د. علي بن حمد المسلمي
في تجربة حوارية جميلة، احتضنت سمائل، فيحاء عُمان، لقاءً لمحافظ الداخلية بمعية المسؤولين بالمؤسسات الحكومية في المحافظة، وذلك في لقاء مفتوح مع مُمثلي الولاية من شيوخ ورشداء وأعيان، ومكرَّمين من أعضاء مجلس الدولة وأعضاء مجلس الشورى وأعضاء المجلس البلدي، وعدد من الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالشأن المحلي وروّاد الأعمال، في استراحة الفيحاء السمائلية، في جوٍّ مليء بالسعادة والحُبور.
تخلّل اللقاء كلمة ترحيبية لسعادة الشيخ المحافظ هلال بن سعيد الحجري محافظ الداخلية؛ حيث تطرّق إلى أن هذا الملتقى يُجسّد جلسة حوارية مفتوحة بين المحافظ والمسؤولين من جهة، وأبناء ولاية سمائل من جهة أخرى، في ظل ما تهدف إليه رؤية "عُمان 2040" بشكل عام، والمحافظة بشكل خاص، من تعزيز المشاركة المجتمعية من أجل تحقيق أهدافها التنموية.
فيما أثنى سعادة الشيخ والي سمائل على تشريف المحافظ وزيارته لولاية سمائل العريقة، مُثمّنًا جهوده المخلصة في تنمية الولاية التي تحظى بالعديد من المنجزات التنموية في ظل نهضة متجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.
وقدّم أحد الباحثين الأكاديميين رؤية استراتيجية للمحافظة بشكل عام، وولاية سمائل بشكل خاص، تتناول التخطيط الحضري وتعظيم الفائدة منه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بأسلوب علمي رصين، بالتعاون مع مكتب المحافظ. ثم جرى عرض المنجزات التنموية من قبل المؤسسات الحكومية والمشاريع التي تحققت في الولاية في المجال الخدمي والبلدي والنقل. ثم تم التطرّق إلى جهود بعض القرى في الولاية في مجال التطوير، حيث تم عرض تجربتين لقرية سيجاء وسرور، وهي مبادرات شبابية نالت استحسان الحضور، وأكّد المسؤولون دعمهم لهاتين التجربتين الجديرتين بالدعم والمساندة، ثم فُتح الباب للنقاش.
إنَّ مثل هذه اللقاءات المفتوحة تُثلج الصدر لدى شريحة كبيرة من أفراد المجتمع المحلي في تجربة فريدة من نوعها لم نعهدها من قبل، وخاصة عندما يكون المحافظ صاحب كاريزما ويتميز برحابة الصدر، وظهر ذلك من خلال ردوده ومناقشاته وتقبّله للأسئلة، وخاصة بعض الأسئلة التي طُرحت بشفافية من أجل مصلحة أبناء الولاية الصحية والخدمية منها، والتي نظر إليها كالأب الحنون وأصغى إليها، وطلب من المسؤولين الرد عليها والتجاوب معها. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على الرغبة في تذليل العقبات والتحديات التي تواجه أبناء الولاية تحقيقًا للأهداف التنموية في المحافظة. ومن خلال هذا اللقاء يتضح لنا عمق التجربة في دورتها الخامسة بين الولايات، وهي تُجسّد المشاركة المجتمعية في لقاء مباشر ومفتوح تتخلّله الشفافية، من أجل تجسيد دور المجتمع في التنمية ومشاركته في صنعها، والأخذ بمقترحاته وأفكاره وترجمتها على أرض الواقع.
ومن خلال الأسئلة التي طُرحت من قبل المشاركين، والتي تنمّ عن تطوّر في الوعي الفردي والمجتمعي تجاه القضايا التي تَمَسّ وتتلّمس احتياجاته ومتطلباته، وقد ظهر ذلك جليًا من خلال الأسئلة التي وُجّهت للمحافظ والمسؤولين، والتي تنمّ عن وعي وإدراك لما يواجهه المجتمع والفرد ورائد الأعمال من تحديات وصعوبات من قبل المختصين، وضرورة مشاركتهم أثناء تنفيذ مشاريع تَمَسّ الصالح العام، وخاصة الناحية الصحية كمنشآت الصرف الصحي وغيرها، والتي طُرحت بشفافية.
لقد كشفت الجلسة الحوارية عن حرية التعبير في الرأي عمّا يدور في خلجات المشاركين دون خجل أو وجل أو تحفّظ، وهذا ما صرّح به المحافظ عندما سأله أحد المشاركين- وكان يطرح موضوعاته بكل شفافية- بأن يقول ما في خلجات نفسه، وقد قام بالرد عليه وتوجيه المسؤولين بالمؤسسات الحكومية بالرد على تساؤلاته والإجابة عليها، والأخذ بملاحظته بعين الاعتبار، والتواصل مع مكتبه.
ونظرًا لما لهذه اللقاءات من فائدة، فإننا نقترح للمحافظ أن تكون الجلسات صباحية ومسائية؛ نظرًا لما يدور في خُلد المشاركين من أسئلة تحتاج إلى إجابات، ولا سيما أن حجم المشاركين كبير. وكذلك لا حبّذا لو يجتمع المحافظ مع المثقفين من أبناء الولايات، وأرباب المهن من أطباء ومعلمين والمهن الأخرى، للوقوف على التحديات والمعوّقات وتذليلها، وأيضًا الباحثين والمسرّحين من أعمالهم لوضع الحلول الناجعة على مستوى المحافظة، ومساندتهم للحصول على وظائف تسدّ رَمَقهم وتوفّر لهم الحياة الكريمة.
ولا يسعنا إلّا أن نقول: شكرًا للمحافظ على مبادرته الجديرة بالتقدير، خدمةً لهذا الوطن وأبنائه، في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- قائد مسيرة النهضة المُتجددة.
