خلفان الطوقي
صناعة الوعي لا تحدث في لحظة، إنما تحتاج إلى وقتٍ وجهود مُستمرة، والأهم إلى خطط وأدوات وآليات وقرارات وفرق تنفيذ ومتابعة وتقييم دوري، وهنا يتضح أنه كلما اتبع النموذج العملي في تطبيق شيء معين، ترى نجاحه، وتستطيع قطف ثماره، ولو بعد حين.
هذه المُقدمة القصيرة هي لمقالة هدفها تسليط الضوء على حملة توعوية للسلع والخدمات التي تصنع أو تقدم في سلطنة عُمان، والتي تحمل عنوان "هذا محلي ... هذا عُماني" التي تقوم بها هيئة المناقصات والمشاريع والمحتوى المحلي.
هذه الحملة التوعوية ضمن جهود عديدة تقوم بها الهيئة، ولكن هذا الجهد وهذه الحملة تخص الجميع، وواجب علينا جميعًا دعمها لتنجح وتستمر وتتطور، ولكي نضمن نجاح هذه الحملات لا بُد من الآتي:
- السلوكيات الاستهلاكية: وهي من الأفراد والمجتمع، لذلك قبل اتخاذ قرار الشراء أو التعامل، لا بُد من طرح السؤال: هل هذا المنتج مصنوع في عُمان؟ وما هي السلسلة المستفيدة من ذلك بدأ من المحل إلى العاملين الى المصنع إلى تطوير واستمرارية المنتج إلى الاقتصاد العُماني إلى العوائد في خزينة الدولة وهلما جرى؟
- المشتريات الحكومية: وهناك دليل استرشادي أصدرته هيئة المناقصات والمشاريع والمحتوى المحلي، ومن المتوقع أن تتطور عمليات المشتريات الحكومية للجهات المدنية والعسكرية والأمنية مع الأيام، وإن كان هناك تباين في التطبيق الميداني بين الجهات الحكومية المُختلفة، إلّا أنَّ رحلة نشر الوعي من ناحية، والرقابة الصارمة من ناحية يسيران في خطين متوازيين، عليه، فلابد من الانتقال إلى بقية المحطات التي تمر من خلالها هذه الرحلة بالرغم من التحديات التي توجهها في هذا المسار الشائك والحساس، فهذه الرحلة ليست مليئة بالورود، ونزع الأشواك يحتاج له المعرفة والحنكة والمهارة والخبرات الميدانية.
- الشركات الحكومية: ولديها مديرية مختصة في جهاز الاستثمار العُماني معنية بالمحتوى المحلي، قامت بجهود منوعة بتحديد القائمة الإلزامية للمنتجات والسلع العُمانية، وجهود توعوية مستمرة للشركات التابعة لها، وجهود تطويرية لاكتشاف فرص مستقبلية لتطوير هذا المفهوم ليكون أثره أعظم في قادم الأيام.
- القطاع الخاص المستقل: لا يختلف اثنان أن وجود القطاع الخاص هو ممارسة التجارة هدفها الأسمى هو الربح المادي، وكلما زادت الأرباح فهذا هو أهم مؤشرات النجاح، بالرغم من ذلك، لابد للقطاع الخاص أن يعي أنه ضمن شبكة مشتركة ومتداخلة مع بقية مؤسسات القطاع الخاص، إن أراد الاستمرار والتطور لا بُد عليه أن يدعم بقية المؤسسات التي يتعامل معها من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العُمانية، وإن أراد أن يقنع العملاء الكبار كالجهات الحكومية بأن يتعاملوا معه، لذلك فمن الواجب عليه أن يثبت لهم بأنه يتعامل مع الشركات العُمانية المساندة، لذلك فالعلاقة طردية فيما بينهم.
- الترويج المبتكر: فمقطع أو مقطعان أو ثلاثة مقاطع ناجحة مؤثرة تكفي، فقطاع التسويق والترويج في تطور مستمر، لذلك لابد من جمع عدة عناصر لضمان تغير العادات الاستهلاكية منها الاستمرارية والابتكار والكثافة من خلال التعاون مع الإعلام بكافة أنواعه، وبعد كل حملة يمكن تقيم الأثر.
يتضح هنا أنَّ الجهود لا بُد أن تستمر من الجميع دون استثناء، فبالرغم من الجهود التي تقوم بها هيئة المناقصات والمشاريع والمحتوى المحلي وبقية الجهات الحكومية وشبه الحكومية، إلّا أن هناك جهود حثيثة لا بُد أن تتبعها، فمسار كهذا ليس بالسهل، لكنه لا يوجد خيار لنا إلّا الإيمان بأنَّ "هذا محلي.. هذا عُماني" هو الخيار الأنسب والأجدى، ويجب دعمه بكافة الطرق، والاستمرار في اكتشاف فرصه للاقتصاد العُماني.
