الشارقة - الرؤية
"في الإنتاج الفني لا يمكن أن ندهش الآخرين من الثقافات الأخرى إذا قدّمنا لهم ما يشبههم، بل عندما نصنع
عملاً يعبر عنّا نحن ويكشف ما يميز تجاربنا"
هذا ما أكده الكاتب والسيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد، خلال جلسة بعنوان "في البحث عن الإنسان"
ضمن مبادرة "ما وراء الكواليس"، التي تنظمها مكتبات الشارقة العامة خلال مشاركتها في الدورة الـ44 من
معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يستمر في إكسبو الشارقة حتى 16 نوفمبر المقبل تحت شعار "بينك
وبين الكتاب"

وحول ما يميز كتابة السيناريو عن رواية القصص، قال أحمد: "نحن في كل يوم نروي قصصاً وحكايات،
فحتى عندما أصف ألمي للطبيب، فإنني في الحقيقة أروي قصة؛ فالحياة كلها قصة واحدة كبيرة، تتفرع منها
مليارات القصص، ولكن عندما نقرر تحويلها إلى سيناريو فالأمر يتجاوز الحكي إلى صناعة فنية متكاملة؛
لأن الكاتب يكون حينئذ أمام فريق عمل فني، وعليه أن يوازن بين الإبداع والمهنة";، مؤكداً أن "كاتب
السيناريو لا يكتب نصه ليُقرأ من الجمهور، بل ليُفهم من قِبل فريق العمل، وينتهي دوره عند لحظة انتقال
النص إلى مرحلة التنفيذ، ليصبح السيناريو بعدها مجرد وثيقة محفوظة في الأرشيف".
وفي حديثه عن اختلاف نظرة كاتب السيناريو للأشياء، أوضح قائلاً: "لو رأينا سيارة قديمة مهجورة وعليها
الغبار في الشارع، فهي بالنسبة للشرطة مجرد مخالفة مرورية، أما بالنسبة لي ككاتب سيناريو فقد أرى
وراءها لحظات يمكن أن تنفتح على احتمالات ومشاهد وأفكار عديدة"
وأوضح أحمد أن كتابة السيناريو يجب أن تنطلق من الشخصية إلى ما يحيط بها من تفاصيل وأشياء، فلا
ينبغي للكاتب أن يكون أسيراً للشخصية وحدها، بل عليه أن يلتفت إلى محيطها وكل ما يدور حولها، مع
التأكيد على أهمية البساطة في الكتابة؛ لأنها العنصر الذي يمنح العمل عمقه الحقيقي ويجعله أقرب إلى
المتلقي.
وأوضح السيناريست الإماراتي أن الفن في جوهره ترفيهي أولاً وأخيراً، مشيراً إلى أنه ليس طبيباً نفسياً
حتى تكون مهمته معالجة الجمهور أو إصلاحهم؛ فدور الفنان هو تقديم العمل الفني برؤية جمالية وفكرية
صادقة، بينما المتلقي هو من يتلقى الرسائل ويكوّن انطباعه الخاص. وأضاف أن صانع الفيلم قد تكون له
أهداف محددة، إلا أن ما يصل إلى المشاهد قد يختلف عما قصده المبدع؛ لأن نظرة صانع الفيلم تظل فنية
بحتة، تركز على التعبير والإبداع أكثر من التوجيه أو التعليم.
