ناصر بن سلطان العموري
الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وما يشهده الوضع من دمار وقتل وتهجير وما تبثه وسائل الإعلام من صور النقص في التمويل والغذاء حتى وصل الأمر لمجاعة طالت الصغير والكبير والرجال والنساء، ومن هنا نؤكد أن التعاطف والتكاتف مع أهلنا في غزة العزة واجب إنساني وضرورة شرعية وإنسانية على حد سواء، ومن أوجه ذلك التبرعات المالية، لكن للأسف في المقابل استغل أصحاب النفوس الدنيئة هذا الوضع ليدسُّوا السُمَّ في العسل من خلال الدعايات عبر مواقع التواصل المختلفة لجمعيات خيرية وحملات للتبرع، تُروِّج للمساعدات لفلسطين غير ذات ثقة؛ بل وتعدى ذلك لدينا من خلال نشر حسابات شخصية أو أرقام غير موثوقة المصدر.
بدايةً نُثني على الحراك الوطني في السلطنة في سبيل التضامن والوقوف مع أهلنا في غزة من خلال التجمعات السلمية الشعبية والخطاب الديني من سماحة مفتي عام السلطنة والتضامن السياسي من الحكومة الرشيدة المؤيد مع القضية الفلسطينية، إضافة الى الحراك المجتمعي من كل فئات المجتمع دون استثناء، ونتيجة لذلك ظهرت أصوات تنادي للتبرع عبر أرقام شخصية ومن خلال بعض الجمعيات الخيرية، ولكن مهلًا! ينبغي قبل التبرع التثبت من مشروعية ومصداقية الحساب الذي يتم التحويل له؟ هل هو لجهة مرخصة ومعتمدة؟ أم لجهات مشبوهة؟
وزارة التنمية الاجتماعية الجهة المختصة نظمت آلية عملية جمع المال وفق اللائحة التنظيمية لتراخيص جمع المال من الجمهور، والصادرة بالقرار الوزاري رقم (336/2024)؛ حيث يعتبر جمع المال من الجمهور مخالفة للقانون ما لم يتم الحصول على تصريح بذلك من قبل الوزارة، ونصت المادة السادسة من اللائحة على أنه "يحظر على الأشخاص الطبيعيين جمع المال من الجمهور أو الإعلان عن جمع المال لأي هدف وبأي وسيلة من وسائل جمع المال"، وبهذا تكون وزارة التنمية الاجتماعية أطرت عملية جمع المال بأطر وقوانين واضحة.
وتشير الإحصائيات خلال الفترة الماضية إلى تلقي الوزارة قد عددًا من البلاغات بشأن حملات غير مُرخَّصة لجمع التبرعات، إلى جانب رصدها لعدد من الحملات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث رُصِدَ عدد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية من خارج سلطنة عمان، وعدد من الأشخاص لقيامهم بجمع المال من المواطنين لصالح أهالي قطاع غزة، وبعد التحقق من عدم وجود أي تراخيص رسمية لهذه الحملات، باشرت الوزارة باتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها في اللائحة التنظيمية لتراخيص جمع المال من الجمهور ضدهم.
في اعتقادي أنّ على اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب دورًا كبيرًا، من خلال تشديد الرقابة ومتابعة تنفيذ الضوابط والإجراءات التي وضعتها وتعديل ما يحتاج تعديله في ظل تنوع أساليب الاحتيال وجمع الأموال بطرق غير شرعية وبأساليب مبتكرة؛ وذلك لضمان عدم استغلالها في تمويل أنشطة مشبوهة وغير مشروعة وهناك قصص وحوادث شتى لذلك.
ومن الضروري التنسيق مع الجهات المختصة لضمان الالتزام بالقوانين ومكافحة أي ممارسات قد تسهم في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب؛ ما يعكس ذلك من التزام الوزارة بدعم بيئة شفافة وآمنة لتمويل الأنشطة الخيرية والإنسانية.
بإمكان من يرغب بالتأكد من مشروعية جمعية خيرية او فريق تطوعي مرخص له بجمع التبرعات المالية من خلال "منصة جود"، والتي تضم الجهات المرخصة رسميًا من وزارة التنمية الاجتماعية بسلطنة عُمان. أما عن الجمعيات والمؤسسات الخارجية وغير المسجلة بسلطنة عُمان، فإن الوزارة لا تمنحها أي تراخيص لجمع التبرعات لاي سبب من الأسباب.
وللعلم تتيح المنصة للأفراد والمؤسسات إمكانية التبرع رقميًا بسهولة ويسر، مع إمكانية الاطلاع على كافة الحملات الإغاثية التي يتم إنشاؤها من قبل الفرق التطوعية والجمعيات والمؤسسات الخيرية.
أما فيما يتعلق بالمساعدات الخارجية؛ فالهيئة العمانية للأعمال الخيرية هي وحدها الجهة الرسمية المعنية بتقديم المساعدات وجمع المال للحالات الإغاثية بالخارج.
وليعلم القارئ الكريم أن الإجراءات المُتَّبعة للتعامل مع حملات جمع المال غير المرخصة من الجهات المعنية، لا تسعى إلى الحد من فعل الخير والتبرع للحالات المحتاجة، وإنما تهدف إلى ضمان حماية وصول التبرعات إلى مستحقيها عبر القنوات الرسمية والموثوقة المعتمدة داخل سلطنة عُمان.