خلفان الطوقي
أصدرت وزارة التنمية الاجتماعية قبل أيام ترخيصًا للمؤسسة التنموية للمسؤولية الاجتماعية لقطاع الطاقة، كجمعية نفعٍ عامٍ، وربما يمُر هذا القرار على كثيرٍ من الناس مرور الكرام، وقليل منهم سوف يقف أمامه لأنه يراه مهمًا، وسابقة جديدة ونقلة نوعية في قطاع الطاقة وفي مجال المسؤولية الاجتماعية بوجه عامٍ.
هذه ليست التجربة الأولى لوضع الجهود التي تخص القطاع تحت مظلة واحدة، فلدى قطاع النفط تجربة ناضجة وهي الجمعية العُمانية للطاقة "أوبال"، وتخص الأعمال التجارية والمناقصات والتدريب والتأهيل، ولديهم أيضًا منصة إلكترونية تطرح الوظائف في الشركات العاملة بقطاع الطاقة من نفط أو غاز، وهاتان التجربتان تُعرضان للتطوير والتحسين المستمر من خلال التقييم الدوري، وتتبعان قواعد الحوكمة والشفافية، ولديهما المرونة الكافية للتحسين والتطوير المستمر؛ بما يتوافق مع المستجدات والمعطيات التي تتغير باستمرار.
وبعد نجاح تجارب من نفس القطاع، فإن الوقت قد حان لتطبيقه في مجال المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات (CSR) في قطاع الطاقة، خاصةً أن هناك جهودًا عديدة تقوم بها هذه الشركات، لكنها تظل جهود مبعثرة وأثرها غير محسوس، وخاصة في مناطق الامتياز، مع العلم أن أكثر شركات القطاع الخاص التي لديها خبرة واسعة وسبَّاقة في مجال خدمة المجتمع؛ هي شركات النفط والغاز والشركات المساندة في تقديم الخدمات العاملة من الباطن.
التجربة الجديدة ووضع كافة جهود المسؤولية المجتمعية لشركات الطاقة تحت مظلة واحدة، ستجلب العديد من الفوائد؛ أهمها: العمل المجتمعي سوف يكون مُركَّزًا ومُمنهجًا، وأثره سوف يكون ملموسًا، كما إن هذه الجهود المجتمعية سوف تذهب للقطاعات ذات الأولوية الأولى من الخدمات التعليمية أو الصحية أو البيئية أو الإسكانية أو غيرها، إضافة إلى أن هذه الجهود سوف تكون بتوجيه وإشراف ورقابة مجلس إدارة مُعيَّن من وزارة الطاقة والمعادن ضمن دليل استرشادي يتسم بالحوكمة والشفافية، كما إن الجهد المتوقع سيعمل على خلق توازنٍ في نوعية أنشطته ومبادراته من ناحية، وتوزعيه الجغرافي من ناحية أخرى.
ليس هذا وحسب؛ بل يمكن لهذه المبادرات المرتقبة أن تُركِّز في توجهاتها على السلع والخدمات التي تحمل طابع "المحتوى المحلي" وهو توجه حكومي، وبعض الشركات النفطية مثل شركة تنمية نفط عُمان والشركات الحكومية، لديها خبرات وأدلة استرشادية ناضجة ومُطوَّرة في جزئية التركيز على سياسات المحتوى المحلي في المُشتريات والمناقصات، وبما أنه من المتوقع نجاح هذه المؤسسة، فإنها سوف تحقق نجاحات إضافية مثل نقل تجربتها إلى شركات القطاع الخاص العاملة في مجالات أخرى، مثل اللوجستيات والقطاع الصحي والتعليمي والسياحي وغيره، والنجاح الآخر هو استطاعتها تسليط الضوء على مجال العمل المجتمعي إعلاميًا ومجتمعيًا، ونجاح إضافي آخر يتمثل في أن التركيز سوف يكون في مناطق الامتياز وفي محافظات مختلفة في السلطنة، والتي هي بحاجة لتنمية مستدامة أكثر من غيرها من ناحية، وتتكامل مع توجه الحكومة لتمكين المحافظين وتقليل المركزية قدر الإمكان، وهذه المؤسسة يمكن أن تكون مُمكِّنًا إضافيًا، وعاملًا يحمل قيمة مضافة لهذا التوجه الحكومي المُهم.
وبما أن هذه التجربة حديثة، فما زالت هناك أسئلة قائمة مثل: هل هذه التجربة سوف تكون مشابهة لمبادرة مؤسسة جسور التي تعمل وفق تحالف يضم 3 شركات والموجودة في محافظة شمال الباطنة وتتشارك فيها أكثر من شركة؟ وهل سوف تعمل بنظام العضوية الشبيهة بالجمعية العُمانية للطاقة "أوبال"؟ وهل هذه المؤسسة سوف تؤثِّر سلبًا على الدعم السخي الذي تُقدِّمه الشركات الكبرى مثل شركة تنمية نفط عُمان وأوكسي وبي بي وأوميفكو والمؤسسة التنموية للشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال وأوكيو وغيرها؟ أم سوف تكون مستقلة تمامًا، وربما إضافة أخرى تعمل جنبًا إلى جنب مع هذه الشركات وتتكامل معها في مسؤولياتها المجتمعية والاقتصادية؟!