة الحوافز المالية التي تبلغ قيمتها نحو 3.6 مليار دولار أمريكي خلال هذا العام؛ استنادًا إلى نتائج الجولات السابقة، بهدف دعم المشاريع في مراحلها الأولى وتعزيز استقرارها المالي. ومع تواصل تنفيذ خطط تخصيص الأراضي وتطور الأطر التنظيمية وتنامي القدرات المحلية في سلاسل الإمداد، يمضي قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان بثقةٍ نحو مرحلةٍ جديدةٍ من النمو والنضج والاستدامة".
وتتضمّن أعمال القمة برنامجًا فنيًا يمتد لثلاثة أيام، يناقش أحدث التطورات في إنتاج الهيدروجين وتخزينه ونقله واستخداماته الصناعية، إضافة إلى استعراض التجارب الدولية ونماذج العمل الحديثة ومعايير الشهادات والأطر التنظيمية. كما تسلّط الجلسات الضوء على التقدم المحرز في مشاريع الهيدروجين في الدقم وظفار، والفرص المتاحة للتكامل بين الطاقة المتجددة والتقنيات الرقمية.
