حاتم الطائي
◄ عُمان الرسمية والشعبية تؤيد الحق الفلسطيني تأييدًا مُطلقًا
ظلَّ الموقف العُماني الداعم للقضية الفلسطينية، مُؤثرًا منذ عقود، لكنه اتخذ بُعدًا دوليًا شُجاعًا مع اندلاع حرب الإبادة الجماعية المُمنهجة التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي مع سبق الإصرار والترصُّد في قطاع غزة، والغطرسة الصهيونية التي تمادت في أنحاء المنطقة وانتهكت كل القواعد والقوانين الدولية.
هذا الموقف الشُجاع والذي يعكس النُبل والوفاء العُماني، تجلَّى على المستويين الرسمي والشعبي، من خلال البيانات القوية الصادرة عن وزارة الخارجية وعلى لسان معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية؛ سواء في الخُطب الرسمية أمام المنظمات الإقليمية والدولية أو عبر التصريحات الإعلامية، خاصةً عندما تحدَّث معاليه بكل شجاعة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية وجدَّد فيها المطلب العُماني الأصيل بضرورة محاسبة الاحتلال على جرائمه وتعويض الشعب الفلسطيني عن كل الجراح والخسائر التي تعرَّض لها. وتوازى ذلك مع موقف شعبي عارم، أعلن بكل صدق ووفاء للقضية رفضه القاطع لكل المُمارسات الصهيونية، بل وقدَّم- وما يزال- التبرعات السخيِّة عبر القنوات الرسمية من أجل تضميد جراح الأشقاء في فلسطين، إلى جانب صموده في إجراءات المقاطعة الاقتصادية لكل ما يدعم الاحتلال. ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ بل ترسَّخ وجدانيًا بتصريحات وبيانات سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المُفتي العام، والذي لم يفتأ أن يصفع الاحتلال وزبانيته بالبيانات الصريحة والصادقة، مُعلنًا على الدوام إيمانه وتأييده التام للمقاومة في وجه المُحتل الغاصب.
وامتد التآزر العُماني مع القضية الفلسطينية إلى القطاع الإعلامي؛ حيث لم تدَّخر وسائل الإعلام العُمانية- الحكومية والخاصة- جُهدًا لدعم النضال الفلسطيني بالكلمة والصورة والفيديو، وتبارى المحررون في طرح تغطية إعلامية داعمة لفلسطين وغزة على وجه التحديد، بينما كانت منابر إعلامية من حولنا في المنطقة تُمارس عملها وكأنها ناطق رسمي باسم دولة الاحتلال!! وتابع الجميع كيف أسهم كُتّاب المقالات بأطروحات عميقة الأثر في تشكيل الوعي العُماني بأبعاد القضية، وقد نشرنا أعداداً لا تُحصى من مقالات الرأي الداعمة لصمود الشعب الفلسطيني والمُناهِضة للعدوان الصهيوني، ليس فقط على غزة وإنما في أي مكان بالعالم.
إننا عندما نتحدَّث عن ضرورة التصدّي للمشروع الصهيوني في المنطقة، لا ننطلق فقط من مجرد الرفض المُطلق لأبشع احتلال في العصر الحديث، ولكن أيضًا لأنَّ هذا الكيان المُجرم قد انغمس في الإرهاب، وبات كيانًا إرهابيًا يفوق كل التنظيمات التي أوجدها الغرب لاختلاق حروب في منطقتنا.. كيان إجرامي يمارس الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين منذ أكثر من 77 عامًا وليس كما يظن البعض منذ سنتين، إنه إرهاب حقيقي مُتجسِّدٌ في هيئة دولة مزعومة تبني حُجج وجودها على قرار آثم ووعد مُشين من بريطانيا، وتستند في مزاعمها على روايات دينية كاذبة مُغلَّفة بالتطرف والإرهاب.
اليوم وبعد سقوط أكثر من 65 ألف شهيد وما يزيد عن 167 ألف مُصاب، وتسوية قطاع غزة بأكمله بالأرض، وإجبار سكانه على النزوح عدة مرات، وسط مساعٍ لتنفيذ جريمة التهجير القسري، تعود بريطانيا بوجهٍ قبيح متمثِّل في مجرم حرب عتيد هو توني بلير الذي دمَّر العراق وحرق أرضه وناسه، ليطرحوا "خطة اليوم التالي" ويتحدثوا عن 12 بندًا تُتيح لهذا المجرم أن يتولى قيادة غزة، وهو ما نراه إبادة جماعية بأدوات ناعمة، في مُحاولة لاستبدال الاحتلال العسكري الغاشم باحتلال آخر يرتدي زيًا مدنيًا ويبتسم أمام الكاميرات، ويسعى لتنفيذ خططه الشيطانية لتنفيذ التهجير القسري بأدوات "اختيارية" كما يزعمون!
ويبقى القول.. إنَّ الزخم الذي تكتسبه القضية الفلسطينية بفضل مواقف الشرفاء والأحرار حول العالم، ومنهم دول مثل إسبانيا والبرازيل وكولومبيا وتشيلي، يجب أن يستمر، وفي ظل الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية تزداد عُزلة الكيان الصهيوني والتي تُبشِّر بزواله تدريجيًا، وانتصار الحق الفلسطيني... مهما طال الزمن.