قصة حُلم تركيا 2

حمد الناصري

 لم يَعِرها أحمد أي اهتمام، واسْتمرّ في حديثه.. تركيا بلد واسع مُتنوع القومِيّات والبيئات... بلد كبيرٌ فيه كنوز من التجارب الإنْسانية والتضاريس الطبيعية.. قاطعته مرام يلدريم..  باخْتصار بلدنا بلد الحُريّات التي حررّتْ البشر ليكونوا بلا قُيود في سُلوكهم وحياتهم ومعيشتهم.
قال أحمد في نفسه وقد سَيْطرت عليه هواجِس الخوف وشعر بقُشْعريرة وارْتعاش. وهو يحدّث نفسه.. إنّ أجْهزة الأمْن في تركيا لها أعْينٌ في كل موضع، لا تُدركها عين السائح، أعينٌ تراقب كل زائر وسائح لتركيا وتُحسب خُطواته ونظراته.. أما حُريّة اللّهْو والترفيه والتواد الليْلي فهي مباحة لدى الأمْن ولا حسِيب عليها ولا رقيب فافْعل ما بدا لك بدون أنْ تُؤذِي أحدًا.
اسْتأنفَت مَرام يلدريم حديثها، لقد تعرّفت على نماذج كثيرة مِن الرجال ولديّ أصْدقاء كُثر، أُقِيْم بمفردي في شُقة صغيرة حياتي كما أشاء وارغب.؛ وأشارتْ إلى صديقتها ـ التي قدِمَتْ تواً وشاركتْنا جلستناـ صديقتي الرائعة تعرّفتُ عليها مُنذ أنْ كُنّا في الإعدادية.. مُتحررّة الفكْر، مُلتزمة بقيَم لا تحِيد عنها، وهي من أصول عربية الجذور، وتعنز لذلك. 
وأنا أعتز بها وأحبّ أن يكون الناس مهما اختلفت جنسياتهم أقاربًا وأصْدقاء لي، تجمعنا الإنسانية جميعًا لا الأعراق والأديان، وواقع تُركيا اليوم ليس كواقعها بالأمْس.؛ والجيل الذي سيأتي بَعْدنا ستكون له أهداف ورغبات مختلفة تماماً عن الحال اليوم حتى وإنْ ورثَ بِضْع سُلوكياتنا التي تُعزّز بعض المبادئ والقيم في الحياة لكنهم حَتْماً ستكون لهم رؤيتهم الخاصة بهم.؛ 
 صمت أحمد بعدها، وهو يحدّق في مرام ويحلّل ما سردته مرام من تفاصيل عن تركيا وحرياتها وكانت نظراته تتأمّل ببن الفينة والفينة جمال الشابة اليانعة نور أوغلو، التي أوفدت رغبته وأثارت رجولته.. شَعْر مُنسَدِل وجدائل ارتختْ برقّة، وعيون عسلية، كانت أنفاسه تتسارع، وهو يقول لنفسه ناهرًا، لا.. يجب ألاّ أتخلى عن مبادئ وقِيَمي التي تربيت عليها، ثم تشدّه نفسه فيقول، ولكنك أنتَ هُنا لست ملزمًا بشيء من مبادئك فدعها خَلْف ظَهْرك، ثم تمتم لنفسه، الحياة في تركيا جميلة، اعتقد أنّ تَقْيِيد الحياة وكبْت الرّغبات وهدْر طاقات الجسَد غير مُجد في هذه البيئة المتاحة لكل الرغبات ، فردّ على نفسه: أنا غير مُقتنع بغلق الباب وحِرْمان النفس، ثم أردف محدثًا مرام ونور إنّ حكوماتنا تغلق باب الحريّات في وجوه شعوبها العربية؟ وترى بالحريات انْحلالا لأخلاقيات المُجتمع...؟ بعكس حكومات الغرب فالحرية متاحة لكل من يريدها وهذا نوع من الاستقطاب والترويج السياحي أظنه الذي يكون عائده اقتصاديًا على البلدان التي تتمتع بحريات لا حدود لها، فأردفت مرام يلدريم.. موضّحة نحن في تركيا كل شيء بمقابل فتؤدي غرضًا مُعيّنا فتحصل مُقابلهُ على مَنْفعة مُعيّنة.؟ عقّبت نور أوغلو.. أجلْ لا شيء بلا ثمنْ.؛ تلك مُعادلة ثابتة في مجتمعاتنا الغربية.!
 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة