لقاح "الورم الحليمي".. بين القبول والرفض

 

 

 

ناصر بن سلطان العموري

nasser.alamoori@gmail.com

 

 

ثار جدل خلال الأيام الماضية حول لقاح فيروس الورم الحليمي، والذي أشغل الرأي ما بين مؤيد ومعارض وتحديدًا بين أولياء أمور الطلبة، حين أعلنت وزارة التربية والتعليم أن هذا اللقاح سوف يُعطى للطلبة ابتداءً من سن الثانية عشرة (الصف السادس)، ويأتي أخذ هذا اللقاح بعد توصية الأطباء بأنه يُقلِّل عدوى فيروس الورم الحليمي المُسبِّبة للسرطان، ويحمي بنسبة 90% من عدة سرطانات مرتبطة بالفيروس.

والسؤال هنا: لم لم يتم تضمين لقاح فيروس الورم الحليمي من خلال التطعيمات المعتادة التي تعطى بشكل دوري في المراكز الصحية والمستشفيات، خصوصًا إذا علمنا أنه يتم تجديد وتحديث التطعيمات؛ بما يتناسب مع ما ينتشر من أمراض وأوبئة عوضًا عن إثارة القلق لدى البعض والهلع لدى البعض الآخر.

وعلى الرغم من رسائل الطمأنينة التي يبثها أطباء وتربويون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأن سلطنة عُمان هي الدولة رقم 107 على مستوى العالم والرابعة عربيًا التي تُعطي اللقاح، كما إن هناك دولتين من دول الخليج وهما المملكة العربية السعودية ودولة قطر، أصبح فيهما اللقاح متاحًا منذ 2022، كما تم استخدامه في أكثر من 145 دولة.

ويأتي إعطاء اللقاح في إطار حرص الدولة على الصحة العامة والمجتمع؛ بل وذكر بعض الأطباء على سبيل التحفيز ان أبناءهم سيكونون أول من يتلقون التطعيم.

هناك تخوف مُبرَّر بطبيعة الحال من قبل عدد كبير من أولياء الأمور ويأتي هذا التخوف نتيجة التجربة السابقة خلال جائحة كوفيد-19 وما سببه لقاح كوفيد-19 لدى البعض من أعراض ومضاعفات حسب تقارير طبية ظهرت فيما بعد، كما إن التخوف الأكبر يكمن في أن الفئة المستهدفة من اللقاح هم من الأطفال جيل الغد وهو ما سبب التحفظ من قبل أسرهم.

يجب الالتزام بتطبيق قرار منظمة الصحة العالمية بأن تكون اللقاحات اختيارية، وألا تُمارَس ضغوط من وزارة التربية والتعليم على الطلبة والأهالي، وأن يكون الحصول على لقاح بموافقة كتابية من ولي الأمر، ولا أرى داعياً للاستعجال في التطعيم من خلال ربط هذه الحملة بمدة زمنية ومراكز للتطعيم وعدم ربطها بالمدارس.

وأقترح هنا على وزارة الصحة إعادة النظر في موضوع سن الفئة المستهدفة وترك الخيار للأفراد لأخذ اللقاح على مراحل عمرية مختلفة خصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار أنه غير إلزامي كما تم الإعلان عنه.

في اعتقادي أن الإعلان عن اللقاح من قبل وزارة الصحة لم يكن في موعده ولا توقيته أبدًا، لا سيما أنه تزامن مع خروج المجتمع بشكل تدريجي من تجربة مريرة جراء جائحة كوفيد-19 والتي هزت العالم من أقصاه إلى أقصاه، وتسببت في وفيات كبيرة غير تلك الأعراض التي ظهرت بعد ذلك وعزاها البعض للقاح فيروس كوفيد-19، وكان ينبغي هنا وضع خطة زمنية تكثف من خلالها التوعية ونشر الوعي بالحقائق والدراسات ومخاطر عدم أخذ اللقاح ونشرها بشكل يسهل تلقيه في جميع القنوات الإعلامية ومواقع التواصل ليسهل على الرأي العام تقبل الوضع.

الأهم من كل هذا وذاك دراسة الموضوع بتعمُّق من قبل المختصين بوزارة الصحة والأخذ بالاعتبار مصلحة المجتمع، لا سيما الأطفال منهم؛ فهُم جيل الغد، وعدم الانجرار خلف جشع الشركات المُنتجة للقاحات، وما تعلنه بعض المنظمات من بيانات قد تكون خالية من المصداقية.

دُمتم ودامت عُمان وشعبها المطاع بصحة وسلامة.

 

الأكثر قراءة