زكريا الحسني
كلما تأملنا في مسيرة الحياة وبنيان المجتمع أدركنا أنَّ للمرأة دورًا عظيمًا لا يُضاهى؛ فهي ليست جزءًا من المجتمع؛ بل أساسه وعماده ومن دونها لا تستقيم الحياة ولا تبنى الأجيال. فالمرأة هي من تربي وتصنع الإنسان وبذلك فهي المجتمع كله في صورة امرأة.
والمرأة في جميع أدوارها عظيمة كفاها شرفاً أن تكون أماً فهي النواة الأولى والمصدر الأصيل لكل فضيلة، وحين نذكر سيدتنا خديجة رضي الله عنها نقف إجلالاً أمام امرأة خلدت في التاريخ بإيمانها الصادق وتضحياتها العظيمة ومواقفها النبيلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رفضت زخارف الدنيا وعروض سادة قريش، واختارت أن تكون إلى جوار النبي الأعظم تحمل رسالته وتؤمن بمبدئه لتكون من رحمها ذرية الرسول الكريم إلى يوم يبعثون؛ إنها بحق قدوة خالدة للمرأة المسلمة جمعت بين أدوار الزوجة الوفية والأم الحنون والإنسانة المؤمنة التي جسدت أسمى معاني الحب والإخلاص والعطاء.
وفي وطننا الغالي اختار المغفور له السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- السابع عشر من أكتوبر يوماً للمرأة العُمانية تقديرا لعطائها وإجلالا لمكانتها السامية وتأكيدًا على دورها المحوري في بناء الوطن وازدهاره؛ فالمرأة في وجودها عيد لكن تخصيص هذا اليوم إنما هو تذكير بجمالها وروعتها وعظيم أثرها في مسيرة الحياة.
وقد واصلت السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- هذا النهج النبيل فكانت قريبة من المرأة في كل الميادين تشجعها وتكرمها وتمنحها الدعم والرعاية لتواصل عطاءها المشرّف.
واليوم نرى المرأة العمانية تتبوأ أعلى المناصب في الدولة وتشارك بفعالية في صنع القرار وتؤكد أنها شريك حقيقي في نهضة الوطن. ولعل ما قامت به الدكتورة أُمامة اللواتية في أسطول الصمود خير مثال على ذلك؛ إذ مثلت بصمودها وجرأتها وجهًا مشرقًا للمرأة العمانية والعربية فكان خروجها تجليًا لقوة المرأة وإيمانها بقضايا الأمة وحدثا سيخلده التاريخ بأحرف من نور تسطر بدماء الشهداء الأطهار.
فالمرأة هي: الحنان حين يقسو العالم، والنور حين تشتد العتمة، والصوت الخافت الذي يذكرنا بأن الجمال لا يقاس بالقوة؛ بل بالرحمة، وهي الأم التي تنبت الأجيال، والزوجة التي تصنع دفء البيت، والابنة التي تزرع الأمل في القلب، والأخت التي تواسي وتحتوي، والإنسانة التي تحمل في داخلها طاقة الخلق والعطاء.. إنِّها ليست نصف المجتمع فحسب؛ بل هي المجتمع كله في نصفه الأجمل هي التي تنجب الرجال وتربي الحكماء وتلهم الشعراء وتظل رمزا خالدا للحب والوفاء والإنسانية في أنقى صورها.