◄ علينا أن نتعاطى مع ملف الباحثين عن عمل برؤية متكاملة حكومة ومجتمعًا
خلفان الطوقي
ملف العمل وخلق الفرص الوظيفية من أعقد الملفات في العالم بسبب وجود أطراف عديدة كجزء منه، وإرضاء أطرافه العديدة ليس بالسهل أبدًا، وهذا الملف ليس ملفاً اجتماعياً فحسب؛ بل يمتاز بأنَّه ملف اجتماعي واقتصادي وأمني وسياسي، من هنا يتضح أنَّ هذا الملف سوف يظل الملف القابع في قمة أولويات الأجندات الحكومية في كل بقاع العالم.
وعُمان ليست بمعزل عن العالم وعن هذا التحدي في خلق فرص وظيفية مستدامة جديدة؛ حيث يجد المتابع لأي بيان من بيانات مجلس الوزراء المُوقر، ملف الباحثين عن عمل على رأس النقاط المذكورة بالبيان، ودلالة ذلك ما تفضل به حضرة صاحب الجلالة سلطان البلاد المُفدّى- نصره الله وأعزه- أثناء ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حيث وجه جلالته بمضاعفة مبلغ مبادرات التوظيف إلى 100 مليون ريال عُماني، بعدما كان المبلغ المرصود 50 مليون ريال عُماني.
100 مليون ريال ليست مبلغًا بسيطًا من ميزانية الدولة، كما إنه ليس مبلغًا ضخمًا لكي نتوقع أنَّه سوف يحل جميع مشاكل التوظيف في السلطنة وخلال وقت قياسي، وعليه، لا بُد أن نكون واقعين في تطلعاتنا، وصرحاء مع أنفسنا، وتبقى أمانينا ألا يكون ملف الباحثين عن عمل هو الملف الأصعب والأوحد على الإطلاق، والسبب أن استحقاقات التنمية عديدة ومتنوعة.
100 مليون ريال عُماني (أي أكثر من 260 مليون دولار أمريكي) المرصودة لبرامج التوظيف والتدريب لسوق العمل يراد لها أن تكون أداة فعَّالة لحلحلة ملف التوظيف، بالرغم من أن البعض يراها حلا مؤقتا، وترحيل الملف لبعض الوقت، وإن كان ما يراه البعض هكذا، إلا أن البعض يرى أنها أداة إضافية فعَّالة، إضافة إلى الجهود الحكومية السابقة في حلحلة هذا الملف المعقد والمتشابك.
أياً من وجهات النظر قد تكون الأصح في طرحها، إلّا أنَّ أماني وتطلعات الجميع تتمنى أن يستغل هذا المبلغ خير استغلال واستثمار في توظيف العُمانيين، وأن لا يكون توظيفا شكليا، وأن لا تكتفى الحكومة بهذه الأداة المالية فقط، وأن تعلم بأنَّ هذا الملف أعمق وأصعب من الحلول الجزئية، وأن نعي جميعاً أن جميع المكونات المجتمعية هي طرف أصيل في هذا الملف القديم الجديد، وإن كُنَّا نتمنى كمجتمع من خلال مضاعفة المبلغ المالي المرصود لمبادرات التوظيف، أن يُحل ملف التوظيف بشكل كامل، غير أن الواقع يفرض علينا أن نُغيِّر الأُمنية لتكون واقعية ومستدامة، بحيث تكون في أن التعامل مع ملف الباحثين عن عمل بشكل متكامل حكومة ومجتمعًا، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته كلٌ فيما يخصه.