◄ القرعة لم تكتفِ بتحديد الخصوم بل منحت "ملعبًا وجمهورًا" لطرف دون الآخر وفترة راحة أطول
أحمد السلماني
تترقب جماهير الكرة العُمانية والقطرية والإماراتية بشغفٍ بالغٍ مُباريات المُلحق الآسيوي المُؤهِّل إلى كأس العالم 2026، والتي ستُقام في العاصمة القطرية الدوحة خلال شهر أكتوبر المُقبل، وسط جدل واسع حول عدالة الترتيبات التنظيمية التي رافقت هذا الاستحقاق المصيري.
المباريات ليست مجرد مواجهات عادية؛ بل هي الأهم في تاريخ منتخبنا الوطني، خاصة بالنظر إلى أن نتائج مباراتيه قد تفتح باب الظهور التاريخي الأول لـ"برازيل الخليج" في المونديال. لكنّ التساؤلات تفرض نفسها بقوة: لماذا أُسند تنظيم مباريات بهذه الأهمية إلى قطر، وهي أحد أطراف الملحق ومنافس مُباشر، بدلًا من إقامتها في دولة محايدة تضمن تكافؤ الفرص؟ ولماذا لم يتم منح جماهير منتخبنا ومنتخب الإمارات نسبة عادلة من المقاعد تقارب المناصفة، بدلًا من وضعهم في خانة "الضيف" في مدرجات سيغلب عليها اللون العنابي؟
الجدل لا يقف عند هذا الحد؛ بل يتجاوز إلى اختيار إستاد جاسم بن حمد الصغير نسبيًا، رغم وفرة الإستادات المونديالية الضخمة في الدوحة. هذا القرار يصبّ عمليًا في مصلحة المنتخب القطري؛ إذ يضمن امتلاء الملعب بالجماهير المحلية وقربهم من أرضية الملعب، في مشهد أشبه بـ"أفضلية أرض وجمهور" مغلّفة بغطاء الملحق الآسيوي. فهل هذا يتوافق مع مبادئ العدالة الرياضية التي يرفع الاتحاد الدولي لكرة القدم شعاراتها صباح مساء؟
الأمر يزداد حساسية حين نعلم أنَّ إدارة المباريات أُسندت إلى حكام من القارة الآسيوية، وهي قارة اعتاد حكامها التواجد المتكرر في الملاعب القطرية خلال السنوات الماضية، ما يثير الشكوك حول الحيادية المطلقة. ألم يكن من الأجدر جلب طواقم تحكيم من خارج القارة، لتبديد أي ريبة وضمان أعلى درجات النزاهة في مُباريات قد تُحدد مصير أمة كروية بأكملها؟
الضرر واقع لا محالة على منتخبنا الوطني والمنتخب الإماراتي، وهو نفس الضرر الذي يعيشه العراق وإندونيسيا في المجموعة الأخرى التي تحتضنها السعودية؛ فالسيناريو يتكرر بذات الملامح، أفضلية للمُستضيف، وضغوط مُضاعَفَة على الضيف، وتكريس لفكرة أن القرعة لم تكتفِ بتحديد الخصوم؛ بل منحت "ملعبًا وجمهورًا" لطرف دون الآخر وفترة راحة أطول بين المباراتين.
في ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة المُلحَّة إلى تحرك قوي ووازن من الاتحادين العُماني والإماراتي، ليس فقط عبر البيانات الناعمة والاجتماعات الثنائية؛ بل عبر مخاطبات رسمية ضاغطة للاتحادين الدولي والآسيوي، للمطالبة برفع نسبة حضور الجماهير، ونقل المباريات إلى إستاد أكبر وأكثر حيادًا، واستقدام حكام من خارج آسيا.
الصمت لن يصون العدالة، والجرأة في الدفاع عن حق مشروع هي الطريق الوحيد لحماية حلم طال انتظاره، وإلّا فلتُمنح البطاقتان بشكل مباشر لقطر والسعودية.. وأريحونا!