ناصر بن سلطان العموري
في كل عام دراسي تتكرر حوادث الحافلات المدرسية وتكثر بعدها النداءات الوطنية من قبل الكتاب والمُغردين ونشطاء التواصل الاجتماعي؛ بل ومناشدات أولياء الأمور خشية فقدان فلذات أكبادهم خصوصًا من طلبة الصفوف (1- 4)، وتتكرر المآسي والحوادث والظاهرة مُستمرة والأمر محلك سر من قبل وزارة التربية والتعليم؛ فالوضع الظاهر نفسه في كل عام وكأننا لا نتعظ من أحداث الماضي ولا هناك حتى استفادة من الدروس السابقة رغم مرارتها.
وعلى الرغم من التصاريح التي سبقت العام الدراسي بأنَّ هناك عدداً من الحافلات التي دخلت خدمة نقل الطلاب مؤخرًا من أحد المصانع العُمانية، إلّا أنني أرى أننا يجب أن نُغير عقول سائقي الحافلات قبل أن يتم تغيير الحافلات.... فهل فكرنا بهذا الأمر من الأساس؟!
من يتحمل نتيجة الكارثة الأخيرة التي حصلت بولاية السويق هل هو السائق كما يروج البعض نتيجة إهماله غير المتعمد أم هي وزارة التربية والتعليم المتسبب الأول التي ساهمت في تعيين سائقين غير مؤهلين بعقود والحجة الرخص والتوفير؟
وهل سائقو الحافلات لدينا- خصوصًا لمرحلة التعليم الأساسي- مؤهلون ومدربون وحاصلون على دورات في السياقة الوقائية، ومُلِّمون بمنظومة الأمن والسلامة المرورية وكيفية تجنب المخاطر؟ أم أنهم متطوعون يمارسون أعمالًا أخرى يهرعون لقيادة الحافلة بعجلة دون تأنٍ يُصاحب هذا أخطاء وكوارث يتحملها أبناؤنا الطلاب؟!
إلى متى والوزارة تتعامل مع ملف سائقي حافلات المدارس كأنَّه ملف اجتماعي توظيفي تراعي فيه أصحاب الحافلات دون النظر لما يمكن أن يُفرزه الوضع بعدها من أحداث قد تكون جسيمة ولم في كل مرة يجب أن نُفكر بالمادة ولو على حساب أرواح الطلاب.
أرى أن يتم التفكير جديًا في استحداث وظيفة مُشرِفة حافلة تكون مُخصَّصة للإناث لا سيما عند التعامل مع طلاب مرحلة التعليم الأساسي، تكون مهمتها الأساسية الإشراف على الطلاب أثناء الصعود وأثناء النزول، والتأكد من عدم وجود طلاب منسيين داخل الحافلة، والإبلاغ عن أية تجاوزات من قبل سائق الحافلة، ولا ضير أن تكون البداية التعيين بالعقود المؤقتة، أقله إلى حين، على سبيل تعجيل الأمر؛ فالوضع أصبح لا يحتمل التأجيل في مدارس مختارة من عدة محافظات تتميز بالكثافة الطلابية إلى حين التعيين على مراحل في جميع المدارس بالسلطنة بعد تعميم نجاح التجربة، أو التفكير في الاستعانة بشركات متخصصة تملك سائقين مؤهلين ومدربين؛ وذلك على غرار دول أخرى مجاورة من خلال التعاقد مع شركات نقل حكومية آمنة وموثوقة تملك سائقين على أعلى مستوى من السلامة وحافلات مهيئة بنظام الكاميرات أضف إلى ذلك خطوط سير منتظمة وفق جدولة معينة ومواعيد محددة ملتزمة بمعايير السلامة والجودة والأهم أنها حافلات خالية من الازدحام الطلابي داخل الحافلة.
أرجو أن نبسط اليد ونوسعها في الإنفاق؛ فالأهم هنا هو سلامة أبنائنا الطلبة بعيدًا عن الترشيد والتوفير، ولا بأس من الأخذ بالمقترحين معًا؛ فالوزارة قادرة وأبناؤنا يستحقون من خلال تعيين مشرفات للحافلات تُسهم في تقليل أعداد الباحثين عن عمل، والاستعانة بشركة مواصلات لتوفير حافلات متخصصة وسائقين مؤهلين؛ مما يساهم كذلك في إيجاد وظائف كسائق حافلة لا سيما وأن العدد يشمل جميع مدارس السلطنة.
إن فلذات الأكباد هم عماد مستقبل عُمان القادم، فلنحسن تنشئتهم ورعايتهم.