خفض الفائدة وآمال نمو الاقتصاد

حاتم الطائي

 

القرار الذي اتخذه البنك المركزي العُماني بخفض أسعار الفائدة المصرفية إلى 4.75% يمثل تطورًا بالغ الأهمية في مسيرة التنمية الاقتصادية، وينبغي ألّا تنتهي حدود هذه الخطوة عند مسألة امتثال البنوك بشكل ظاهري، كما يحدث كل مرة، في حين أنها- أي البنوك- تفرض في اتفاقيات القروض شرطًا يتضمن إمكانية رفع نسبة الفائدة في أي وقت؛ بل إنَّ هناك بنوك تفرض نسبًا مُضاعفة بحُجة ارتفاع نسبة المخاطرة!

لا شك أنَّ الرؤية الجديدة في البنك المركزي العُماني بعد إعادة هيكلته وإصدار القانون المصرفي وغيرها من القوانين الداعمة، تستهدف في الأساس تعظيم إسهامات المنظومة المصرفية في تحقيق التنويع الاقتصادي ودعم نمو الاقتصاد، من خلال زيادة إسهامات القطاعات المختلفة في نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ولذلك نرى ضرورة التزام البنوك والمصارف ومؤسسات التمويل المختلفة بالضوابط التي يضعها البنك المركزي، وأهمها سقف سعر الفائدة، والذي رغم تخفيضه ما يزال مرتفعًا قياسًا إلى معدل التضخم الذي لا يتخطى الواحد في المئة، وهي نسبة منخفضة وتؤكد الحاجة إلى مزيد من خفض سعر الفائدة، بما يضمن ضخ أموال أكثر في الأسواق.

والحديث عن القروض بشكل عام، ينقسم إلى صنفين؛ الأول القروض الشخصية والتي يحصل عليها الأفراد من البنوك ومؤسسات التمويل. أما الصنف الثاني فهي القروض الموجهة للقطاع الخاص. وبحسب آخر الإحصاءات، فقد بلغ إجمالي القروض والتمويل بالبنوك التجارية بنهاية يونيو الماضي، ما يزيد عن 34 مليار ريال، لكن ما تزال نسب الفائدة عند متوسط 5.487% وفقًا لأرقام البنك المركزي العُماني.

وفي ظل التحديات الاقتصادية التي نواجهها، سواء نتيجة للأوضاع الإقليمية أو الظروف المحلية، فإنَّ القطاع الخاص لن يتمكن من النمو وتوسيع أنشطته إلّا من خلال تقديم المزيد من التسهيلات المصرفية، فرُغم أنَّ الأرقام الخاصة بالقروض تبدو إيجابية وضخمة، لكنها أرقام تراكمية، بمعنى أنها تعكس الإجمالي الراهن للقروض، وليس فقط الذي صدر في النصف الأول من العام الجاري، وإذا ما فحصنا هذه الأرقام سنجد أن معدل الإقراض للقطاع الخاص دون المأمول؛ نظرًا للشروط التي تضعها المؤسسات المُقرِضة، وتتحول إلى عراقيل تعوق نمو القطاع الخاص، وهذا الأمر يُضعف من قدرة القطاع الخاص على استيعاب المزيد من المواطنين الباحثين عن عمل، بينما لو توفر له التمويل اللازم والسريع بأسعار فائدة منخفضة، لتحقق الكثير من النمو، ولأصبح القطاع الخاص قادرًا على توفير 50 ألف فرصة عمل سنويًا على الأقل.

ومن هُنا وفي ظل تراجع مستويات التضخم والانخفاض المستمر في أسعار الفائدة العالمية، وخصوصًا سعر الفائدة الأمريكية، نقترح على البنك المركزي العُماني أن يتبنّى طرح مبادرة نوعية تسهم في نمو القطاع الخاص، من خلال إطلاق حزمة تسهيلات مصرفية تتضمن أسعار فائدة لا تتجاوز 3% مع فترات سداد طويلة؛ الأمر الذي سيُساعد على توفير متطلبات النمو، ولا سيما في القطاع الصناعي القادر على خلق فرص وظيفية متعددة، لكن ينقصه التمويل الذي يُعينه على ذلك، وكذلك في القطاعات التي تُحقق قيمة محلية مُضافة. ونأمل من البنك المركزي العُماني أن يتشدد في أعمال الرقابة على المؤسسات المُقرِضة فيما يتعلق بالالتزام بسقف الفائدة المصرفية، لضمان إتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص للاستفادة من التمويل الذي يُعد ركيزة أساسية في أي نمو اقتصادي.

ويبقى القول.. إنَّ اتخاذ الإجراءات الكفيلة بنمو القطاع الخاص وفي مقدمتها خفض أسعار الفائدة، سيعود بالنفع على منظومة اقتصادنا الوطني، وسيُسهم في تحقيق العديد من المُستهدفات وأبرزها توفير فرص العمل، خاصةً وأن قضية التوظيف تستحوذ على الجانب الأكبر من التحديات التي نواجهها حاليًا.

الأكثر قراءة