مواطنون لـ"الرؤية": ضمان حقوق عمال المنازل يسهم في استقرار الأسر وتعزيز مكانة عُمان في مؤشرات حقوق الإنسان

 

◄ الجهوري: قانون العمل الجديد لم يستثنِ عمال المنازل من تطبيق أحكامه

◄ تطوير القوانين لتشمل جميع الفئات يعزز من التزام عُمان بمبادئ حقوق الإنسان

◄ الشيزاوي: من الضروري إدماج عمال المنازل في الأنظمة الرقمية

◄ الحامدي: الاحترام المتبادل بين العامل ورب العمل يؤدي لعلاقة متينة ومستدامة

الرؤية- ريم الحامدية

يُؤكد عددٌ من المواطنين أن حصول العمالة المنزلية على حقوقهم بشكل كامل ووفق إجراءات قانونية ورسمية مثل توثيق الأجور وضمان الرعاية الصحية والسكن اللائق، يعزز الثقة بين العامل والكفيل ويضمن العلاقة القانونية بين العامل ورب العمل.

وأوضحوا- في تصريحات لـ"الرؤية"- أن استقرار العلاقة التعاقدية بين العمالة المنزلية وأرباب العمل يُسهم في تعزيز المكانة المرموقة لسلطنة عمان في المؤشرات الدولية، إذ إن هذه الفئة تقوم بدور كبير في تنظيم المنزل وتقديم الرعاية للأطفال، خاصة في الأسر التي يعمل فيها الأب والأم، لافتين إلى أن تحسين ظروف عمل العمالة المنزلية ينعكس مباشرة على استقرار الأسرة وأداء مهامها اليومية، كما أن العلاقة بين الأسرة والعامل يجب أن تُبنى على قيم الاحترام والأدب والأخلاق، وأن إدماج هذه الفئة في الأنظمة الرقمية الحديثة يعزز الشفافية ويحمي حقوق جميع الأطراف بطريقة أكثر سلاسة وانسيابية.

ويقول الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري الخبير القانوني والرئيس التنفيذي لشركة الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري وشريكه للمحاماة والاستشارات القانونية، إن هذا الموضوع يمكن تناوله من خلال تسلسل زمني للتشريعات العُمانية المنظمة لعمل عمال المنازل، مشيرا إلى أن قانون العمل الملغى رقم (35/2003) نص في المادة الثانية على استثناء عمال المنازل من نطاق تطبيق أحكامه حيث ورد بالنص: "لا تسري أحكام هذا القانون على المستخدمين داخل المنازل أو خارجها كالسائق والمربية والطباخ ومن في حكمهم ويصدر الوزير قراراً بقواعد وشروط العمل الخاصة بهذه الفئات".

د.أحمد الجهوري.jpg
 

ويوضح أنه بناءً على ذلك صدر القرار الوزاري رقم (189/2004) بشأن قواعد وشروط تشغيل المستخدمين في المنازل والذي نظم بعض الحقوق والواجبات الخاصة بهم وظلت تلك القواعد سارية المفعول ويُعمل بها حتى الآن، كما أن القانون الجديد رقم (53/2023) جاء بتطور تشريعي مهم إذ لم يستثنِ العاملين في المنازل من نطاق تطبيقه، وأن المادة الثانية منه تمنح وزير العمل صلاحية إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون مما يفتح المجال لوضع إطار تنظيمي حديث أكثر شمولاً وعدالة.

ويشير الخبير القانوني إلى أن وجود تشريعات خاصة بعمال المنازل يُعد ذا أثر إيجابي على المستويين المحلي والدولي بل وعلى الصعيدين الاقتصادي والتجاري أيضاً، موضحاً أن قضية العمال اليوم أصبحت قضية عالمية إذ لهم حقوق وواجبات ونقابات دولية تدافع عن مصالحهم، وأن تطوير تشريعات وطنية تتناسب مع متطلبات العصر الحديث ومع معايير منظمة العمل الدولية يعزز من التزام السلطنة بمبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ويسهم في تحسين بيئة العمل بشكل عام.

ويؤكد الجهوري أن التوازن بين حقوق العامل وحقوق صاحب العمل يمكن تحقيقه من خلال عقود عمل موحدة ومحدثة تتضمن تحديد الحد الأدنى والأقصى لساعات العمل وتحديد فترات الراحة اليومية والأسبوعية بما يتناسب مع كرامة الإنسان وحقوقه، ومنح مرونة لصاحب العمل في تنظيم المهام دون الإخلال بالحقوق الأساسية للعامل، ووضع تشريعات جزائية واضحة تحظر العقوبات المهينة أو حجز الوثائق، إذ نصت بعض التشريعات العُمانية على ذلك صراحة، واعتماد آلية تسوية سريعة للمنازعات لتقليل الأعباء على الطرفين وضمان سرعة العدالة، مبينا أن المادتين الخامسة والسادسة من قانون العمل تؤكدان الدور الرقابي في هذا الجانب حيث نصتا على أنه: يُحظر على صاحب العمل فرض أي شكل من أشكال العمل الجبري أو القسري على العامل وأنه لا يجوز لصاحب العمل أن يحتفظ بجواز سفر العامل أو وثائقه الخاصة إلا بموافقة كتابية منه، كما أن المشرّع نظم أيضًا نظام حماية الأجور وصدرت العديد من القرارات الوزارية لضمان تحويل الأجور بانتظام، كما يحق للعامل اتخاذ الإجراءات القانونية ضد صاحب العمل في حال تعرضه لأي استغلال مالي لاسترداد حقوقه وفق الإجراءات المعمول بها.

ويرى الخبير القانوني أن تنظيم أوضاع عمال المنازل يسهم بشكل مباشر في تحسين صورة السلطنة في المحافل الدولية ويعكس مدى التزامها بحقوق الإنسان واحترام معايير العمل اللائق، إذ إن القضية العمالية أصبحت اليوم قضية إنسانية واقتصادية عالمية، وأن سمعة الدول أصبحت تقاس بمدى التزامها بحماية حقوق العمال، موضحا: "عندما تُصان حقوق العمال ويُعاملون بكرامة ينعكس ذلك إيجاباً على الاقتصاد الوطني والاستثمارات الأجنبية والعلاقات الدبلوماسية إذ يمثل العمال المنزليون جزءاً فاعلاً في دورة الإنتاج والخدمات إن تعزيز الإطار القانوني لحقوقهم يُعد استثماراً في سمعة السلطنة واقتصادها معاً".

وفي السياق، يقول المواطن مروان الشيزاوي إن دور العمالة الوافدة، وخصوصًا عمال المنازل، في استقرار الأسر كبير وفعّال، خاصة في الأسر التي يعمل فيها الأب والأم، حيث يصبح وجود عاملة منزل أو مربية أطفال ضروريًا لتلبية احتياجات الأسرة، سواء في تربية الأطفال أو أداء المهام المنزلية من غسيل وتنظيف وما إلى ذلك من الأعمال الأخرى، مشيرا إلى أنه من الضروري التنويه إلى أن تربية الأطفال لا ينبغي أن تُترك بشكل كامل على عمال المنزل، فهم يأتون من بيئات مختلفة بعادات وتقاليد مغايرة، ويجب على الأسرة أن تُوازن بين العمل ودورها المنزلي، فوجود عاملة المنزل لا يُلغي دور الأم في الأسرة، وإنما يكون دورها مساعدًا لتلبية احتياجات المنزل.

مروان الشيزاوي.jpeg
 

ويتحدث الشيزاوي عن ضرورة أن تكون حقوق العمال أكثر وضوحا في العقود، مثل ضمان الرعاية الصحية وتوفير السكن المناسب، مضيفا: "ليس هناك ضرورة لإلزام أصحاب العمل بتوثيق الرواتب، لأن العاملة قد لا تمتلك القدرة على فتح حساب مصرفي، كما أن فتح الحسابات وتحويل الأموال يترتب عليه تكاليف وفوائد قد تُحمل على العاملة أو صاحب العمل".

ويؤكد الشيزاوي أن تحسين ظروف عمال المنازل بشكل مفرط قد ينعكس سلبًا على أدائهم، موضحًا أنه إذا تم توفير جميع وسائل الراحة مثل غرفة تحتوي على تلفاز وإنترنت وهواتف ذكية، فقد يؤدي ذلك إلى التكاسل عن أداء الواجبات، فالغرفة يجب أن تكون مكانًا للراحة والنوم فقط، وأن وسائل الترفيه يجب أن تُتوفر بقدر محدود دون إفراط. وبالنسبة لطريقة التعامل مع عمال المنازل، أوضح الشيزاوي أنها يجب أن تكون وفق الشريعة الإسلامية ومبادئ الأخلاق والعادات العمانية، مشددا على ضرورة التغاضي عن الأخطاء البسيطة التي قد تحدث بسبب ظروفهم أو التزاماتهم الأسرية في بلادهم، إذ إن العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل والمعاملة الطيبة تؤدي إلى علاقة قوية ومستدامة بين رب المنزل والعاملة، وقد تمتد لسنوات طويلة تصل إلى 25 سنة أو أكثر، وهو ما يعكس تجارب واقعية كثيرة.

ويشير الشيزاوي إلى أن إدماج هذه الفئة في الأنظمة الرقمية أصبح أمرًا ضروريًا، خاصة فيما يتعلق بحساباتهم المصرفية، مع ضرورة مراعاة التراضي بين الطرفين، ففي حال الاتفاق يُترك الأمر لهما، وفي حال عدم الاتفاق يُفضل إنشاء حساب بنكي وتحويل الرواتب عليه، مضيفًا أن إدماجهم في أنظمة الدفع الإلكتروني أصبح مطلبًا أساسيًا لجميع شرائح المجتمع، وقد يثري السوق المحلي حتى ولو بشكل محدود، مؤكدا: "وجود هذه الفئة في المنزل لا يُلغي دور الأب والأم في تربية الأبناء، بل يظل وجودهم كعامل مساعد لتنظيم المنزل وترتيبه، مع مراعاة اختلاف عاداتهم وتقاليدهم عن بيئة الأسرة بشكل تام".

بدوره، يوضح ناصر الحامدي أن حصول عمال المنازل على حقوق أكثر وضوحًا، مثل توثيق الأجور وضمان الرعاية الصحية والسكن اللائق، يعد أمرًا مهمًا، خاصة وأن بعض العمالة مرتبطة بشروط من السفارات حفاظًا على حقوق رعاياها، مؤكّدًا ضرورة أن تكون الشروط والاشتراطات واضحة لحماية حقوق جميع الأطراف، العاملة والسفارة والكفيل على حد سواء.

ويركد أن تحسين ظروف عمال المنازل ينعكس بشكل مباشر على استقرار الأسرة وأدائها، مشيرًا إلى أن العاملة عندما تتحسن ظروف عملها فإنها تؤدي مهامها في المنزل من تنظيف وطبخ وترتيب ورعاية الأطفال بشكل أفضل، حتى أن بعض الأطفال يتعلقون بعاملة المنزل ويعاملونها معاملة الأم، كما أن العلاقة بين الأسرة والعامل المنزلي يجب أن تُبنى على قيم الاحترام والحشمة والأدب والأخلاق في المقام الأول، وهذه القيم تشكّل أساسًا لعلاقة متينة ومستدامة.

ناصر الحامدي.jpeg
 

وأفاد الحامدي أن إدماج هذه الفئة في الأنظمة الرقمية، مثل أنظمة الدفع الإلكتروني، يعزز الثقة ويحمي الطرفين، ويُسهم في ضمان حقوق العامل وحقوق كفيله في جميع المعاملات ويسهّل انسيابيتها، مشيرًا إلى أن التحول الرقمي أصبح جزءًا أساسيًا من تعزيز قيمة العامل وكفيله على حد سواء.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة