إلى متى يستمر الحال؟!

 

ناصر بن سلطان العموري

nasser.alamoori@gmail.com

 

في الوقت الذي كان فيه الجميع يترقب قانون الوظيفة العامة لإنصاف الموظفين الذين قضوا سنين طوال في الوظيفة الحكومية مكبلين بأغلال البيروقراطية أو قانون يحمي المسرحين من فيروس التسريح وما يترتب عليه من أهوال أو قانون يلزم الشركات بزيادة نسبة التعمين بالوظائف العليا دون الدنيا تقليلا للقائمة المتخمة للباحثين عن عمل أو قانون للمتقاعدين ينصفهم ويرفع من شأنه بعد أن نسيهم الجميع.

ولكن وزارة العمل فاجأت الجميع حينما أصدرت اللائحة الجديدة لعمال المنازل ومن في حكمهم. القرار- كما يُشاع- جاء نتيجة شكاوى بعض سفارات الدول من التصرفات السلبية لبعض أرباب العمل- ونؤكد "البعض"- والتزام سلطنة عُمان باتفاقيات دولية خاصة بحقوق العمال، طبعًا العمال الوافدين وليسوا من أصحاب البلد!

والسؤال الذي يطرحه الرأي العام: هل مراعاة حقوق العمالة الأجنبية أهم من مراعاة حقوق المواطنين أصحاب البلد؛ فالعامل الأجنبي أُعطي فوق ما كان يتمناه ويحلم به.

لكن في المقابل، من يعوض المواطن ويرجع له حقوقه إذا قصر العامل في عمله أو لاذ بالفرار؟ هذا غير الأعباء المالية التي تضاف إلى رب العمل نتيجة الإجازات المرضية والسنوية مدفوعة الخدمة ومكافأة نهاية الخدمة. والظاهر بعد صدور هذه اللائحة ستكون بلدنا ملاذ آمن وجنة للراغبين في العمل من الوافدين.

ألم تفكر هنا وزارة العمل بعين العاطفة قبل العقل عمَّا يواجه المُسرَّحين من أهوال يُندى لها الجبين فلا هو براتبه ولا هو براتب الأمان الوظيفي ولا عن الباحثين عن العمل الذي يزداد عددهم يومًا بعد يوم والذين هم أشبه ببالون قد ينفجر يومًا ويضر ما حوله.

قوانين لا تحاكي الواقع وتلامسه لا من قريب ولا حتى من بعيد، وكأن من اتخذها يسكن في برج عاجي لا يشعر بمن حوله أو ربما لا يعيش معنا ولا يحس بما يحسه المجتمع من آلام وآهات تصدر من مُسرَّح قابع في غياهب السجون، أو باحث عن عمل يتردد بين الطرقات وعبر المؤسسات لعله يشتم رائحة وظيفة، أو متقاعد قد أثقلت كاهله الديون والالتزامات فتكابد عليه الهم والمرض والدين فأحسَّ أن كل شيء ضده.

كفى مجاملة ونحن نحاول كسب ود من هم من يُملون شروطهم بالخارج على حسب حياة من في الداخل؛ فالمعاناة تزيد والوجع يشتد ووهن التفكير مما هو حاصل من أوضاع قد أصحاب الجميع دون استثناء.

أين الموازنة بين الحقوق والواجبات؟ فكما يصان حق العاملين، من المفترض كذلك أن يصان حق المواطن من أي تجاوز أو إخلال؛ فالعدالة لا تكتمل إلا حين تكون منصفة للجميع.

لا أعلم هنا متى يكون لمجلس عُمان دور في هذه القرارات المصيرية، والواضح للعيان أن القرارات الوزارية لا تُعرض على مجلسي الشورى والدولة مع انها تمس حياة المواطن على كافة المستويات.

قوة الحكومة دائمًا تُقاس بجودة منظومتها الخدمية وحُسن إدارتها لأزماتها وتماسك شعوبها وبقوة قرارها وانحيازها لمواطنيها في كل قراراتها، لا أن تكون قرارات عكسية تنحاز لصالح الوافد وتُضيِّق الخناق على المواطن؛ فأبناء البلد هم أولي بخيرات البلد والعيش فيه براحة وسكينة ودَعة.

أصبح المواطن يضع يده على قلبه خوفًا وهلعًا جراء ما هو قادم من قرارات وقوانين ما انزل الله بها من سلطان.

هذه رسالة لأصحاب القرار: كونوا محضر خير، ورسل سلام ووئام.

الأكثر قراءة