أسطول الصمود.. أكثر من مجرد رحلة بحرية

 

 

صادق بن محمد بن سعيد اللواتي

 

"ماذا حقق النشطاء؟ رحلة بحرية وتضخيم إعلامي". هذا ما أخبرني به أحد الزملاء بعد مشاهدته فيديو مباشر على يوتيوب لوصول نشطاء أسطول الصمود إلى مطار إسطنبول في تركيا مُؤخرًا. كأي عماني، هو يدعم القضية الفلسطينية بكل إخلاص، ولست أدري ما الذي دفعه لقول مثل هذه الكلمات.

أما أنا، فلا يمكنني الصمت حيال هذا التصريح. أقول له ولكل مُتشكك (وإن كنت لا أظنه متشائمًا) إن أسطول الصمود حقق إنجازات مُثيرة قد لا يراها أو يستوعبها كل من يرى أن التطبيع مع إسرائيل هو الخيار، وكل من يتجاهل الحقيقة. لقد نجح هذا الأسطول في محاصرة الكيان الصهيوني معنويًا.

صحيح أنَّ المساعدات لم تصل إلى غزة، لكن الصورة كانت واضحة: سفن تبحر من ميناء أوروبي، ترفع العلم الفلسطيني، وعلى متنها نشطاء حقوق إنسان، سياسيون، وناشطون يمثلون أصوات ملايين الناس حول العالم. لم تكن هذه مجرد قوارب خشبية، بل كانت رسالة عالمية. لا شك أن الكيان الصهيوني يشعر بخيبة أمل، وهو يعلم تمام العلم أنه يخسر معركة الرأي العام الدولي بهذا المشهد من السفن والنشطاء من كل مكان. إنه يخسر أمام حركة تضامن شعبية عالمية غير مسبوقة مع القضية الفلسطينية.

لقد غمرت شاشات التليفزيون حول العالم صور القوات البحرية الصهيونية وهي تعتقل هؤلاء النشطاء بشكل عنيف يعتبر في حد ذاته عمل إرهابي يندرج في سياق تجويع أهالي غزة، وصور الوزير المتطرف "بن كفير" وهو يصفهم بـ"الإرهابيين"، بعد أن هددهم سابقًا بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر. وشاهد الملايين وصول النشطاء إلى تركيا، ومعظمهم يحملون أعلامًا فلسطينية. كما اجتاحت الاحتجاجات شوارع أوروبا والعالم، وبدأت، ربما لأول مرة، الدعوات إلى فرض عقوبات اقتصادية أو حظر أسلحة على الكيان المحتل، بل وتطالب، وبشكل علني، بقطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول والكيان الصهيوني. ولعل هذه السابقة بالغة الأهمية على المستوى الشعبي.

الأهم في كل هذا أنَّ المقاومة وأهل غزة المظلومين قد اطمأنوا بهذه المشاهد العظيمة، التي أيقظت فيهم أمل السلام والصمود، وفي المقابل، هزت مخاوف المستوطنين في الأراضي المحتلة من المستقبل.

هذه بعض منجزات أسطول الصمود، وما قد يجهله القراء عن تأثيره الحقيقي على مسار القضية أعظم بكثير، ولله الحمد.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة