بعد وفاة مواطن ومقيمة نتيجة الشرب من عبوات مياه ملوثة

تساؤلات مجتمعية عن الرقابة على مياه الشرب.. ومطالب بتوسيع عمليات الفحص وتغليظ العقوبات

...
...
...
...
...
...
...

◄ العويسي: الجهات المختصة أمام مسؤولية البحث عن آليات متجددة للتعامل مع هذه القضايا

◄ المنجي: سوء النقل والتخزين من أسباب تلوث المياه بالمواد الضارة

◄ بني عرابة: كثرة منح التراخيص تتسبب في ضعف الرقابة على شركات تعبئة المياه

 

الرؤية-ريم الحامدية

أعرب عدد من المواطنين عن قلقهم الشديد بعد وفاة مواطن ووافدة نتيجة استهلاك مياه ملوثة من عبوات مياه معبأة، وأشاروا إلى أن هذه الحوادث ليست الأولى من نوعها، مؤكدين أن تكرارها يعكس ضعف الرقابة على جودة المياه المعبأة في الأسواق.

وفي بيان رسمي، أصدر مركز سلامة وجودة الغذاء تحذيرًا للمستهلكين بتجنب استهلاك والتخلص من منتج مياه شرب معبأة من العلامة التجارية "أورانوس استار" بسبب تلوث المنتج بمواد ضارة بالصحة. وكانت شرطة عُمان السلطانية قد أفادت بوفاة مواطن ووافدة إثر شرب مياه ملوثة من نفس العلامة التجارية.

وقال الدكتور رجب بن علي العويسي إن مسألة تلوث عبوات المياه المعبأة محليًا أو المستوردة من الخارج ليست جديدة؛ بل تتكرر بصورة مستمرة وتظهر بين فترة وأخرى، مشيرًا إلى أن المشكلة لا تقتصر على المياه المعبأة فقط وإنما تشمل العديد من المواد الغذائية والمنتجات المعلبة وغيرها، حتى إن التلوث وصل في فترة ليست ببعيدة إلى بعض منتجات الأطفال، وهو ما اعتبره مؤشرًا خطيرًا يجب أن يكون سببًا لتكثيف الرقابة على المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية، ويضع الجهات المختصة أمام مسؤولية البحث عن آليات متجددة للتعامل مع هذه القضايا وفق طبيعتها والظروف المرتبطة بها، والتساؤل عمّا إذا كانت هذه الحالات متكررة في علامات تجارية بعينها أم أنها حالات ظرفية.

وأوضح العويسي أن المواطن في هذا الوطن الغالي يعيش حالة من القلق والخوف وعدم الارتياح عندما يصل التلوث إلى غذائه، الذي يمثل أساس الحياة والصحة، مؤكّدًا أن غياب الغذاء السليم الخالي من الملوثات يعني أن حياة الإنسان في خطر وأمنه الغذائي والاستهلاكي مهدد، وهو ما يترتب عليه تداعيات سلبية وأضرار نفسية وصحية واجتماعية واقتصادية يتحملها المستهلك، سواء كان مواطنًا أو مقيمًا. وأشار إلى أن هذا الواقع يدفع المواطن إلى مناشدة الجهات المعنية باتخاذ كافة الإجراءات الرقابية للحد من هذه الممارسات وحماية صحته وأمنه الغذائي، خصوصًا مع ما يشهده المجتمع من انتشار الأمراض التي تحصد أرواح الشباب في أعمار مبكرة.

وبيّن العويسي أن ربط المسألة برخص الأسعار لا يعد طرحًا دقيقًا؛ فأسعار المياه المعبأة في مختلف دول العالم تكون في نفس المستوى أو أقل أحيانًا، موضحًا أن القضية ليست في السعر بحد ذاته وإنما في سلامة المنتج، التي تعد مسؤولية أساسية لأي علامة تجارية تسعى للحفاظ على موقعها في السوق. وأضاف أن الحل يكمن في تكثيف المتابعة وتشديد الرقابة وإجراء التقييمات المختبرية المتكررة لعينات متعددة وفق المقاييس العالمية، سواء للمياه المعبأة أو للمنتجات الغذائية، قبل طرحها في الأسواق أو استيرادها إلى السلطنة، إلى جانب إيجاد شراكات دولية في مجال مراقبة المنتجات منذ بلد المصدر وحتى وصولها إلى المنافذ العمانية، برية كانت أو بحرية أو جوية.

وأكد العويسي أن مشكلة تلوث المياه المعبأة ليست وليدة اليوم، وإنما هي متكررة على المستوى المحلي والدولي، لافتًا إلى أن التعامل معها من قبل مركز سلامة وجودة الغذاء لم يكن دائمًا بالشكل المطلوب؛ إذ يفترض أن تكون خيارات المركز أوسع وأكثر مرونة. وأضاف أن الاكتشافات غالبًا ما تأتي متأخرة، إما عن طريق المواطن بعد تعرضه لحادثة تسمم، أو عبر تحذيرات تصدر من المركز، وهو ما يضع المركز أمام مسؤولية إعادة النظر في آليات عمله بما يضمن المزيد من السرعة والدقة والكفاءة والفورية في الرقابة.

هل العبوات مُسممة؟

من جانبه، قال المواطن أحمد بن سيف المنجي: "شعرنا بحزن وألم عميقين بعد حادثة وفاة مواطن ووافدة نتيجة التسمم بالمياه الملوثة في شمال الباطنة"، وهذا الحدث المؤسف يكشف خطورة التهاون في مراقبة جودة المياه المعبأة. وأضاف أن من أبرز الأسباب التي قد تؤدي إلى مثل هذه الكوارث سوء تخزين المياه بطريقة غير مطابقة للمواصفات العالمية مما يؤدي إلى تلوثها، إلى جانب استخدام عبوات بلاستيكية غير صحية تتعرض لدرجات حرارة عالية أثناء النقل أو التخزين فتتفاعل مع الماء وتسبب أضرارًا صحية جسيمة، إضافة إلى رخص أسعار المياه في الأسواق الذي قد يكون على حساب الجودة؛ حيث تلجأ بعض الشركات لتقليل التكاليف دون مراعاة سلامة المستهلك.

وطالب المنجي الجهات المعنية بتشديد الرقابة والفحص المستمر على مصانع المياه، والتأكد من مطابقة التخزين والنقل للمواصفات العالمية، وفرض عقوبات رادعة على الشركات المخالفة، ونشر نتائج الفحوصات الدورية بشفافية للرأي العام. فصحة الإنسان لا تقبل التهاون، والماء النقي حق أساسي لكل مواطن ومقيم، وعلى الجهات المختصة التحرك العاجل لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.

فيما قال المواطن محمد بن سعيد بني عرابه: "لا شك أن الحادثة مؤسفة للغاية، لأنها أدت إلى تسمم أشخاص وفقدان آخرين، والسبب في ذلك يكون غالبًا نتيجة الإهمال أو اللامبالاة بحياة الناس التي لا تُقدّر بثمن". وأشار بني عرابة إلى أن بعض عبوات المياه المعبأة يتغير طعمها بعد فترة بسيطة من التخزين أو عند تعرضها للشمس والحرارة، وأحيانًا يتغير لون الماء بداخلها، وهو ما يثير القلق حول جودتها وسلامتها.

وأوضح بني عرابة أن من أهم الإجراءات التي يجب على الجهات المعنية اتخاذها تكثيف الجهود والزيارات الميدانية لمصانع المياه وشركات التعبئة والنقل والتوزيع، إضافة إلى ضرورة عمل دورات تدريبية للكوادر العاملة في هذه المصانع لضمان رفع كفاءتهم والتزامهم بالمعايير الصحية.

وبيّن بني عرابة أن كثرة منح التراخيص لمصانع تعبئة المياه يؤدي إلى ضعف المتابعة وبالتالي تراجع الجودة، وقد لاحظنا مؤخرًا كثرة المصانع والمنافسة الشديدة في الأسعار على حساب الجودة. وأكد بني عرابة على أهمية المتابعة الدقيقة والفحص الدوري للمياه من قبل الجهات المختصة؛ بما يضمن سلامة المستهلك، مع ضرورة تعيين الكفاءات المتخصصة في الهندسة المائية وعلى دراية بالتطورات التكنولوجية الحديثة في هذا المجال.

وقال المواطن أحمد بن سعيد البطاشي: "إن الشعور محزن للغاية عند سماع مثل هذه الحوادث"، ويرى أن رخص أسعار المياه لها سبب مباشر في ضعف جودتها. وأوضح البطاشي أنه ليس لديه تجارب سابقة مع مشاكل في المياه المعبأة؛ نظرًا لاعتماده على المنتجات المحلية من شركات وطنية. وأشار إلى أن من أبرز الأسباب المباشرة التي قد تؤدي إلى مثل هذه الكوارث عمليات التخزين تحت حرارة عالية وبطريقة غير مستوفية لاشتراطات سلامة المياه، إضافة إلى النقل في وسائل غير مبردة. وبيّن البطاشي أن المطلب الأساسي من الجهات المعنية هو فرض رقابة مشددة على مثل هذه المنتجات؛ بما يحفظ صحة المستهلك ويمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة