الرؤية- كريم الدسوقي
في ساعات الفجر الأولى، سمع سكان قرية كونتشي أصوات المراثي والأناشيد الحزينة تتصاعد من الشوارع. موكب جنازة يسير بوقار، والأقارب ينتحبون، والجميع يحمل نعشا خشبيا مزينا بالورود البيضاء. لكن في لحظة مسرحية مذهلة، رفع "الميت" رأسه من النعش، وابتسم للحشد المصدوم، ونهض واقفا!
إنه الهندي "موهان لال"، البالغ من العمر 74 عاما، والذي نظم جنازته الخاصة ليعرف إجابة السؤال الذي يؤرق البشر: "من سيبكي علي حقا عندما أموت؟"، حسبما أورد تقرير نشرته منصة NDTV.
لم يكن موهان رجلًا عاديًا؛ بل كان ضابطًا متقاعدًا من القوات الجوية، رأى الحياة والموت عن قرب، وقرر أن يعكس المعادلة، قائلا: لماذا ننتظر الموت لنرى كم نحن محبوبون؟ لماذا لا نكتشف ذلك ونحن أحياء لنستمتع بالمشهد؟
استلقى موهان على النعش الذي صنعه خصيصا، وغطى نفسه بكفن أبيض ناصع، وطلب من بعض الأصدقاء تنظيم موكب جنازة كامل بكل تفاصيله المؤثرة.
انتشرت أخبار "وفاة" موهان كالبرق، وهرع المئات من القرى المجاورة، بعضهم يبكي بصدق، وآخرون يتساءلون بصمت عن سبب عدم إخبارهم بمرضه.
تحرك الموكب بوقار عبر الشوارع الضيقة، والنساء يلطمن خدودهن، والرجال يحملون النعش على أكتافهم نحو أرض المحرقة.
كان مشهداً مهيبا ومؤثرا حتى انتهت المسرحية، فعند أرض المحرقة، التي يحرق فيها الهندوس موتاهم، وفي اللحظة التي كان من المفترض أن تُضرم فيها النار، حدثت المعجزة، ونهض موهان من النعش كأنه يعود من الموت، تاركا الحشد في ذهول تام. بعض النساء فقدن الوعي من الصدمة، وآخرون اعتقدوا أنهم يشهدون معجزة حقيقية، ليضحك موهان لال قائلا: "أردت أن أرى كم شخص سيحمل نعشي، وكم دمعة ستُذرف عليّ وأنا ما زلت أستطيع الاستمتاع بالمشهد.
لكن الحقيقة كانت أعمق مما ظهر للوهلة الأولى، فموهان لم يكن مجرد رجل مهووس بحفل وداعه، بل كان رجلا رأى مشكلة في قريته وقرر حلها بطريقته الخاصة.
أنفق موهان 7200 دولار من مدخراته الشخصية لبناء "موكتيدهام"، وهو الاسم الهندي لأرض محرقة الموتى، مجهزة بالكامل لحل مشاكل الجنازات في موسم الأمطار. وكان السبيل الوحيد لجذب الانتباه لهذا المشروع هو هذه المسرحية الجنائزية.
اليوم، يستخدم القرويون "موكتيدهام" الذي بناه موهان، وكلما رأوه في الشوارع يتذكرون اليوم الذي "مات" فيه وعاد للحياة. لكن بقي السؤال: هل يستحق الأمر واحدة من مسرحيات الكوميديا السوداء؟!